عباس يعود من جولة أميركا اللاتينية بعلاقات مميزة مع شافيز.. بعد تدهورها مع أوباما

سياسي فلسطيني: أميركا لن تعطي أصدقاءها دولة.. بل تعطي أعداءها ليصبحوا أصدقاءها

TT

أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، زيارة لدول أميركا اللاتينية، بتعزيز علاقاته بشكل خاص بالرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، الذي يعتبر معارضا شرسا للسياسات الأميركية، وأحد أكبر المحرضين عليها.

وجاءت زيارة عباس لشافيز، بعد تدهور علاقاته بالولايات المتحدة، بعد أن اتهمها أبو مازن بأنها منحازة لإسرائيل، وتراجعت عن وعود سابقة بإجبار إسرائيل على وقف كامل الاستيطان قبل بدء العملية السياسية.

وكان الموقف الأميركي شكل إحراجا كبيرا لعباس الذي راهن كثيرا على هذا الموقف، فوجد نفسه غير راغب بالبقاء رئيسا، وأعلن أنه لن يترشح ثانية. وقال المحلل السياسي هاني المصري «لو كان أبو مازن على علاقة جيدة بأميركا لما ذهب لشافيز، مثلما فعل مع إيران». وأضاف لـ«لشرق الأوسط»: «هذا دليل على أن عباس غضبان من الإدارة الأميركية لعدم التزامها بوعودها السابقة، ولأنها تركته وحده فوق الشجرة بعدما صعدت به هي».

ويرى المصري أن عباس بدأ يفكر بأنه يجب أن يغضب أميركا حتى يحصل على ما يريد. وقال «أميركا لن تعطي أصدقاءها دولة، بل تعطي أعداءها ليصبحوا أصدقاءها». وحظيت زيارة عباس باهتمام الرئيس الفنزويلي بشكل كبير، وأفردت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية مساحة كبيرة لتغطية الزيارة، وقلد شافيز الرئيس الفلسطيني وسام الحرية من الدرجة الأولى كما أهداه سيفا تذكاريا صمم على صورة سيف القائد الجنوب أميركي التاريخي سيمون بوليفار.

وقال شافيز لعباس: «أقدم أقوى التزام وأقوى تضامن من جانبنا لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها مدينة القدس المقدسة.. إننا إلى جانب النضال البارز للشعب الفلسطيني.. ضد دولة الإبادة الجماعية إسرائيل التي تهدم وتقتل وتهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني». ورد عباس «نرحب بموقفكم المؤيد للقضية الفلسطينية ولا غرابة لأنك وريث المناضل الكبير سيمون بوليفار، أبو استقلال عدد من دول أميركا اللاتينية بما فيها فنزويلا».

وذهب عباس إلى النصب التذكاري لبوليفار في كاراكاس، ووضع إكليلا من الزهور، وسبق ذلك، استعراضه لحرس الشرف، على أنغام عزف النشيدين الوطنيين الفلسطيني والفنزويلي.

وقررت فنزويلا رفع التمثيل الدبلوماسي مع فلسطين إلى مستوى السفارة، وقال شافيز «لقد قررنا تعيين سفير وفتح سفارة في فلسطين. لدينا هناك الآن قائم بالأعمال وإننا سنسمي السفير في الأيام القليلة المقبلة، وذلك كجزء من اتفاقنا على تعزيز العلاقات الثنائية». ووقعت فنزويلا مع السلطة ثلاث اتفاقيات تعاون، تتضمن تقديم منح للطلاب الفلسطينيين من ضمنها عشرون منحة لدراسة الطب في فنزويلا، ووضع مشاريع وبرامج مشتركة في مختلف مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والزراعية والعلمية والثقافية وتبادل تجاري واقتصادي، بما يضمن تعزيز التنمية الاقتصادية.

وحمل عباس معه لشافيز خرائط تظهر كيف تحولت الضفة إلى كنتونات بسبب الاستيطان الإسرائيلي، وكيف حوصر قطاع غزة، وأمر شافيز وزير التربية والتعليم الفنزويلي أن يوزع الخرائط، على المدارس، ووصف الوضع بأنه أشبه بـ«معسكرات اعتقال». وتابع: «نحن الفنزويليين يجب أن نكرس كل ما في قلوبنا وأرواحنا من قوة لإقامة دولة فلسطينية. ففنزويلا هي فلسطين، وفلسطين هي فنزويلا، ولدينا نضال مشترك». وألقى عباس أمام البرلمان الفنزويلي، أحد أقوى خطاباته، في جولته التي قادته إلى البرازيل والأرجنتين وتشيلي وباراغواي وفنزويلا، وقال عباس، «لا يوجد شعب زائد بل دولة ناقصة هي فلسطين». وأضاف عباس في خطابه أمام الجمعية الوطنية الفنزويلية (البرلمان) التي التأمت خصيصا للاحتفال بفلسطين، «أنه بعد 61 عاما من النكبة آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يعيش بأمن وسلام في دولته المستقلة ذات السيادة والتي ستكون ركنا أساسيا من أركان الأمن والسلام والاستقرار في منطقتنا وفي العالم بأسره».

وأعلن عباس أنه «لا يمكن أن نقبل بمفهوم حكومة إسرائيل الحالية، المفاوضات على أساس أن إسرائيل تفعل ما تشاء على الأرض وبإمكاننا أن نقول ما نشاء على الطاولة». وعقب عباس على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، قبل يومين حول تجميد الاستيطان قائلا، «إنه لم يحمل في طياته أي جديد، لأن الاستيطان سوف يستمر في الضفة الغربية والقدس التي تم استثناؤها من القرار، ولأن رئيس الوزراء لم يلتزم باستئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها في ديسمبر (كانون الأول) 2008». وتابع: «كان أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يختار ما بين السلام والاستيطان، فاختار للأسف الاستيطان».

وجدد عباس القول «إن السلطة تجري مشاورات مع الدول العربية ومع مجموعة الدول اللاتينية والأفريقية والأوروبية والآسيوية، وفي المستقبل مع الإدارة الأميركية حول إمكانية الذهاب إلى مجلس الأمن بهدف ترسيم حدود دولة فلسطين على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، بعاصمتها القدس الشرقية». ومضى يقول «هذا هو هدفنا الذي سنستمر في السعي إليه.. دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع دولة إسرائيل بأمن وسلام».