أنصار المعارضة السودانية يتظاهرون اليوم للمطالبة بإنجاز قوانين التحول الديمقراطي

باقان أموم: زمن الدكتاتوريات ولّى.. وعرمان: سنخوض حملة ضد جبروت المؤتمر الوطني

TT

يحبس السودانيون أنفاسهم اليوم، انتظارا لتظاهرة ضخمة ترتب لها أحزاب المعارضة، أمام مبنى البرلمان، للاحتجاج على تأخر إنجاز عدد من القوانين الخاصة بالتحول الديمقراطي، من بينها قانونا الأمن الوطني، والاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان، وقوانين أخرى، فيما عبر مصدر مطلع في الخرطوم عن انفجار الأوضاع السودانية الداخلية إذا لم تستجب الحكومة التي يرأسها الرئيس البشير للمطالب التشريعية للمعارضة.

واتهم باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية (ثاني أكبر شريك في الحكومة والحاكمة في الجنوب) حزب المؤتمر الوطني الذي يسيطر على مقاليد الحكم، بالتراجع عن اتفاقاته والعودة إلى نظام «الإنقاذ» والشمولية والدكتاتورية، وقال «لكن عهد الانقلابات ولّى». وأصر أموم على أن تظاهرة القوى المعارضة والحركة الشعبية اليوم إلى مبنى البرلمان للضغط عليه لإجازة جملة من التشريعات تراها المعارضة ضرورية للتحول الديمقراطي، ستخرج سلمية لتحقيق هدفها. وحذر من مغبة استخدام القوة ضد المظاهرة، التي يفضل أنصارها أن يطلقوا عليها «مسيرة»، من قبل القوات النظامية السودانية. فيما قال مسؤول آخر في الحركة الشعبية إنهم «سيقدمون درسا لحزب البشير». بينما، اعتبر مسؤول في البرلمان، وقيادات بارزة في حزب المؤتمر الوطني المسيرة بأنها غير مبررة وتحدى أن «البرلمان سيقوم بعمله المعتاد حول البرامج المطروحة في جدول أعماله».

وتأتي المسيرة في تزامن مع استئناف البرلمان جلساته صباحا، فيما لوحظ خلو جدول أعماله من جملة القضايا العالقة محل التوترات في البلاد. وكان أموم يتحدث في ندوة حاشدة في دار الحركة الشعبية حول المظاهرة، التي من المقرر أن تشارك فيها أحزاب المعارضة المعروفة بأحزاب «إعلان جوبا»، والتي تطلق عليها «قوى الإجماع الوطني». وكانت هذه القوى بعد مؤتمر لها في عاصمة الجنوب «جوبا» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعطت حزب المؤتمر الوطني مهلة لمدة شهر لإنجاز القضايا العالقة، ولوحت بأنها فيما بعد ستتخذ جملة من الخيارات من بينها للجوء إلى الشارع.

ودعا أموم، وهو يتولى منصب سكرتير أحزاب إعلان جوبا، كافة الشعب السوداني للمشاركة في المسيرة والتظاهرة السلمية في موكب كبير أمام المجلس الوطني لمطالبة نواب البرلمان بتحمل مسؤولياتهم على أساس الدستور واتفاقية السلام الشامل لإجازة القوانين الضرورية لتحقيق التحول الديمقراطي وتكملة إنفاذ بنود الاتفاقية، مبينا أن الجماهير ستخرج للدعوة للحرية والسلام في كل أنحاء البلاد بالإضافة إلى تحول السودان إلى دولة ديمقراطية تتجاوز الأنظمة الشمولية. وأكد أن الهدف من المسيرة تسليم السلطة للشعب لاختيار حكومته بمحض إرادته، وشدد على أن «زمن الانقلابات والدكتاتوريات ولّى للأبد». وقال أموم إن مظاهرة اليوم ستكون سلمية «وفقا للحقوق الدستورية للشعب السوداني». وأضاف أنهم اتخذوا كافة الإجراءات القانونية لتسيير المسيرة السلمية بإبلاغ السلطات بالتجمع السلمي أمام البرلمان بصورة حضارية ومدنية.

واتهم أموم بالتراجع لنظامه، المعروف بـ«الإنقاذ» والدكتاتورية والشمولية، وشدد على أن «القوى السياسية الوطنية لن تقبل بذلك»، وقال إن المسيرة ستطالب البرلمان بإجازة قانون أمن يتماشى مع الدستور والاتفاقية لحماية المصالح العليا للشعب، وأضاف أنهم سيطالبون نواب البرلمان بإجازة القوانين خلال أسبوعين من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة دون تخويف بالاعتقالات، وتابع «بقي أسبوعان فقط للسودان من حافة الانهيار»، وحذر في لهجة متشددة «في حالة تماطل المؤتمر الوطني في إجازة القوانين فلن تكون الانتخابات حرة ويمكن أن تقود السودان إلى عدم الاستقرار». وناشد أموم المنظمين والمشاركين في المظاهرة كافة «التعامل بمستوى عال من التصرف والحفاظ على القانون وألا يقبلوا أي تحرشات»، وقال «إنهم سمعوا من بعض الجهات تحدثوا عن تخريب ربما يريدون دس عناصر»، وطالب المشاركون بأن يكونوا حذرين بعدم قبول التحرشات والاستفزازات، وقال «لن نقبل باستخدام القوة»، ودعا حزب المؤتمر الوطني إلى «عدم مقاومة القوات النظامية ضد المسيرة بل يجب احترام المتظاهرين»، واعتبر أموم المظاهرة الخطوة الأولى، وحذر «في حالة عدم إجازة القوانين خلال الأسبوعين سيخرج كل الشعب السوداني، لتسجيل موقف تاريخي من أجل الحرية والسلام والرفاهية».

كما ناشد أموم المواطنين لتسجيل أسمائهم لضمان ممارسة حقوقهم لاستلام السلطة لانتخاب رئيس البلاد، مطالبا بضرورة إجازة قانون الاستفتاء باعتباره مطلب جميع أهل السودان، وحذر من محاولة تكرار نقض الاتفاقيات والرجوع لحلقة الحرب، ودعا إلى ضرورة الاتجاه نحو الحوار الوطني لبناء السودان في حالة الوحدة أو الانفصال وفقا لرغبة وخيار الجنوبيين.

وفي الندوة، طالب ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية «القوات النظامية» السودانية التي تم إخطارها بالمسيرة السلمية، بأن «تحترم وتخدم الموكب الذي يشارك فيه وزراء ومسؤولون من الحركة بما في ذلك وزراء الدولة بالعدل والداخلية». وقال إن البلاد تعيش الآن عصر ما قبل اتفاق نيفاشا، وأضاف أن دستور البلاد الانتقالي أصبح معلقا في السماء والقوانين لم يتم تعديلها. وقال إن «البرلمان بقي من عمره أسبوعان، فقط، لا بد أن يحترم الدستور». وكشف عرمان أن الدكتور رياك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية «بذل مجهودا كبيرا وكاد يصل لاتفاق قبل ثلاثة أسابيع مع علي عثمان نائب الرئيس السوداني، إلا أن هناك جهات عرقلت ذلك» وطالبها بتحمل مسؤولية ما فعلته بنفسها». وشدد عرمان على أن قوى الإجماع الوطني «لن تستسلم وتخوض الانتخابات بطريقة ديمقراطية وشرسة»، وقال إنهم «سيخوضون حملة لأخذ الشعب من جبروت حزب المؤتمر الوطني»، وحسب عرمان فإن حزب المؤتمر الوطني أراد عزل نفسه «فلن نعزل أنفسنا». وطالب بوقف الظلم والاضطهاد. وقال إن الحركة الشعبية «تقف على قلب رجل واحد»، وأضاف «لا نريد العودة للحرب»، ونوه عرمان إلى أن هناك بعض المعتقلين لا يزالون في السجون بدون محاكمات.

من جانبه، اعتبر اللواء فضل الله برمة ناصر، نائب رئيس حزب الأمة المعارض بزعامة الصادق المهدي، أن كافة القوى السياسية تجمعت ما عدا قوة واحدة، واعتبر الاجتماع تجسيدا لحرية وكرامة ووحدة الشعب السوداني التي تحققت، وأضاف أن البلاد «مواجهة بقضايا أكبر من حجم الحزب الواحد، يقصد حزب المؤتمر الوطني، ولا يمكن حلها دون إجماع كافة أهل السودان».

وقالت الدكتورة مريم الصادق المهدي، القيادية في حزب الأمة المعارض، بأنهم أبلغوا رئاسة شرطة محلية أم درمان منذ الخميس الماضي قبل أكثر من 72 ساعة وفقا للقانون، وتوقعت أن تلتزم السلطة بالقانون لتنظيم العلاقة بينها وبين المسيرة، وأضافت أنهم حريصون على ميعاد التظاهرة وعدم التخريب والإساءة لأحد.

من جانبه، وجه نائب رئيس البرلمان، محمد الحسن الأمين، انتقادات عنيفة لانتهاج أحزاب المعارضة تنظيم مسيرات وحشود غير مبررة، وقال إن البرلمان سيقوم بعمله المعتاد حول البرامج المطروحة في جدول أعماله، معتبرا مقاطعة الحركة الشعبية لجلسات البرلمان «شأنا سياسيا»، ورأى أنه «كان يتعين على الحركة الشعبية والأحزاب المعارضة أن تباشر الحلول السياسية من داخل البرلمان وليس عبر حشد المسيرات».

وشدد الأمين على أن «لجوء المعارضة للمسيرات والنزول إلى الشارع لن يؤدي إلى حلول، إنما سيؤدي لتعقيد الأمور».