قضاة الموصل يشكون: الجماعات المسلحة تستهدفنا.. وكذلك أصحاب القضايا الشخصية

قاضي التحقيقات: يمكن أن أتعرض للقتل في أي لحظة

TT

تعتبر مدينة الموصل الشمالية، مركز محافظة نينوى، من أخطر مدن العراق وآخر معاقل الجماعات المسلحة خاصة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وبينما الكل مهدد في المدينة، يبدو أن لقضاتها نصيب الأسد من التهديدات، والكثير منهم راحوا ضحايا لاعتداءات.

ومثل غيره من القضاة في كل مكان، يسير قاضي التحقيقات الرئيسي في الموصل بخطى سريعة وتتكدس على مكتبه تلال الملفات ويتحرك عشرات الزوار أمام مكتبه جيئة وذهابا.

لكن ما يميزه عن غيره من قضاة العالم هو التهديدات بالقتل التي تلقى من تحت بابه والرصاصات التي تطلق داخل قاعة المحكمة والعدد المتزايد من نظرائه القضاة الذين يقتلون.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن من بين 70 قاضيا في المدينة يبرز القاضي كهدف رئيسي للاغتيال بالنسبة للجماعات المسلحة وآخرين غاضبين من أحكامه ـ الأمر الذي يشير إلى التحديات التي يواجهها العراق في الوقت الذي يحاول فيه إرساء حكم القانون بعد سنوات من الحرب وإراقة الدماء.

وقال القاضي البالغ من العمر 60 عاما، بينما كان يجلس وراء مكتب خشبي في مكتبه بقاعة المحكمة ويسرد أسماء زملائه القضاة الذين قتلوا، إنه يمكن أن يتعرض للقتل في أي وقت. ورفض نشر اسمه خشية الاقتصاص منه. وأضاف أن جميع قضاة الموصل يتلقون تهديدات. وأضاف أنه يتلقى اتصالات هاتفية أو يبعث إليه برسائل تفيد «إذا لم تفرج عن هذا السجين فسنقتلك أو نضع قنبلة أمام منزلك».

وقال مسؤول من فريق إعادة الإعمار الأميركي بالمحافظة، والذي يعمل مع القضاة، إن الشهر الماضي وحده شهد أربع هجمات على الأقل على قضاة في الموصل أو المناطق المحيطة بها. فقد انفجرت قنبلة زرعت على الطريق في موكب قاض، وأطلق النار على آخر في مسجد، وأطلق مسلحون النار على ثالث خلال قيادته سيارته في الطريق إلى عمله. وأطلق الرصاص على الرابع مرتين في الكتف أمام منزله، لكنه نجا بعد أن زحف إلى منطقة آمنة.

وقال مسؤول إعادة الإعمار الأميركي الذي رفض أيضا نشر اسمه «النظام القضائي هو أساس أي مجتمع منظم. لذلك يخرج الإرهابيون لترويع القضاة».

وكل ذلك مقياس لما يحدث في الموصل إحدى أخطر مدن العراق. وربما يكون عدد الهجمات الانتحارية، قد تناقص لكن الجماعات المسلحة مثل «القاعدة» تواصل إطلاق النار والقتل والابتزاز. ويعني تنوع سكان المدينة بين العرب والأكراد والمسيحيين والتركمان أن التوترات واردة ودائما والعداوات شائعة. وأصبح القضاة أهدافا أسهل منذ تولى القضاة المحليون مسؤولية النظر في القضايا من القضاة الزائرين القادمين من بغداد.

وحرصا على ضمان ألا يخرج النظام القضائي الهش في العراق عن مساره يعكف مسؤولون أميركيون على تدريب سكان محليين على العمل حراسا شخصيين للقضاة. لكن تدريبا أساسيا أجري خارج محكمة بالموصل، أظهر تدني مستوى التعلم. وأحاط أربعة حراس مفترضين بقاضيهم ولوحوا ببنادق الكلاشنيكوف وارتسمت على وجوههم الصرامة، لكنهم اصطدموا بتهور بكيس من الرمل وعلبة معدنية يمثلان قنبلتين افتراضيتين مزروعتين على طريق. وقال السارجنت جيمس هولترمان أحد المدربين الأميركيين «نصفهم لم يمسك ببندقية من قبل.. لذا لدي أشخاص في تدريب الرماية لم يمسكوا ببندقية من قبل». وشكا من أنهم كحراس مدنيين ليس مسموحا لهم بحمل أسلحة وأن البنادق الكلاشنيكوف المعروضة مستعارة. وأضاف «كيف يمكننا حماية أي شخص دون بنادق.. سيطلقون علينا النار عند نقاط التفتيش إذا حملنا أسلحة».

والمسلحون ليسوا مبعث القلق الوحيد. فقد قال مسؤولون أميركيون إن ضابطا بالجيش العراقي دخل الأسبوع الماضي، مكتب قاضي الموصل مطالبا إياه بإصدار مذكرة اعتقال وأطلق النار في الهواء عندما رفض القاضي. وثمة قضية أكثر إرباكا على الأمد الطويل، وهي نوع القضايا التي تتراكم أمام القضاة يوميا. وقال القاضيان إن نحو 70 في المائة منها تفتقر إلى أي دليل والكثير منها تحركها النزاعات الشخصية. وتابع القاضي أن هناك قضايا كثيرة مجرد هراء ومختلقة من أجل الانتقام مسترجعا كيف حاول موصلي جعل آخر يعتقل برفع قضية ضده لأن كليهما يحب نفس الفتاة.