الزهراني شكا من متاعب مالية.. ورسالة لأستاذ تشير إلى أنه كان على وشك الطرد من القسم

الملحق الثقافي السعودي في واشنطن لـ «الشرق الأوسط»: لم يتعرض مبتعثون سعوديون لردود فعل سلبية

الطالب السنغالي سليمان ساخو زميل عبد السلام الزهراني (نيويورك تايمز)
TT

بعد اعتقال طالب الدراسات العليا عبد السلام الزهراني الذي أفادت تقارير أميركية بأنه سعودي, ويبلغ من العمر 46 عاما، واتهامه بقتل أستاذ جامعي هو البروفسور ريتشارد أنطون (77 عاما) فُتح تحقيق في الحادثة التي هزت جامعة بينغهامتون في نيويورك. وظهرت تفاصيل أخرى أمس عن الزهراني وتصرفاته التي أثارت قلق عدد من زملائه في الجامعة خلال الأيام الماضية.

وامتنع مسؤولون من مكتب المدعي في القضية من التعليق على آخر المستجدات في الحادثة، مكتفين بالقول إن «التحقيق جار»، موضحين أن الزهراني محتجز دون كفالة في نيويورك في جريمة قتل من الدرجة الثانية. ومن جهته قال مسؤول في القنصلية السعودية في نيويورك لـ«الشرق الأوسط» إن «التحقيق ما زال في بدايته»، مما يستوجب عدم الخوص في تفاصيل القضية. وقبل عشرة أيام، في منزل بالقرب من جامعة بينغهامتون يسكنه ثلاثة طلاب دراسات عليا أجانب، كل طالب في غرفة، حدثت مشادة بين السنغالي سليمان ساخو والزهراني. واستدعى الزهراني الشرطة، وعندما وصل عناصرها إلى المنزل خرج ساخو واشتكى بأن الزهراني أثار غضبه لأنه يتحدث كثيرا عن الموت. وحسب أقوال ساخو فإنه قال للشرطة أيضا إنه لا يريد مشكلات مع الزهراني، وإنه رجل مسالم. لكنه تضايق من كثرة ما يكرره الزهراني. وكان ساخو إنه كرر هذه الشكوى أيضا لزميلهم الثالث لويس بينا، وهو أيضا طالب دراسات عليا في الجامعة. بعد ذلك الحادث بأسبوع اعتقلت الشرطة الزهراني (46 عاما) بتهمة قتل أنطون، أستاذ علوم الأجناس في نفس الجامعة. وأغلقت مباني الجامعة حتى مساء السبت الماضي لانتهاء التحقيق في الحادثة، حيث أكدت الشرطة أنه تم العثور على السكين الذي استُخدم لطعن أنطون مما أدى إلى وفاته. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» على لسان ساخو قوله إن الزهراني، قبل الحادثة، تحدث عن مشكلات مالية يواجهها، وتحدث عن الموت، وقال إنه يواجه مشكلات لأنه مسلم. وأضاف ساخو الذي سكن مع الزهراني لثلاثة أسابيع حتى يوم الحادثة، أنه حذر مسؤولين في الجامعة من أن الزهراني ربما سيسبب مشكلات أو أعمال عنف. وقال ساخو: «قلت لهم إنه يتصرف بطريقة غريبة، كأنه (إرهابي). وقلت لهم إن عليهم أن يعرفوا أن الرجل عنيف أو ربما سيكون عنيفا».

وكان أولَ مسؤول أبلغه ساخو حول تصرفات زهراني أستاذ يشرف على رسالة الدكتواره التي يحضّرها، وطلب منه الأستاذ إبلاغ مركز الاستشارات النفسية في الجامعة. ونصحه أن يترك المنزل الذي يسكن فيه. ولم توضح الجامعة إذا كانت قد عملت على معالجة هذه الشكاوى، لكن ناطقة باسم الجامعة أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن التحقيق الحالي يشمل كل الأسئلة المثارة حول تصرفات الزهراني. وحتى الآن، يبدو أن الزهراني كان يتصرف بمفرده ولم يتلقَّ تعليمات من جهة أخرى لمهاجمة أنطون، وهو ناشط سلام يهودي.

ونقل كل من ساخو وبينا لـ«نيويورك تايمز» أن الزهراني كان قد قال لهما إنه، قبل أن يأتي إلى الجامعة، كان في ولاية مونتانا. ثم عاد إلى الجامعة ليكمل رسالة الدكتوراه. ويبدو أن الزهراني كان يكمل دراسته العليا على نفقته الخاصة إذا ذكر ساخو أن الزهراني أبلغه برفض الجامعة منحه مساعدة مالية، بينما أفادت مصادر رسمية سعودية أنه لم يحصل على منحة حكومية لإكمال دراسته. وقال ساخو إن آخر مرة تحدث فيها مع الزهراني كانت يوم الجمعة الماضي، يوم قتل البروفسور الجامعي، موضحا أنه في الواحدة صباحا أيقظه الزهراني وسأله مرة أخرى إذا كان يخاف الموت.

وقال ساخو إنه لم يجب على السؤال، وعاد للنوم. في الساعة الواحدة والنصف ظهر نفس يوم الجمعة استُدعيت الشرطة إلى مكتب البروفسور أنطون لتجده مطعونا مرات عدة ونقلته إلى المستشفى حيث توُفّي لاحقا.

ورفض التعليق جيرالد مولين، مدعي عام مقاطعة بروم، حيث توجد الجامعة، لكنه قال إن التشريح الطبي لجثة البروفسور أوضحت أنه توُفّي بسبب طعنات متعددة.

وأشار المدعي العام مولين إلى أن «أنطون تعرف إلى الزهراني من خلال الدراسة»، مشيرا إلى أنه لا يعرف ما إذا كان الزهراني قد وكّل عنه محاميا أم لا.

وأضاف مولين: «ليس هناك مؤشر على دوافع دينية أو عرقية في الهجوم»، موضحا أن أنطون ألّف عدة كتب من بينها كتاب «فهم الأصولية.. المسيحية والإسلامية»، والذي لاقى عناية واهتماما في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على الولايات المتحدة، وكتاب «الحركات اليهودية». وذكر موقع الجامعة أن المجني عليه وهو أستاذ فخري يبلغ من العمر 77 عاما انضم إلى الجامعة في عام 1976, وله ستة مؤلفات ومقالات عديدة عن حياة وثقافة الشرق الأوسط كما أن له العديد من البحوث الخاصة تشتمل على معلومات ودراسات عن الأردن تحديدا.

ونشرت صحف ومواقع أميركية خبر الحادثة أمس، مركزة على تصريح ساخو بأن الزهراني كان «يتصرف مثل إرهابي». ونشرت مجلة «ناشيونال ريفيو» اليمينية الخبر تحت عنوان: «المتهم بقتل أستاذ جامعي كان يتصرف مثل إرهابي». ونشر موقع «بريس كونيكت»، الذي يغطي منطقة وجامعة بينغهامتون، الخبر تحت عنوان: «كان المتهم مناكفا وتصرف مثل إرهابي». ونقل تلفزيون «فوكس» اليميني الخبر مع الإشارة إلى أن ساخو قال إن الزهراني مرة هدده بسكين، وإن بينا، الزميل الثالث في المنزل، سمع الزهراني ذات مرة يقول: «أحس بأني أريد أن أدمر العالم».

وأمس، قال جوشوا برايس (أستاذ في الجامعة) إن الزهراني قبل نصف ساعة من جريمة قتل أنطون، تحدث مع الزهراني الذي اشتكي إليه من مشكلات اقتصادية يواجهها، وسأل الزهراني برايس إمكانية أن يشرف برايس على رسالة الدكتوراه التي يحضرها، وذلك في قسم الفلسفة والثقافة الذي يترأسه برايس، وعن إمكانية حصوله على مساعدات مالية من القسم. وقال برايس لصحيفة «إيثاكا جورنال» المحلية إنه، بعد مقابلة الزهراني، كتب رسالة إلكترونية عنه إلى بيل هافر، الذي كان رئيس القسم قبل برايس.

وأمس حصل موقع «برس آند صن» المحلي على نص الرسالة، وجاء فيها: «يوجد طالب دراسات عليا في قسم علم الأجناس على حافة أن يُطرد من القسم، ويبدو قلقا في وضوح. وصف الطالب مشروعه الأكاديمي، ويريد أن ينتقل إلى قسمنا. لكنه يركز على إمكانية الحصول على وظيفة مساعد أكاديمي». ومن جهة أخرى طمأن مسؤولون سعوديون في واشنطن السعوديين والسعوديات في الولايات المتحدة وعائلاتهم ومعارفهم بأنه لم تحدث ردود فعل سلبية بعد اتهام طالب سعودي بقتل أستاذه الأميركي في جامعة بينغهامتون في ولاية نيويورك.

وقال د. محمد العيسى الملحق الثقافي السعودي في الولايات المتحدة، لـ«الشرق الأوسط» إنه، عكس إشاعات مثيرة بأن مبتعَثين سعوديين في الولايات المتحدة تعرضوا لردود فعل سلبية أو عنيفة بسبب الحادثة، لم يحدث أي شيء من هذا القبيل. وقال: «لم نتلقَّ من أي طالب أو طالبة تعرُّض أي منهم لمضايقات أو أذى. وأريد أن أطمئن الأهالي بأن المكتب الثقافي، تحت قيادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة، يولي الموضوع كل اهتمام وعناية». وقال العيسى إنه لا يوجد طالب سعودي مبتعث من قِبل الحكومة في جامعة بينغهامتون، مؤكدا أن الزهراني ليس مبتعثا حكوميا مسجلا في الملحقية.