الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي: تجربة «المناصحة» السعودية ينبغي تعميمها على الدول الإسلامية

أوغلي لـ «الشرق الأوسط»: التشرذم الفلسطيني لن يخدم القضية ونتمنى نجاح مبادرة القاهرة

البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

طالب البروفسور أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بضرورة تعميم التجربة السعودية في التعامل مع الشباب المغرر بهم من قبل الجهات الراعية للإرهاب المعروفة باسم برامج «المناصحة» على مستوى الدول الإسلامية.

ورغم اعتباره أن الدول الإسلامية نجحت في فصل الإرهاب عن الإسلام، إلا أنها فشلت في الحد من تنامي الظاهرة التي بدأت تتسع، معربا عن اعتقاده بأن الإرهاب ينمو وفقا لأوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية.

وقال البروفسور أوغلي في حوار مع «الشرق الأوسط» في لندن، إن ظاهرة الإرهاب تحتاج إلى نوع من الاجتهاد الفكري أو العقلاني، يتمثل في اتخاذ المجتمعات والدول الإسلامية مبادرات طويلة المدى من أجل القضاء على الظاهرة جنبا إلى جنب مع التدابير الأمنية.

* يرى الكثيرون أن قرارات المنظمة التي تصدرها في مختلف المناحي لا تتعدى الورق المكتوبة عليه، كيف تردون على ذلك؟

ـ أعتقد أن هذا يرتبط بالصورة القديمة للمنظمة، أعتقد أن صورة المنظمة اختلفت الآن بعد تلك الصورة القديمة، التي انطوت منذ نحو ست سنوات، الآن المنظمة تتخذ قرارات وتنفذ هذه القرارات، مثلا يوم 3 يناير (كانون الثاني) من بداية هذا العام، عندما وقع الاعتداء الإسرائيلي على غزة، اجتمعت اللجنة التنفيذية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ودعت مجلس حقوق الإنسان للاجتماع وإرسال بعثة هيئة تقصي حقائق إلى غزة، واجتمع مجلس حقوق الإنسان واتخذ قرارا تم بناء عليه إرسال غولدستون، والآن قراره تمت الموافقة عليه في مجلس حقوق الإنسان، ومرة أخرى نؤكد أن هذا الأمر انطلق من مجلس المنظمة، فالمنظمة تتخذ القرارات وتطبقها على أرض الواقع. وهناك قرارات كثيرة في مجالات مختلفة منها السياسية أو الاقتصادية وفي مجال العلوم والتكنولوجيا وهذه تُعنى بها المنظمة عناية كبيرة. تلك الصورة القديمة أصبحت الآن في خبر كان.

* قلتم في حوار سابق إن المنظمة باتت وسيلة لتنفيذ سياسات معينة للدول الأعضاء، كيف ذلك؟ وما هي نوعية تلك السياسات؟

ـ بمعنى أن الدول أصبح لديها تنسيق مواقف أكثر في الأمم المتحدة، في مجلس حقوق الإنسان، ونحن نسعى لتحقيق هذا أيضا في اليونسكو، وفي كل المنظمات الدولية. نحن 57 دولة وذات ثقل كبير، نحن الآن نسعى لتحقيق هذا الثقل، وهذا المعنى يتأكد في كثير من المجالات التي أشرت أعلاه فيها ببعثة تقصي الحقائق إلى غزة وتقرير غولدستون، ويمكن الإشارة إلى القرارات الخاصة بصراع الأديان وما إلى ذلك، وهي جميعا صارت نتيجة للتعاون بين الدول الأعضاء.

الآن المنظمة في سبيل تأكيد وجود الدول الإسلامية ودول المنظمة أكثر تأثيرا وفاعلية مما كانت عليه من قبل.

* هل هذا يعني تنازل الدول الأعضاء عن بعض الجوانب السيادية لصالح المنظمة؟

ـ لا طبعا، لا يمكن هذا، فلا توجد منظمة في العالم تعلو على إرادة الدول وأي منظمة دولية هي في سياساتها وقراراتها إنما هي محصلة للتوافق الذي يتم بين الدول، حتى الأمم المتحدة والجمعية العمومية ومجلس الأمن لا يوجد لأي منها قدرة على المساس بسيادات الدول التي تعد هي الأساس، وأن التوافق بين الدول هو الذي يؤكد هذا المعنى.

* ماذا فعلت المنظمة لوقف النزيف الجاري في أفغانستان والصومال؟

ـ نؤكد أن المنظمة قامت بعمل أساسي في الصومال، وهي كانت من أوائل المتصلين بالفرق المختلفة وهي أول من قامت بإقناع الدول الغربية بالتعاون مع الشيخ شريف، وإقناع الأخير بالتعاون مع المجتمع الدولي، وفي الوقت ذاته جعلنا الشيخ شريف ينتقل من الطرف إلى الوسط، الآن نحن نسعى من أجل تحقيق تفاهم أكثر بين الفصائل الثلاثة، وهذا أمر ليس باليسير ولكنا نسعى من أجل تطبيقه.

في أفغانستان قامت المنظمة بدور أساسي بعد الغزو السوفياتي، والآن يبدو أننا بصدد صفحة جديدة، نريد أن نؤكد وقوف الدول الإسلامية التي تجاور أفغانستان معها، لأن التدخل العسكري لم يؤد إلى حل إنما زاده تعقيدا، ولذلك نعمل على جمع الدول المحيطة بأفغانستان حتى نقوم بدور في هذا الاتجاه.

* تراهن الدول الإسلامية ـ بشكل عام ـ على إذعان إسرائيل لفكرة إعادة الحقوق الفلسطينية السليبة لمكافأتها بإقامة سلام وعلاقات متكاملة، ما مدى إيمانكم بإمكانية تحقق ذلك؟

ـ أعتقد، بالنظر إلى تاريخ إسرائيل منذ قيامها إلى الآن، لا يوجد أي دليل على أن الإذعان بمعنى الاقتناع الفكري أو السلمي أو الإقناع السياسي، يمكن أن يؤدي إلى مواقف من طرف إسرائيل، وأعتقد أن ما يؤدي إلى ذلك هو قوة الطرف الفلسطيني، من الناحية السياسية أو من ناحية المجريات على أرض الواقع، ولذلك فالإذعان من الطرف الإسرائيلي ليس هو الأسلوب السليم لحل هذا المشكل، والأسلوب السليم هو أن تكون هناك قوة موحدة في فلسطين، وأن تتجاوز الفصائل خلافاتها لتقف قوة سياسية واحدة.

* إذن ماذا فعلت المنظمة لرأب الصدع الفلسطيني الفلسطيني؟

ـ تعرفون أن المنظمة قامت في ديسمبر (كانون الأول) 2006، كانت أول جهة قامت بجمع شمل الفصائل، وقمت أنا بزيارات مكوكية بين رام الله وغزة ودمشق، وقابلت الرئيس أبو مازن والسيد هنية والسيد خالد مشعل، واستطاعت المنظمة أن تجمع شمل هؤلاء، وأول وثيقة تمت الموافقة عليها أعدت بواسطة المنظمة أيضا، وتلا ذلك لقاء مكة الأساسي تحت رعاية المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين، وكان اتفاقا إطاريا واسع المدى، وكنا نتمنى أن يستمر هذا الوفاق ولكن للأسف الشديد، حدثت تدخلات وتجاذبات بين الفصائل وصلت إلى حالة تشرذم في الموقف الفلسطيني وعدم تكاتف القوى، وهذا يؤدي إلى الضعف.

نحن نتمنى للمصالحة الكبيرة التي تمت في القاهرة أن تنجح وأن يكون هذا بداية توحيد في الصفوف، وأن يعقب ذلك انتخابات نزيهة سواء على المستوى البرلماني في المجلس التشريعي أو على المستوى الرئاسي.

* قضية الملف النووي الإيراني لا تزال تراوح مكانها، هل للمنظمة رؤية محددة لإيجاد مخرج لهذه القضية، وما هي جهودكم مع المجتمع الدولي والحكومة الإيرانية في هذا الصدد؟ وما موقفكم من امتلاك إيران لسلاح نووي؟

ـ أولا نحن مع كل الدول التي تريد امتلاكها نحن نؤيد حق الدول التي تريد امتلاك قدرات تكنولوجية نووية سلمية، ونحن ضد انتشار السلاح النووي، ونرى أن من حق كل دولة أن تمتلك هذه القدرات التكنولوجية النووية السلمية بالشروط الدولية المعترف بها باتفاقيات عدم انتشار الأسلحة النووية وبروتوكولات وكالة الطاقة الذرية وغيرها، ومن هذا المنطلق نحن نعتقد أن إيران لها هذا الحق ونحن ندافع عنها، وفي نفس الوقت نرى أن على إيران وغيرها من الدول أن تلتزم بهذه الاتفاقيات، وننصح المجتمع الدولي ألا يتجه نحو المواجهة، لأن المواجهة تؤدي إلى تصرفات خاطئة، وهي لن تكون في مصلحة المجتمع الدولي.

* ما هي النتائج السلبية التي قد تنجم عن الهجمات على مسجد الأقصى وما هي الخطوات التي يجب أن تتخذها الأمة الإسلامية لحماية مقدساتها؟

ـ أنا أعتقد أن المسجد الأقصى يمثل خطا أحمرا بالنسبة للأمة الإسلامية، لأنه مكان مقدس، وهو أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وهذا مكان الإسراء والمعراج لرسولنا صلى الله عليه وسلم.

بالمنسبة لنا في منظمة المؤتمر الإسلامي كان حريق الأقصى في العام 39 هو الوسيلة التي أدت إلى إنشاء المنظمة.

اللجنة التنفيذية اجتمعت في الفترة الأخيرة، واتخذت عدة قرارات من أجل دعم الحق الفلسطيني في القدس، ونحن بصدد العمل من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن يحافظ على الهوية التاريخية للمدينة المقدسة، ونسعى الآن من أجل تحقيق هذا الهدف.

* ما هو دور المنظمة في توفير الأمن والاستقرار في الدول الأعضاء، وهل هناك نية لتكوين قوة عسكرية أو نحوها في هذا المجال؟

ـ في منظمة المؤتمر الإسلامي الآن هناك اتجاه لدى العديد من الدول أن تطور مواقفها من أجل أن تتخذ من آليات أكثر تأثيرا في تحقيق الأمن والاستقرار وحل المشاكل والنزاعات، ولذلك اتخذ المؤتمر الوزاري الأخير الذي انعقد في دمشق بتشكيل لجنة خبراء لدراسة هذا الأمر، ونحن الآن نعمل من أجل عقد هذا الاجتماع والأمانة العامة قدمت ورقة في هذا الأمر تطرح الاحتمالات المختلفة وما زال الأمر في طور الدراسة ولكن هناك رغبة أكيدة لتحقيقه.

* هل هناك إصلاحات أخرى جوهرية في هيكلية أو مكاتب المنظمة؟

ـ الإصلاح في المنظمة بدأ منذ يناير (كانون الثاني) 2005 منذ أن باشرت عملي أمينا عاما وهناك قدر كبير من الإصلاح داخل الأمانة العامة ومكاتبها وآلياتها وذلك بتغيير ثقافة العمل ورفع مستوى العاملين إلى كفاءات دبلوماسية وأكاديمية عالية، لدينا الآن مجموعة من السفراء والدبلوماسيين ذوي الخبرة الدولية ولدينا أيضا مجموعة من الأكاديميين من ذوى الخبرة الأكاديمية الرفيعة في قضايا العالم الإسلامي، لدينا الآن مهنيون من مختلف المجالات، في الإعلام، ومجال الأقليات، والثقافة، والعلوم والتكنولوجيا.

مكاتبنا في الخارج تم تغييرها وتم تعيين شخصيات ذات كفاءة عالية، وفتحنا مكتبا في بغداد، والآن نحن بصدد فتح مكتب في بروكسل لدى الاتحاد الأوروبي. وتم إصلاح مجمع الفقه الإسلامي وتغيير نظامه الأساسي، وانتهينا أخيرا من النظام الأساسي لوكالة الأنباء الإسلامية وتعيين شخص كفء ذي خبرة عالمية في وكالات دولية، وأستطيع القول بأن هناك عمل يجري ولكنه لم يتم لأنه عمل طويل، فالمنظمة لها نحو 40 عاما منذ تأسيسها، ولكن هناك ميراثا من الإيجابيات ومن السلبيات، نحن نريد أن نزيد من الإيجابيات ونقلل من السلبيات.

* هناك توجه لتغيير اسم المنظمة وميثاقها، لماذا، وهل سيؤثر ذلك على توجهاتها، أو يعدل من مسارها؟

ـ عندما شرعنا في تغيير الميثاق وتعديله تعديلا جوهريا كانت هناك أفكار مطروحة لتغيير اسم المنظمة، وكان ذلك من ضمن الاقتراحات التي تقدمت بها، ولكن عددا من الدول الأعضاء فضلوا إبقاء الاسم على ما هو عليه، أنا شخصيا كنت من الذين يريدون التغيير ولكن، عندما لا توافق الدول فالأمين العام لا يستطيع أن يفعل شيئا.

* أصبحت ظاهرة التجني على الإسلام ظاهرة مقلقة سائدة في عدد من المجتمعات، وتُفردُ لها منظمة الأمم المتحدة اجتماعات خاصة. وصار كثير من المسلمين ـ في معظم الأحيان ـ متهمين وهم أبرياء، وأصبح الإسلام والإرهاب توأمان أو قرينان، ما هي جهودكم في هذا الخصوص؟

ـ المنظمة قامت بجهود مكثفة في هذا المجال، واستطعنا أن نصل إلى نتائج، ففي مجال الإرهاب، وصلنا إلى نقطتين، أحداهما جيدة والأخرى سيئة. النقطة الجيدة هي أننا نجحنا في الفصل بين علاقة الإرهاب بالإسلام، الآن من النادر أن تجد من ينسب هذه الأعمال الإرهابية إلى الإسلام، لأننا نجحنا في سياسة معينة فصلنا بين ادعاء الإسلام والانتماء إلى الإسلام، العمليات الإرهابية تدعي انتماءها إلى الإسلام ونحن فصلنا هذا ونجحنا في إقناع الناس على مستوى دولي في فصل العلاقة، فأصبح الإرهاب هو الإرهاب، هذا عنف يعني أنه عنف ولا علاقة لهذا بالإسلام.

الذي فشل فيه العالم الإسلامي ككل، هو أن ظاهرة الإرهاب بدأت تنتشر أكثر، وإذا نظرت إلى خريطة العالم الإسلامي اليوم، ونظرت لها قبل عشر سنوات لوجدت أن هذه النقاط الساخنة كانت نقطة أو نقطتين، الآن للأسف الشديد أن هذه النقاط قد توسعت، وهذا الأمر يقلقنا بشكل كبير، الإرهاب هو خطر داهم لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه أو يتحسب إليه، هو خطر دائم كامن في الظلام، ولا يدري أحد متى يقفز في الظلام لكي يدمر الحياة البشرية ويدمر المجتمعات والدول.

وأنا أعتقد اعتقادا جازما أن الإرهاب له علاقة بأوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية في بعض البلاد وأن له جذورا تغذيه من الإحباطات النفسية لشباب معين في أعمار معينة، وأيضا نجاح بعض البؤر التي تتغذي من هذه الآيديولوجيات مستغلة عناصر دينية خارج السياق، مثل استخدام الآيات القرآنية التي تدعو إلى الجهاد وإلى القتال هذه تستخدم وتفسر خارج السياق الذي أنزلت فيه أو خارج السياق التاريخي أو خارج القواعد الفقهية المتفق عليها في المذاهب الإسلامية السليمة، وهناك الآن أصبح شيئا من التفسيرات المتشددة أو التفسيرات الراديكالية التي يستخدمها أولئك الذين يعملون من أجل نشر الإرهاب من أجل تحقيق أهداف سياسية محددة، فهذه الظاهرة معقدة يجب أن ننظر إليها بشكل دقيق وتحتاج إلى تحليل كبير، وفي نفس الوقت نحتاج إلى نوع من الاجتهاد الفكري أو العقلاني الذي يدعو إلى أن تتخذ المجتمعات الإسلامية والدول الإسلامية مبادرات طويلة المدى من أجل القضاء على ظاهرة الإرهاب ليس فقط بالتدابير الأمنية، لا شك أن هناك حاجة أساسية للتدابير الأمنية ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا، ولكن يجب أن يكون هناك بعض الإجراءات الأخرى بالذات للمدى الطويل.

* ألا يمكن أن نأخذ برامج المناصحة التي اتخذتها السلطات السعودية في تعاملها مع العائدين من إرهاب نموذجا لهذه التدابير؟

ـ نعم، برامج المناصحة هذه فكرة أساسية، وهي تغطي جزءا كبيرا من الأشياء التي أشرت إليها، بمعنى أنها تذهب إلى هؤلاء الشباب المغرر بهم على أسس دينية، وتبين لهم قواعد الحكم الشرعي، وأن التفسير الذي يسيطر على أفكارهم تفسير غير سليم شرعا، النقطة الثانية هي أن تشعرهم بانتمائهم الاجتماعي، وإلى مجتمعاتهم وأنهم ليسوا منبوذين وليسوا مطرودين ولكنهم أبناء المجتمع، والمجتمع يضمهم إلى صدره، النقطة الثالثة هي النقطة السيكولوجية، بمعنى أن الشباب في هذه المراحل يسهل إقناعهم، أو تغريرهم لظروف معينة يمر بها الشباب في أي مكان في العالم.

لذا فأنا أعتقد أن برامج المناصحة هذه هي برامج بناءة وتهدف إلى خير كبير، ورأينا نتائج إيجابية لها ونتمنى لها أن تستمر، على نطاق أوسع، ونتمنى لها أن تستمر في أكثر من بلد، وأعتبر تجربة المملكة العربية السعودية في هذا الصدد تجربة رائدة.

* إذن، ما مدى إمكانية مساعدة المنظمة في نقل هذه التجربة إلى الدول الأخرى؟

ـ نحن نرى أن موضوع الإرهاب يستحق وقفة من العالم الإسلامي لتدارسه، ونعتقد أن إطار منظمة المؤتمر الإسلامي هو إطار سليم من ناحية وجهة النظر في هذا، بأن هذه التجربة الرائدة ستكون محل دراسة وتقدير من الجميع.

* هل يمكن أن توجه المنظمات الدولية لإقرار مشروع قرار ينص على حظر استعمال أي اصطلاحات أو أسماء تقرن الإرهاب بأي دين من الأديان؟

ـ اتخاذ قرارات دولية مجبرة في هذا الصدد أو في أي شأن آخر ليس بالأمر اليسير، ولكن كما أسلفت الآن، بتوضيح الأمر للمجتمع الدولي نرى أن كثيرا من المؤسسات الغربية أصبحت لا تقرن هذه العمليات الإرهابية بالإسلام، وإذا استطعنا نحن في المنظمة وأيضا في خارج المنظمة من توضيح هذه المسائل للرأي العام الغربي بشكل جيد، يمكن لنا أن نتجاوز هذا المشكل، لكن العمل من أجل استصدار تشريعات دولية مجبرة للآخرين في ضوء القواعد والتشريعات الدولية يعتبر أمرا صعبا. أي لا يمكن للمنظمة بدون التعاون مع مجموعات التصويت الكبرى أن تصل إلى هذا الغرض، ولكن يمكن عن طريق الإقناع أن نصل إلى هذه الطريقة، وأعتقد أننا حققنا قدرا لا بأس به.

* ذكرتم في أحد لقاءاتكم أن هناك برتوكولا للتعاون بينكم وبين جامعة الدول العربية، فما مدى درجة التعاون بين الجانبين؟

ـ الآن هناك وفد يتجه إلى مصر قريبا برئاسة الأمين العام المساعد للشؤون السياسية وعضوية مجموعة من الزملاء من مختلف الإدارات لدراسة أوجه التعاون في المجالات السياسية ومجال الإسلاموفوبيا، وعدد من المجالات الأخرى، وقد سبق أن وقعنا اتفاقية تعاون بين الجانبين.

* الحرب الجارية الآن في اليمن ودخول الحوثيين للأراضي السعودية، ما هو موقفكم في مثل هذه الاعتداءات، وهل تكتفون بإصدار البيانات؟

ـ نحن أدنا تجاوزات الحدود، والاعتداء على سيادة أي دولة، ويجب أن يحترم الجميع سيادة الدول على أراضيها، ووحدة ترابها.

وأود أن أشير هنا إلى أنني قمت بزيارة أخيرا إلى اليمن والتقيت بالرئيس علي عبد الله صالح وضمنا لقاء صريح جدا، وتحدثنا في جوانب مختلفة، ونحن نسعى لرأب الصدع وجمع الشمل، وتقوم المنظمة أيضا بأعمال إنسانية لأجل مد يد العون إلى النازحين وتلبية احتياجاتهم الأساسية كما ذهب إلى هناك وفد كبير من المنظمة، والآن هناك تحركات كبيرة لإرسال إمدادات إنسانية، ما أريد قوله أننا نقوم بأعمال كثيرة، وهذا العمل مستمر.

* هذا يقود إلى سؤال آني وملح، ما هي جهود المنظمة في التقريب بين المذاهب الإسلامية؟

ـ نعم، هذا موضوع أساسي، لأول مرة في التاريخ الإسلامي السياسي المعاصر، تتم المساواة بين ثمانية مذاهب، هي المذاهب السنية الأربعة، المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية، واثنان من المذاهب الشيعية، وهي الزيدية والجعفرية ـ الاثني عشرية ـ والمذهب الإباضي والمذهب الصاحج، تلك المساواة تمت في قمة مكة المكرمة التي دعا لها خادم الحرمين الشريفين في عام 2005، وكانت قمة تاريخية، واستصدرت قرارات تاريخية، على رأسها الخطة العشرية، وفي قرارات مكة كان قرار المساواة بين المذاهب هو أكبر حدث ديني في تاريخ الإسلام السياسي المعاصر.

أنا أقول إنه لا يجب أن نحول الدين والمذاهب إلى سياسة وإلى آيديولوجيات، وألا نجعل هذه السياسات والآيديولوجيات تتصارع ونظهرها على أنها صراع بين المذاهب والآيديولوجيات، ومن فضل الله تعالى أننا في المنظمة نجحنا في أكتوبر (تشرين الثاني) 2006 في جمع الزعماء الدينيين للسنة والشيعة في مكة المكرمة، ونجحنا في أن نحقق تفاهما بينهما لنبذ البغضاء المبنية على المذاهب وكلهم وافقوا على اتفاقية من 10 نقاط.

هذه الاتفاقية كانت البداية لتحقيق التفاهم والهدوء بين السنة والشيعة في العراق، الآن لا يوجد في العراق هذا النزاع الطائفي أو الصدام الدموي الذي كان، هناك بعض الأعمال الإرهابية تتم ولكنها ليست مبنية على أساس ديني أو مذهبي، فعلى الأقل نحن نجحنا هنا في مكان معين، ونتمنى أن نستمر في هذا الأسلوب، لأن في ذلك خيرا كبيرا للأمة الإسلامية.

* تبنت المنظمة شعار الاستثمار أطفال العالم الإسلامي، وتم إنشاء اللجنة الإسلامية لحقوق الطفل النابعة من عهد «حقوق الطفل في الإسلام» الذي أطلق في عام 2005 في صنعاء وفي مؤتمر مكة المكرمة، لوضع الاستراتيجيات الخاصة بالطفل في العالم الإسلامي لتطبيقها خلال السنوات العشر القادمة، الآن، وبعد مرور أربع سنوات أين وصل الأمر؟ ـ سأحضر في القاهرة مؤتمرا دوليا كبيرا على المستوى الوزاري في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي حول الطفل، وهناك وثائق مقدمة وعمل نشيط جدا في هذا الصدد يتم، وتم افتتاحه يوم الاثنين (الماضي) تحت رعاية السيدة سوزان مبارك.

* كيف يمكن تفعيل دور الدول الإسلامية في مجلس الأمن، خاصة وأنها تمثل خمس سكان العالم، وماذا بشأن الدول التي انضمت للمنظمة بصفة مراقب؟

ـ بالمناسبة، أصبحوا الآن ربع سكان العالم. أولا الآن بين الأعضاء غير الدائمين أربع دول من منظمة المؤتمر الإسلامي، كما أنه بين الدول الأعضاء توجد روسيا، التي هي عضو مراقب في المنظمة، إذن المنظمة لها وجود متميز داخل مجلس الأمن، والذي نسعى إليه هو أن نستطيع أن نطور هذا الوجود إلى قوة سياسية تحقق آمال وأهداف ومتطلعات الأمة الإسلامية ونحن نعمل من أجل تحقيق هذا الهدف، على المستوى السياسي والدبلوماسي وعلى مستوى جموع السفراء الموجودين في نيويورك.

هناك نقطة أساسية، وهي أن أي إصلاح قادم لنظم الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، لا بد أن يأخذ في الاعتبار تمثيل العالم الإسلامي تمثيلا عضويا، لأن التمثيل الذي يتم الآن يقوم على اختيار مجموعات جغرافية موجودة داخل الأمم المتحدة، ولكننا نستغل هذا التوافق وهذا الوجود لتحقيق أهداف معينة في المنظمة للدفاع عن حقوق العالم الإسلامي.

عدد المراقبين خمسة، آخرها انضماما كانت روسيا الاتحادية، إلى جانب جبهة تحرير مورو الوطنية، وقبرص التركية، والبوسنة والهرسك، وأفريقيا الوسطى.

هذه الدول سعت إلى العضوية لأسباب عدة منها أنها تضم جماعات إسلامية متميزة، فروسيا الاتحادية، وبحسب الرئيس بوتين في خطابه أمام القمة الإسلامية، تضم 20 مليون مسلم، البوسنة والهرسك فيها الأكثرية مسلمة، ولكن لظروف الحرب طلبوا أن تكون عضوية مراقب، قبرص التركية كلها مسلمون وهي في وضع شائك مع قبرص اليونانية، فهي تريد دعما من العالم الإسلامي، أفريقيا الوسطى لديها أقلية إسلامية تريد أن تتواصل مع العالم الإسلامي، وجبهة مورو قبلت منذ مدة طويلة في أثناء الدفاع عن حقوق المسلمين داخل الفلبين.