أوكامبو يهدد بملاحقة المسؤولين السودانيين الذين يخفون الحقائق حول مجازر دارفور

زيارة المبعوث الروسي للسودان شملت أحمد هارون أحد المطلوبين دوليا

المدعي الجنائي الدولي لويس مورينو أوكامبو (رويترز)
TT

قال المدعي الجنائي الدولي لويس مورينو اوكامبو في بيان قدمه لدى مجلس الأمن الدولي، إن الرئيس السوداني وحكومته رفضا التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وأصر على ملاحقته مهما طال الزمن، مشيرا إلى أنه بصدد ملاحقة المسؤولين السودانيين الذين ينكرون ويخدعون العالم بشأن الجرائم التي ارتكبت في منطقة دارفور بغرب السودان «وربما يواجهون اتهامات جنائية»، في وقت اعتبرت الخرطوم اتهامات اوكامبو للرئيس البشير والمسؤولين السودانيين الآخرين بأنها «سياسية وفارغة».

وكانت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي أصدرت في مارس (آذار) مذكرة اعتقال بحق الرئيس البشير للاشتباه به في جرائم حرب مثل تنظيم عمليات قتل وترحيل جماعي في دارفور، وهي التهم التي ظلت تنفيها الخرطوم. وقال المدعي في المحكمة الجنائية الدولية في تقريره الذي يعتبر نصف سنوي، كما أقر ذلك مجلس الأمن أن الرئيس البشير رفض المثول أمام المحكمة الجنائية، كما رفض توكيل محاميه للمثول نيابة عنه في المحكمة، كما رفض توقيف كل من علي كوشيب، وأحمد هارون، المتهمين بارتكاب جرائم حرب وأضاف اوكامبو أن البشير سيواجه العدالة وأي رئيس يرتكب مثل هذه الجرائم سيواجه العدالة أن السلطة لا تعطي الحصانة، فالرئيس ميلوفيتش لم تكن له حصانة وكذلك الأمر بالنسبة لكل من رئيس وزراء ليبريا كمباندا، وتايلور، الرئيس لليبيري السابق.

وأضاف أوكامبو: ما زال هناك ضرب للمدنيين بالقنابل في دارفور، الأمر الذي تسبب في إصابات وعمليات نزوح إجبارية، أن عمليات الحصار على أمثال هؤلاء المجرمين هي إحدى الطرق لتوقيف هؤلاء المتهمين وسوف ترسل لهم رسالة واضحة، قال اوكامبو بدلا من أن يوقف الرئيس البشير هذه الجرائم فقد أوقف المعلومات حول هذه الجرائم بعد القرار الذي أصدره بطرد المنظمات وتهديد المنظمات الأخرى بالطرد، وأضاف اوكامبو أن كل هذه الأشياء لا تتفق مع قرارات مجلس الأمن الدولي. وشدد «بوصفي مدعي المحكمة سأتعامل مع أي تحديات قضائية من قبل الرئيس البشير، وغيره من المشتبه بهم، ولكنني سأحتاج الدعم الكامل من المجلس لضمان مواصلة التركيز على الحاجة لإلقاء القبض على الرئيس البشير والأفراد الآخرين المطلوبين أمام المحكمة وعلى ضرورة العمل لإنهاء الجرائم في دارفور».

قال إن المسؤولين السودانيين الذين ينكرون ويخدعون العالم بشأن الجرائم التي ارتكبت في منطقة دارفور بغرب السودان ربما يواجهون اتهامات جنائية. وقال استخدم أجهزة الدولة ليس في ارتكاب جرائم كبيرة فحسب بل أيضا في التستر عليها وبذلك يسهل استمرارها. وقال يدرس مكتبي المسؤولية الجنائية للمسؤولين السودانيين الذين ينكرون بشدة ويتسترون على الجرائم مضيفا أن الجرائم في دارفور مستمرة. وقال «لقد قام الرئيس البشير بصرف أنظار المجتمع الدولي إلى نزاع جديد، وهو الذي يجري بجنوب السودان وسوف يستمر في ذلك إذا كان هذا الأمر سيصرف الأنظار عن النزاع الذي يجري بدارفور».

وقال أوكامبو ما زالت الجرائم ترتكب وتعوق أسباب الحياة حتى يلجأ الناس للنزوح وتعطيل عمل الإغاثة وطرد المنظمات التي تقوم بتقديم الطعام والماء، وهناك أيضا عمليات الاغتصاب مستمرة وعمليات العنف الجنسي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) كانت هناك 25 حالة أذى وتجنيد الأطفال في الأسبوع الماضي قامت ميليشيات الجنجويد بالهجوم على منطقة الحارة وجبل عيسى بشمال دارفور وتم اعتقال المدنيين وضرب الأهالي ونهب الممتلكات. وكشف أن الأشخاص الذين اشتبه فيهم عن طريق الخطأ بأنهم قدموا أدلة للمحكمة الجنائية الدولية ألقي القبض عليهم وعذبوا في الخرطوم. وتابع هناك تهديدات علنية من قبل السلطات السودانية ضد أي شخص يتعاون مع المحكمة. وقال مورينو اوكامبو، إن قرار البشير إلغاء زيارة مقررة إلى اسطنبول لحضور قمة إسلامية أظهر أنه يواجه عزلة متزايدة، ويرسل برسالة واضحة بأن البشير سيواجه العدالة. واتهم كبير ممثلي الإدعاء بالمحكمة الجنائية الدولية أيضا مسؤولا سودانيا آخر وقائدا سابقا بميليشيا الجنجويد وثلاثة متمردين بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وسافر أحد المتمردين إلى لاهاي للدفاع عن نفسه.

وعاجلا، رفض السفير السوداني لدى الأمم المتحدة عبد المحمود عبد الحليم، ما ورد في إفادة المدعي اوكامبو، وسخر مما ذكره حول ملاحقة المسؤولين السودانيين الذين «يشاركون في إخفاء الحقائق عما يدور في دارفور»، واعتبر أن حديث اوكامبو يكشف إفلاسه، سنتهمه بالدعارة السياسية. وقال السفير السوداني للصحافيين: «هذا يوضح أنه فقد الأهلية القانونية، وأنه أصبح ترزيا ماهرا للقوانين ويوضح مدى الإسفاف الذي انزلق إليه هذا الرجل لأننا بصراحة إذا أردنا أن نحاكمه فسنحاكمه على جرائم العهر السياسي الذي يتفوه به وبمثل هذه الاتهامات الفارغة»، ونفى عبد الحليم ما ذكره مدعي المحكمة في إفادته عن إجبار بعض المشردين داخليا على ترك المخيمات والعودة إلى مناطق غير آمنة.

وقال عبد الحليم، إن تقرير أوكامبو على الكثير من المغالطات والأكاذيب والفبركة، وأضاف أن هناك تطورات مهمة فيما يتعلق بمسار التحقيقات بدارفور وعلى رأسها على حد قوله مثول بحر إدريس أبو قردة أمام المحكمة بلاهاي طوعا ووصف تلك التطورات بالإيجابية، وأضاف بأنه أجرى اتصالات مهمة مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي وزار بعض الدول مثل أوغندا وجنوب أفريقيا وأديس أبابا وزعم أن هناك تجاوبا من بعض الدول حول قرار التوقيف ثم تحدث بعد ذلك عن تقرير امبيكي وأشاد بالتقرير وكشف أنه تباحث مع امبيكي حول بعض جوانبه.

وقال إن الحكومة السودانية ما زالت ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية، وكذلك الرئيس السوداني بل إن أحمد هارون تم تعيينه حاكما لولاية جنوب كردفان، وزعم بأن خطف المدنيين بدارفور مستمر، وكذلك ما اسماه بالتنكيل بالمدنيين وقتلهم ودعا مجلس الأمن الدولي أن يساعده باتخاذ قرارات لكي يتعامل السودان ورئيسه مع المحكمة وإنهاء الإفلات من العقاب.

وبدأ صراع دارفور في عام 2003 عندما ثار متمردون معظمهم غير عرب ضد حكومة الخرطوم متهمين إياها بتجاهل منطقة دارفور. وأدت حملة قادتها الحكومة لمواجهة التمرد إلى تشريد أكثر من مليوني شخص، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 300 ألف شخص لاقوا حتفهم لكن الخرطوم تنفي سقوط هذا العدد. وقال منذ محاكمات نورمبرغ لم يعد وجوب الطاعة عذرا قانونيا لارتكاب الجرائم.

ورحب عبد الحليم بما اعتبره موقف أصدقاء السودان الداعم إلى عدم عرقلة جهود السلام في دارفور. وقال إن مجلس الأمن تجاوز دعوة اوكامبو لحث السودان على التعاون عبر تكثيف الضغوط على الحكومة، وأضاف: يمكننا القول إن جلسة مجلس الأمن انتهت إلى لا شيء. وقال إن تقرير اوكامبو جاء مليئا بالأكاذيب، وسخر من قول المدعى العام أنه لمس تعاونا من قبل الدول ومنظمات مع المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن اوكامبو واصل عملية الاختلاق والتضليل وهو يشير إلى أن الأوضاع في دارفور ما زالت سيئة على الرغم من التطور الذي تشهده مسيرة السلام في الإقليم بشهادة الكثير من أطراف المجتمع الدولي.

في وقت شملت لقاءات المبعوث الروسي للسودان «ميخائيل مارغيلوف»، الذي زار الخرطوم، ومنه انتقل إلى جنوب كردفان والتقى بواليها أحمد هارون»، أحد المطلوبين في جنائية لاهاي، وقال في تصريحات صحافية إن بلاده تتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه السودان، بعد أن وصفه بـ«الشقيق»، والمساهمة في إحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية ودعم الانتخابات العامة، ووصل المبعوث الروسي أمس إلى دارفور.