إسرائيل تبدأ تطبيق خطة تعليق البناء الجزئي لمستوطنات الضفة.. وسط غضب اليمين

باراك يأمر بتشغيل 40 مراقبا لتطبيق القرار.. الفلسطينيون يعتبرونها مسرحية.. ميتشل إلى المنطقة قد يحمل مقترحات لترسيم الحدود

عمال فلسطينيون يقومون باعمال البناء في مستوطنة قرب القدس (أ.ب)
TT

بدأت إسرائيل أمس بتطبيق الخطة التي أعلن عنها رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، بوقف البناء الاستيطاني بشكل جزئي في الضفة الغربية لمدة 10 أشهر، وتسلم رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية، أوامر رسمية تقضي بالتوقف عن إصدار تراخيص للبناء في مستوطناتهم، وإلغاء جميع تراخيص البناء التي صدرت لمبان لم يستكمل بناء أساساتها حتى الآن.

وأعلن وزير الدفاع أيهود باراك أنه أصدر تعليماته بتشغيل 40 مراقب بناء جديدا ليعملوا على تطبيق قرار الحكومة، وأوضح أنه سيتم تشغيل المزيد من المراقبين إذا اقتضت الضرورة.

وأعلنت وزارة الدفاع في بيان: «يوجد اليوم 14 مفتشا مكلفا بمراقبة حركة البناء في يهودا والسامرة (في الضفة الغربية)، وسيتم تدريب 40 آخرين ينضمون إلى العشرات من المفتشين لمراقبة تنفيذ قرار تجميد الإنشاءات الجديدة». وأضاف البيان أن تطبيق القرار «من مسؤولية الشرطة وحرس الحدود والإدارة (العسكرية)، وهو يقع ضمن الصلاحيات العامة للجيش الإسرائيلي».

وفي الوقت الذي اعتبر فيه الفلسطينيون الخطة الإسرائيلية عبارة عن حركة مسرحية ولا تحمل جديدا، ثارت ثائرة اليمين في إسرائيل، وتجمّع مئات من أعضاء حزب الليكود المعارضين لقرار رئيس حزبهم (نتنياهو) بشأن تعليق البناء في المستوطنات. وعُقد الاجتماع تحت شعار «الليكود الحقيقي لا يلتوي في مواقفه»، واتهم رون ناحمان رئيس مستوطنة أريئيل الكبيرة قرب نابلس، نتنياهو بالانجرار وراء طريق اليسار.

وشن وزراء الليكود هجوما على المجلس الوزاري المصغر الذي أقر تجميد البناء في المستوطنات، وقالوا إن القرار سيلحق أضرارا كبيرة بمشروع الاستيطان. ودعا وزير الاتصالات موشيه كحلون، وهو رئيس مركز حزب الليكود، نتنياهو بعقد جلسة لمركز الحزب لمناقشة مسألة تعليق أعمال البناء في المستوطنات. وتلقى كحلون عريضة وقعها المئات من أعضاء مركز الليكود الذين يطالبون بدعوة المركز إلى الاجتماع. وانضم النائب الليكودي داني دانون إلى كحلون، وتقدم بطلب لعقد جلسة لمركز حزب الليكود من أجل التصدي لقرار الحكومة.

وقال دانون في مقابلة إذاعية إنه يجب على نتنياهو أن يوضح للرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لا فرق بين القدس وأريئيل (مستوطنة كبيرة قرب نابلس). وأضاف: «أعتقد أن أوباما فقد مكانته كوسيط نزيه في المفاوضات مع الفلسطينيين».

وعبر وزير شؤون البيئة جلعاد اردان، الذي يعارض قرار تجميد البناء في المستوطنات، عن غضبه لعدم طرح هذا الموضوع على جدول أعمال الحكومة أمس، ورد مصدر سياسي كبير أنه لا لزوم لمناقشة هذا القرار في إطار جلسة مجلس الوزراء بعد أن صادق عليه المجلس الوزاري المصغر. وقال اردان: «إن الأوامر التي أصدرها باراك وتقضي بتجميد البناء قد تمس بشكل خطير حقوق الإنسان». وأضاف: «إن للوزير باراك أجندة سياسية يجب أن تواجَه بالتزام من جانب الوزراء بتعزيز عملية الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».

وحتى شاؤول موفاز، القطب البارز في حزب كديما، الذي يقوده رئيسة طاقم المفاوضات سابقا، تسيبي ليفني، انتقد قرار التجميد، وقال: «إن هذا القرار يساوي بين الكتل الاستيطانية محل التوافق والنقاط الاستيطانية العشوائية غير الشرعية». وعزا موفاز القرار المذكور إلى الضغوط الأميركية الشديدة التي مورست على إسرائيل والعائدة بدورها إلى النهج الرافض الذي سارت عليه الحكومة من ذي قبل.

أما وزير الإعلام يولي ادلشتاين فقال لنتنياهو إنه يجب عليه الالتقاء برؤساء المستوطنات، إذ لا يمكنه تجاهل ثلاثمائة ألف شخص يعيشون في هذه المستوطنات. ودعا ادلشتاين إلى دراسة إمكانية تعويض المستوطنين عن الأضرار التي قد تنجم عن تجميد البناء.

وقال افي نعيم رئيس بلدية مستوطنة بيت اريه في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية أمس إن أوباما «يكره اليهود، وهو معادٍ للسامية. إدارة أوباما هي الإدارة الأسوأ التي تواجهها أرض إسرائيل الكبرى، وأقول لباراك حسين أوباما إنه لن يستطيع وقفنا». وقال: «لقد تغلبنا على فرعون وأنطيوخوس (ملك السلاجقة في القرن الثاني قبل الميلاد) وصلاح الدين (الأيوبي)، وسنتغلب على أوباما».

وعلم أن نتنياهو سيلتقي برؤساء المستوطنات بعد عودته من زيارته لألمانيا التي يبدأها اليوم. وطلب نتنياهو من سكرتير الحكومة ترتيب لقاء له مع الوزراء الغاضبين ادلشتاين واردان وكحلون لإطلاعهم على قرار المجلس الوزاري المصغر والاستماع منهم إلى التداعيات المترتبة على تطبيق هذا القرار.

ولا يشمل قرار نتنياهو، بتعليق البناء الاستيطاني، وقف البناء في القدس أو مبانٍ حكومية أو مبانٍ جارٍ العمل بها. وقال نتنياهو عندما أعلن قراراه: «كنت قد وعدت بتمكين 300 ألف شخص من إخواننا (المستوطنين) بممارسة حياة طبيعية، وبالتالي فإننا لن نوقف مشاريع البناء السكني الجارية حاليا، كما سنواصل بناء الكُنس والمدارس ورياض الأطفال والمباني العامة الضرورية لمواصلة الحياة الطبيعية». وأضاف: «أما فيما يتعلق بالقدس، عاصمتنا السيادية، فإن موقفي معروف جيدا، حيث لن أفرض أي قيود على البناء الجاري في العاصمة».

واستبقت إسرائيل بقرارها زيارة مرتقبة لمبعوث عملية السلام الأميركي جورج ميتشل في محاولة أخرى لدفع عملية السلام، وحسب مصادر فلسطينية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن الأميركيين قد يدفعون باتجاه ترسيم الحدود خلال فترة الشهور العشرة، في خطوة من شأنها أن تمنع السلطة من الذهاب إلى مجلس الأمن لترسيم هذه الحدود، وتسمح للإسرائيليين كذلك باستئناف البناء الاستيطاني بعد ترسيم الحدود.

وتسعى إسرائيل لضم مستوطنات كبيرة في الضفة إلى حدودها على أن تعوض الفلسطينيين بأراض في النقب مساوية لحجم أراضي المستوطنات المراد ضمها، وهناك خلاف بين السلطة وإسرائيل على حجم هذه الأراضي، فقد قبلت السلطة بتبادل من 2 إلى 3% لكن إسرائيل تريد نحو 7%.

وكانت السلطة رفضت استئناف المفاوضات مع إسرائيل دون وقف الاستيطان، واعتبار مرجعيتها السياسية هي إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، بعاصمتها القدس، وقالت إنها ستذهب إلى مجلس الأمن لترسيم حدود الدولة، وهي خطوة ستواجه بفيتو أميركي. أما نتنياهو فكان واضحا للغاية، وقال في خطابه الذي أعلن فيه وقف البناء الاستيطاني: «عندما تنتهي فترة التعليق فستعود حكومتي إلى ممارسة سياسة البناء التي انتهجتها الحكومات السابقة».