ليبيا تطالب بنقل مقرات الأمم المتحدة من سويسرا احتجاجا على منعها بناء المآذن

حكم بالسجن وأداء تعويضات في حق رجلي أعمال سويسريين

TT

دعت ليبيا أمس (الأربعاء) إلى نقل مقرات منظمة الأمم المتحدة من سويسرا احتجاجا على «الإجراء العنصري» الذي يمنع المسلمين من بناء مآذن لمساجدهم فوق أراضيها، فيما صعدت ليبيا من خلافاتها مع الحكومة السويسرية بعدما قضت محكمة ليبية بسجن رجلي الأعمال السويسريين المحتجزين في ليبيا 16 شهرا مع النفاذ، ودفع غرامة بقيمة ألفي دينار ليبي (نحو 1100 يورو) لكل منهما. ومع أن المحكمة الليبية المختصة بالنظر في المخالفات والجرائم الخاصة بالأجانب قضت بما اعتبرته سويسرا عقوبة قاسية، فإن الحكم قابل للاستئناف خلال أسبوع. وما زال السويسريان يواجهان تهمة أخرى تتمثل في مزاولة نشاط اقتصادي دون ترخيص، ستباشر المحكمة النظر فيها منتصف الشهر الحالي، وفقا لما أبلغته مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط». وأدين رجلا الأعمال السويسريان بمخالفات متعلقة بتأشيرة الدخول للبلاد، علما بأنهما محتجزان في ليبيا منذ يوليو (تموز) 2008 بعد توقيف هانيبال، نجل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وزوجته في مدينة جنيف السويسرية بتهم أسقطت فيما بعد، وتتعلق بإساءة معاملة اثنين من العاملين معهما. وأثارت القضية حفيظة كثير من المواطنين في سويسرا، وتعرضت الحكومة لانتقادات حادة بشأن أسلوب تعاملها مع القضية، فيما وصفت وسائل الإعلام السويسرية رجلي الأعمال بأنهما «رهينتان». يشار إلى أن الرئيس السويسري، هانز رودلف ميرز، حل بالعاصمة الليبية طرابلس في أغسطس (آب) الماضي حيث قدم اعتذارا علنيا لطرابلس عن واقعة اعتقال هانيبال، لكنه في المقابل لم ينجح في الحصول على حرية راشد حمداني، وهو موظف بشركة بناء، وماكس غويلدي، رئيس فرع ليبيا لمجموعة الهندسة الكهربائية السويسرية ـ السويدية (إيه بي بي). ودفع اعتقال هانيبال القذافي لفترة قصيرة العام الماضي ليبيا إلى قطع الإمدادات النفطية عن سويسرا كما سحبت أكثر من خمسة مليارات دولار من البنوك السويسرية. وأسقط ادعاء جنيف القضية في سبتمبر (أيلول) الماضي عندما سحب الموظفان بلاغيهما الرسميين بعد أن تم التوصل إلى تسوية لم تعلن عنها. وتم الإفراج عن رجلي الأعمال لاحقا بكفالة مالية، لكن السلطات منعتهما من مغادرة الأراضي الليبية.

وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، دُعي الرجلان إلى خارج مقر السفارة السويسرية في طرابلس بحجة إجراء فحوص طبية ثم أودعا في «مكان آمن» لأكثر من سبعة أسابيع قبل أن تتم إعادتهما مجددا إلى مقر السفارة السويسرية في بداية الشهر الماضي. إلى ذلك، قالت الأمانة العامة للقيادة الشعبية الإسلامية العالمية التي يترأسها العقيد القذافي، إن التصويت بحظر بناء المآذن في سويسرا شكّل مفاجأة للرأي العام العالمي لكونه يصدر في قلب قارة أوروبا، ومن سويسرا على وجه التحديد، لكونها البلد الذي يحتضن مقر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولكونها البلد الذي يدّعي الحرية والحياد وحماية حقوق الإنسان. واعتبرت القيادة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن نتيجة التصويت تعد مؤشرا خطيرا على تنامي تيارات التطرف والعنصرية في المجتمعات الأوروبية التي تدفع باتجاه الصدام الحضاري والصراع الثقافي، وتشيع مظاهر الكراهية بين الأديان والثقافات، وتصعيد ظاهرة الإسلاموفوبيا. وأهابت القيادة بكل المؤسسات الأوروبية الدينية والنقابية والقانونية ومنظمات المجتمع المدني باتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح ذلك التوجه بما يكفل حرية المعتقد، وتعزيز سبل التعايش بين كل مكونات الهوية الأوروبية ومنها الدين الإسلامي.