كوشنير: «فوضى على رأس الدولة» في إيران.. ومنافسة كبيرة بين الأجهزة الحاكمة

مصادر فرنسية: تهديدات طهران ببناء 10 منشآت نووية موجهة للاستهلاك الداخلي

TT

قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إن إيران تشهد «فوضى على رأس الدولة» و«معارضة تشتد تصميما». وتحدث الوزير الفرنسي عن «هروب بائس إلى الأمام، وفوضى على رأس الدولة، ومنافسة كبيرة بين الأجهزة التي لا تتواصل في ما بينها، ومعارضة شجاعة تزداد تصميما»، وذلك في رده على سؤال لإذاعة «إنفو» الفرنسية عن انطباعاته حول التطورات الأخيرة في إيران. وقال كوشنير «لم ينته شيء» في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، «نحن نحاول أن نتكلم، ما زلنا نتكلم مع الإيرانيين، لكن الأمر صعب، إنهم يبدون رفضهم في كل مرة»، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي يعمل من أجل «السلام».

إلى ذلك، قالت مصادر فرنسية رفيعة المستوى إن التهديد الإيراني ببناء عشرة معامل نووية جديدة لتخصيب اليورانيوم والانتقال بالتخصيب إلى مستوى عشرين في المائة أمور «لا تتمتع بالصدقية وهي موجهة بالدرجة الأولى إلى الرأي العام الإيراني الداخلي».

وتبدي باريس دهشتها من الرفض الإيراني لمقترح الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي قدمه رئيسها السابق محمد البرادعي لتخصيب حوالي ثلثي المخزون النووي ضعيف التخصيب في الخارج «روسيا وفرنسا» وإعادته إلى إيران على شكل قضبان نووية تستخدم في مفاعل طهران التجريبي لإنتاج النظائر الطبية النووية. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن قبول إيران العرض الدولي «كان سيسمح لها بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم في ناتانز وتخفيف الضغط الدولي عليها وإبعاد إمكانية فرض عقوبات اقتصادية إضافية وكسب الوقت فضلا عن إعادة تكوين مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب وتوفير الوقود لمفاعل طهران».

وتقدر الوكالة الدولية أن إيران قادرة على إنتاج ما يقارب الـ80 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب في الشهر مما يعني أن العودة إلى مخزونها السابق كانت ستتم في فترة قصيرة نسبيا.

وتؤكد المصادر الفرنسية أن الخبراء الإيرانيين «ليسوا قادرين لأسباب تقنية وفنية» على إنتاج الوقود لمفاعل طهران لأن هذه العملية «تحتاج إلى مهارات غير متوافرة اليوم» في إيران. كذلك تستبعد باريس أن تكون إيران قادرة على بناء عشرة معامل نووية جديدة مثل المعمل الموجود في ناتانز مستدلة على ذلك بأن إيران «لم تنته بعد من نشر ما تخطط لنشره من طاردات مركزية للتخصيب» في ناتانز. ولذا، فإن فحوى ما صدر عن القادة الإيرانيين من ردود أفعال على القرار الذي صوت عليه مجلس أمناء الوكالة الدولية الأسبوع الماضي هو بمثابة «رسائل سياسية» موجهة إلى الداخل والتشديد على الجوانب القومية والحس الوطني وخلاف ذلك.

وعلى أي حال، ترى باريس أن النتيجة الإيجابية الأساسية التي أفرزها الموقف الإيراني المتشدد هي دفع الوكالة الدولية إلى التصويت على قرار بنسبة عالية من الأصوات وذلك لمرة الأولى منذ عام 2006 فضلا عن دفع الدول الست «الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» المحافظة على تماسكهم كمجموعة. وتبدي باريس «دهشتها» من الموقف الإيراني «البدائي» حيث عجزت طهران عن اللعب على انقسامات الست ومصالحهم التي تختلف بين طرف وآخر أو طرح أجوبة «معقدة» تضع الست دول في موقف حرج. وتذهب المصادر الفرنسية إلى اعتبار أن «لا أحد في إيران يمكن أن يعتقد أننا نصدق تهديداتهم أو أننا نأخذها على مأخذ الجد».

انطلاقا من ذلك، ترى باريس أن الوقت «أخذ ينفد» بالنسبة لإيران وأن العقوبات الإضافية عن طريق مجلس الأمن الدولي «آتية» إذا لم يصدر عن القادة الإيرانيين ما يفيد أنهم «يرغبون حقيقة في التعاون مع الوكالة ومجلس الأمن».

وقالت المصادر الفرنسية إن سعيد جليلي لم يقبل صراحة في اجتماع جنيف الذي حصل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع ممثلي الدول الست عرض التخصيب خارج إيران بل جل ما قبله هو «الامتناع عن تكذيب» ما قالته الدول الست عقب الاجتماع.

خلال الأسابيع القادمة، ستتدرج «الاستحقاقات» الإيرانية وهي المجلس الأوروبي على مستوى رؤساء الدول والحكومات، تليه عودة الملف النووي إلى مجلس الأمن الدولي. وبأي حال، هناك تكليف من مجلس أمناء الوكالة الدولية لمديرها بـ«إعلام» مجلس الأمن بالقرار الذي صدر الأسبوع الماضي. غير أن ذلك لا يعني آليا الوصول إلى قرار جديد وهو ما يفترض الكثير من المشاورات بين الأعضاء الخمسة واتفاقا على مضمون العقوبات الاقتصادية والمالية الجديدة التي يمكن أن تفرض على إيران. وبالنظر إلى تصويت روسيا والصين إلى جانب قرار الوكالة الدولية، ترى باريس أن الأمور اليوم أصبحت «أكثر وضوحا» وإيران «أكثر عزلة». ووفق باريس، هناك «افتراق» بين موسكو وطهران والدلائل كثيرة على ذلك، مثل «تأخير تشغيل مصنع بوشهر، وتأخير صفقة صواريخ إس 300، وتبني موسكو لقرار الوكالة الدولية، بينما الصين اكتفت بالتصويت لصالحه، عدم دعوة إيران لاجتماع عقد قبل فترة حول بحر قزوين...». وتعزو المصادر الفرنسية التغير المحسوس في موقف موسكو لاكتشاف المفاعل السري الذي تبنيه إيران قريبا من مدينة قم. غير أن باريس تعترف أن للصين ولروسيا «مصالح» كذلك للأطراف الأخرى بما فيها ألمانيا التي تأخذ على باريس «استعجالها الوصول إلى عقوبات جديدة» وبالتالي ستكون هذه المصالح موضع مناقشة عند الوصول إلى مناقشة رسمية للعقوبات الإضافية.

وفي سياق مواز، تستبعد المصادر الفرنسية «خروج» إيران من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية كما فعلت كوريا الشمالية. وبحسب هذه المصادر، فإن إقدام إيران على هذه الخطوة يعني أنها «تخلت عن التمسك بتأكيد أن برنامجها النووي سلمي» كما يعني أن «عزلتها التامة» دوليا. وتشك باريس في أن يكون غرض إيران «التشبه» بكوريا الشمالية.