خبراء في صندوق النقد يحذرون من تأثير قمة كوبنهاغن للمناخ على النمو الاقتصادي

أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة أكدوا مشاركتهم في المؤتمر

TT

أعلن ناطق باسم الحكومة الدنماركية أمس، أن أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة أكدوا مشاركتهم في القمة الختامية لمؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ المقررة من 7 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) في كوبنهاغن. وصرح المتحدث لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة قالوا، إنهم سيشاركون في «مناقشات القمة» التي دعا إليها رئيس الوزراء الدنماركي لارس لويكي راسموسن في 17 و18 الحالي. ودعا راسموسن قادة 191 دولة أخرى أعضاء في الأمم المتحدة إلى الانضمام إليه في كوبنهاغن مع ختام مؤتمر الأمم المتحدة الرامي إلى التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف التغيرات المناخية.

وأعلنت الدنمارك أنها لن تنشر قائمة القادة الذين أكدوا مشاركتهم في المؤتمر.

لكن بعضهم أعلن مشاركته مثل رؤساء الوزراء البريطاني غوردن براون والكندي ستيفن هاربر والصيني وين جياباو والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما والرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ ورئيس الوزراء الأسترالي كيفين رود. وأعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه سيزور كوبنهاغن في التاسع من الحالي عشية تسلمه جائزة نوبل للسلام في أوسلو.

من ناحيته، أعلن مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيمس جونز امسان، مشاورات «تجري حاليا» لمعرفة ما إذا كان الرئيس باراك أوباما سيحضر اليومين الأخيرين من مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، لافتا إلى أن أي قرار لم يتخذ بعد. وقال جونز في لقاء مع صحافيين في واشنطن «يقترح البعض أن يكون (الرئيس أوباما) حاضرا في 17 و18 ديسمبر»، أي في اليومين الأخيرين من قمة الأمم المتحدة. وأضاف «هناك مشاورات تجري حاليا، لكن أي قرار لم يتخذ بعد حتى الآن، لا يزال (أوباما) ينوي التوجه إلى هناك في التاسع» من ديسمبر كما أعلن سابقا.

وأكد خبراء في صندوق النقد الدولي أمس، أن الاقتصاد العالمي قد يستفيد من الإجراءات المضادة للتغير المناخي، لكنهم حذروا في الوقت نفسه من أن خفضا كبيرا في الانبعاثات قد يطاول النهوض الاقتصادي لا سيما إذا كان غير مخطط له. وعشية افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في كوبنهاغن، اعتبر خبراء في صندوق النقد أن احتمال التوصل إلى اتفاق قد يساعد البلدان الأكثر فقرا التي تعاني أسوأ انعكاسات التغير المناخي.

وأكد اثنان من الخبراء هما مايكل كين وبنجامن جونز في مذكرة أن «مقاومة مناخية أفضل قد تساعد في استقرار الاقتصاد وتقليص الفقر». لكنهما نبها إلى أن ارتفاعا مفاجئا وكبيرا في كلفة الحد من انبعاثات الكربون المتسببة بارتفاع حرارة الأرض قد يؤدي إلى «ضغوط غير مرغوب فيها على تكاليف الإنتاج وموارد العائلات وبالتالي خفض آفاق النمو».

وأكد جونز ضرورة الإسراع في اتخاذ إجراءات لمكافحة ارتفاع الحرارة.

لكنه أضاف «في الوقت نفسه، فإن عددا كبيرا من الدراسات التي تبرز تدني الكلفة المحتملة لتلك الإجراءات، تميل إلى القول إن الاقتصاد بخير وذلك ليس صحيحا في الوقت الراهن».

واعتبر الخبراء أن «أجواء التردي الاقتصادي الحالي تمثل بلا شك عنصرا يدفع إلى تكتل أكبر وارتفاع أقل حدة في كلفة» مكافحة الانبعاثات، في حين تستند خطط مكافحة ارتفاع الحرارة أساسا إلى أنظمة سوق (تفرض) رسوما على انبعاثات الكربون يطلق عليها اسم «كاب اند ترايد».

يذكر أن الهدف من المؤتمر الخامس عشر لأطراف بروتوكول كيوتو برعاية الأمم المتحدة هو التوصل إلى اتفاق يحل محل البروتوكول الذي شكل أول اتفاق ملزم حول المناخ وتنتهي المرحلة الأولى منه في نهاية 2012. وأملا في البقاء تحت عتبة زيادة من درجتين مئويتين في حرارة الأرض، يذكر العلماء بلا كلل بمعادلة: القسمة على اثنين حتى 2050، أي قسمة الانبعاثات العالمية للغازات الملوثة الناجمة بشكل أساسي عن احتراق الفحم الحجري ومن ثم النفط فالغاز. وحتى الآن لم تتوصل الدول إلى اتفاق. ويقول ايمانويل غيرين من معهد التنمية المستديمة والعلاقات الدولية (ادري) ومقره باريس، «هناك عدم انسجام بين الهدف البعيد المدى المعلن والأرقام القريبة المدى المعلن عنها في إطار اتفاق دولي».

ولدى جمع التعهدات التي أعلنت عنها الدول الصناعية حتى الآن حتى عام 2020 نجد أنها تمثل خفضا بما بين 12% و16% للانبعاثات مقارنة مع عام 1990. وهذا أقل بكثير من النسب التي يؤكد العلماء أنها ضرورية للحد من ارتفاع حرارة الأرض والتي تقع ما بين 25 و40%.

وحملت الأسابيع الماضية إشارات مشجعة مع إعلان الولايات المتحدة عن أول تعهدات ملموسة مع عودتها إلى حلبة المناخ بعد ثماني سنوات من السلبية في ظل بوش، وكذلك الصين التي تشكل مع الولايات المتحدة أكبر ملوثين في العالم. وتبعتهما الهند الخميس.

لكن في حين لم تكن الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة على هذا المستوى من الارتفاع (بلغت مستوى قياسيا في 2008)، لا تزال المفاوضات صعبة. فالدول الكبيرة الصاعدة مثل الصين والهند تعبر عن استيائها وتحمل الدول الصناعية «مسؤولية تاريخية» عن ارتفاع حرارة الأرض.

وعدا عن الاتفاق على مستويات خفض الانبعاثات، يطرح رهان تطوير نموذج جديد للتنمية في دول الجنوب بفضل نقل التكنولوجيا وتقديم المساعدات المالية، يكون أقل استهلاكا للوقود الأحفوري مقارنة مع ما كان معتمدا في الشمال على مدى عقود.

وهو تحد يفترض أن يحل مشكلة العلاقة الشائكة بين المناخ والتنمية كما يقول جان شارل اوركاد من المركز الدولي للبيئة والتنمية.

ونظرا لضيق الوقت، لن يتم التوصل إلى اتفاق في كوبنهاغن وبات المفاوضون يأملون الخروج بجملة من القرارات السياسية بعضها فوري التنفيذ يفترض أن تؤدي إلى توقيع معاهدة في 2010، وعلى أبعد تقدير خلال مؤتمر مكسيكو في نهاية السنة.

وعدا عن مركز «بيلا سنتر» الذي سيشكل ملتقى لآلاف المفاوضين والمراقبين والصحافيين والناشطين ستشهد العاصمة الدنماركية عدة تظاهرات من مسيرات الشموع إلى «العصيان المدني». وباتت الشرطة الدنماركية على أهبة الاستعداد مع توقع وصول نحو ثلاثين ألف زائر في الإجمال.