خامنئي: الغرب سيفشل في عزل إيران.. وباريس تحذر: آن أوان فرض العقوبات دون تأخير

مصادر فرنسية تستبعد تغيرا «دراماتيكيا» لمواقف طهران.. ومستشار أوباما: صورة إيران ليست طيبة

علي خامنئي (أ.ف.ب)
TT

أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أمس، أن الدول الغربية ستفشل في عزل إيران بسبب برنامجها النووي، موجها الانتقادات خصوصا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا. وردت باريس أمس قائلة آن أوان فرض عقوبات أكثر قوة على إيران، فيما أشار مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، أن صورة إيران ليست طيبة، مشيرا إلى أن عقارب الساعة تقترب من نهاية السنة، في إشارة إلى المهلة التي حددها الرئيس باراك أوباما، وتنتهي بنهاية العام للحكم على نوايا طهران.

وقال خامنئي أمام آلاف الأشخاص اجتمعوا للاحتفال بعيد «الغدير»، إن «زعماء الغرب الذين يتصرف بعضهم بتأثير من الصهاينة لا يفعلون غير الكذب» بشأن الملف النووي الإيراني. وأضاف أن «أميركا تقف على رأس أعدائنا وبريطانيا هي الأشنع بينهم». وتابع خامنئي كما نقل عنه التلفزيون الرسمي «حاول الأميركان والصهاينة وغيرهم من قوى الاستكبار على مدى ثلاثين عاما أن يعزلوا إيران لكنهم فشلوا، وسيفشل مسعاهم بعون الله تعالى».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران لسياستها النووية في قرار صوّت عليه الغربيون وأيضا روسيا والصين وقد يفتح الباب أمام فرض عقوبات دولية جديدة على طهران. ورغم أن إيران أكدت على الدوام أن برنامجها النووي هو لأغراض مدنية بحتة، فإن قسما من الأسرة الدولية يخشى أن تسمح قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم لإيران بامتلاك السلاح النووي.

وأكد خامنئي في هذا الخصوص أن إيران «تسعى إلى حيازة التكنولوجيا النووية التي تحتاج إليها لأنه إن لم تفعل ذلك الآن فغدا، عندما سيستند الاقتصاد العالمي إلى هذه التكنولوجيا سيكون قد فات الأوان». وأضاف أن إيران «لا تريد أن تضطر خلال 20 أو 30 سنة إلى مد يدها للغربيين». وأكد خامنئي أن الغربيين «يستخدمون ذرائع لإحداث انشقاقات في صفوف الشعب الإيراني عندما تكون التهديدات بشن هجمات أو فرض عقوبات غير فعالة».

وأضاف «علينا أن نحرص على عدم التفوه بكلمات تسبب الانقسام»، محذرا الذين ينتقدون توجهاته حاليا داخل النظام. وأظهرت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) وقمع المظاهرات التي أعقبت إعلان النتائج، انقسامات عميقة حتى بين كبار المسؤولين الإيرانيين. وفي باريس اعتبر وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية بيار لولوش أنه «حان الوقت لفرض عقوبات أكثر قوة على إيران» بسبب رفضها التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورفضها وضع حد لتخصيب اليورانيوم وإعلانها العزم على بناء عشرة مصانع نووية جديدة من طراز مصنع ناتانز. وكان الوزير الفرنسي يرد أمس في مقابلة صحافية أجرتها معه إذاعة «راديو جي» التابعة للجالية اليهودية الفرنسية، على تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية الإسلامية آية الله علي خامئني.

ووصف الوزير الفرنسي المقترح الذي تقدمت به الوكالة الدولية للطاقة على إيران بإخراج 70% من اليورانيوم ضعيف التخصيب لديها ومعالجته في روسيا ثم في فرنسا قبل إعادته إلى إيران لاستخدامه في مفاعل طهران التجريبي لإنتاج النظائر الطبية، بأنه كان «مخرجا مشرفا» لطهران. وأكد لولوش أن إيران «رفضت» العرض.

ولم تعلن إيران رفض العرض رسميا ولم تسلم ردا مكتوبا إلى الوكالة الدولية بهذا الشأن بل عرضت اجتماعات إضافية على مجموعة الست لمناقشة الاقتراح والاستماع للاعتراضات والأفكار الإيرانية وهو ما كانت فرنسا أول من رفضه. وقال وزير الخارجية برنار كوشنير قبل أيام إنه «لا فائدة» من اجتماعات تقنية إضافية حول عرض الوكالة.

وأبدت مصادر فرنسية رفيعة المستوى الأسبوع الماضي «دهشتها» من الرفض الإيراني للعرض الدولي الذي كان سيمكنها، لو قبلته، من خفض الضغوط السياسية والدبلوماسية التي تتعرض لها، وتفادي عقوبات جديدة في مجلس الأمن الدولي، مع الاحتفاظ بقدرتها على تخصيب اليورانيوم كما فعلت حتى تاريخه. ومعروف أن إيران تنتج شهريا حوالي 80 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب وبالتالي فإنها كانت قادرة على إعادة تشكيل مخزونها منه في فترة قصيرة نسبيا. ويقدر الخبراء أن 1300 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب ضرورية في حال تم تخصيبها إلى مستويات تزيد عن 90 في المائة لإنتاج قنبلة نووية واحدة.

وترى باريس أن التهديدات الإيرانية الأخيرة خصوصا الإشارة إلى إنشاء عشرة معامل إضافية، من باب «التهويل» وأنها موجهة إلى «الداخل» الإيراني في سياق الجدل السياسي المحلي. وسيكون الملف الإيراني غدا الثلاثاء على جدول مباحثات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل كما سيتناوله رؤساء دول وحكومات الاتحاد في قمتهم القادمة، فضلا عن ذلك، ينتظر أن يجتمع قريبا جدا ممثلو مجموعة (5+1) وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، لبحث الخطوات الإضافية بحق إيران وتحديدا فرض عقوبات إضافية اقتصادية وتجارية ومالية.

ورغم الموقفين الروسي والصيني المتجاوبين مع التوجهات الغربية، فإن المصادر الفرنسية لا تتوقع أن يتم التوصل إلى تفاهم لفرض عقوبات جديدة في مجلس الأمن الدولي سريعا. وينتظر الجميع انتهاء المهلة التي أعطتها الإدارة الأميركية للسلطات الإيرانية بنهاية العام لمعرفة ما إذا كانت تريد حلا تفاوضيا أم أنها تفضل تجاهل المطالب الدولية وتحدي قرارات مجلس الأمن الدولي. غير أن الأوساط الفرنسية تبدو «متشائمة» إزاء تغير «دراماتيكي» في الموقف الإيراني في اللحظة الأخيرة. وتتخوف باريس من أن يفتح رفض طهران التعاون الباب أمام عمل عسكري يأتي من إسرائيل بالدرجة الأولى. وبين حصول إيران على القنبلة النووية أو اشتعال حرب جدية في الخليج، ترى فرنسا أن الطريق الوحيد المتاح هو خيار العقوبات في إطار المقاربة المزدوجة: فرض العقوبات مع إبقاء اليد ممدودة للحوار مع طهران.

إلى ذلك قال الجنرال جيمس جونز، مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي أمس في مقابلة مع تلفزيون «سي إن إن»، إن «صورة إيران ليست طيبة»، رغم أنه قال إن الباب لا يزال مفتوحا لإيران لتتفاوض مع الولايات المتحدة ودول أخرى حول برنامجها النووي.

وأضاف جونز أن عقارب الساعة تقترب من نهاية السنة، في إشارة إلى المهلة الأميركية لإيران التي تنتهي بنهاية هذه السنة. وقالت اللجنة الأميركية ـ الإيرانية في واشنطن، والتي تعتبر من جماعات اللوبي الإيراني المعارضة لحكومة إيران، إن فرض عقوبات نفطية على إيران «سيؤذي الشعب الإيراني»، في إشارة إلى مشروع قرار في الكونغرس سيناقش الأسبوع القادم بهدف الضغط على الرئيس أوباما لفرض عقوبات نفطية على إيران.

وقالت اللجنة «نحن نؤيد سياسة الرئيس أوباما بالتفاوض مع حكومة إيران، رغم أن ردود أفعال حكومة إيران، حتى الآن، تدعو للقلق». وأضافت «رغم ذلك نفضل استمرار سياسة التقارب مع حكومة إيران والتعاون مع حلفاء الولايات المتحدة في هذا الموضوع». وقالت اللجنة «لكن، أي عمل فردي في الوقت الحالي يهدد مبادرة الرئيس أوباما نفسها». واقترح البيان أنه، لا بد من عقوبات جديدة، على أن تكون موجهة نحو حكومة إيران وحكامها، خاصة المتهمين بخرق حقوق الإنسان بهدف مقاضاتهم في المحاكم الدولية.

وكان أعضاء في الكونغرس قدموا مشروع قرار «مقاطعة بترول إيران المصفى»، وفيه إشارة إلى تصريحات كان أدلى بها أوباما عندما كان عضوا في الكونغرس، وخلال الحملة الانتخابية، بأهمية فرض عقوبات مشددة على إيران. ويستهدف مشروع القرار وقف واردات النفط المصفى إلى إيران، بالإضافة إلى وضع اعتبار لمقاطعة صادرات إيران من النفط الخام.