مراقبون في الخرطوم: النظام ضعيف.. وما يحدث ليس لتغيير القوانين بل لتغيير الحكومة

أكدوا أن حزب البشير لن يسمح بنظام ديمقراطي.. رغم وصول السياسيين إلى طريق مسدود

TT

تباينت ردود فعل الخبراء والمحللين في الخرطوم حيال خروج المعارضة السودانية، والحركة الشعبية لتحرير السودان، في مسيرة أمس للضغط على الحكومة للإيفاء بما تسميه القضايا العالقة، وملابسات حظرها من السلطات السودانية، حيث اعتبر بعضهم أن ما حدث يهدف إلى تغيير النظام وليس القوانين العالقة، بينما قال آخرون إن ما جرى طبيعي ويؤكد أن «النظام في الخرطوم لن يتغير». وأكد أكثر من محلل أن «النظام ضعف جدا ومرعوب».

واتفق المحللون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» على أن نزول المعارضة للشارع يعني توصل الحلول السياسية إلى طريق مسدود، وربما قادت إلى العودة إلى المربع الأول (الحرب). وتساءل الدكتور الطيب زين العابدين الكاتب والمحلل السياسي قائلا إن «حزب المؤتمر الوطني دائما يخرج في مظاهرات حتى دون إذن من أحد، فلماذا يمنع الآخرين من الظاهر؟». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن حزب المؤتمر الوطني «مرعوب» من أي تحرك جماهيري، لأنه ضعيف وليس له ثقة في نفسه. ومضى أن الحزب الحاكم ضعيف جدا أمام «أي تجمع سياسي ضده». وقال زين العابدين إنه لا يرى أي سبب لمنع المظاهرة «إلا إذا كان الحزب يريد أن يحكم كما كان قبل اتفاق السلام». واعتبر «تصرف حزب المؤتمر الوطني حيال القضايا العالقة ومنعها المسيرة أمس تصرفا أحمق يدخل يجر البلاد إلى الهاوية».

واتهم المحلل زين العابدين حزب البشير بأنه لا يريد أن يقدم استحقاقات التحول الديمقراطي مثل تغيير القوانين. وحذر زين العابدين من أنه «إذا لم يتم الاتفاق حول القضايا الخلافية ولم تجر الانتخابات فهذا يعني عدم إجراء الاستفتاء، وكل ذلك يعني دخول البلاد في نطاق ضيق»، وقال إن حزب المؤتمر الوطني نظام شمولي يسعى إلى أن يستبدل بنفسه نظاما شموليا آخر، حسب تعبيره.

ووصف الدكتور حسن السعوري أستاذ العلوم السياسية في جامعة النيلين (كبرى الجامعات السودانية) ما حدث أمس بين المؤتمر الوطني من جهة والحركة الشعبية ومعارضة من الجهة الأخرى تغيرا نوعيا في العلاقة بين الحزبين الشريكين في الحكم، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث أمس نقل الحركة الشعبية من حزب حاكم شريك إلى حزب معارض، وحمل الحركة الشعبية مسؤولية ما يجري لأنه أخرج الأمور من القنوات الرسمية للحوار: مثل البرلمان والرئاسة ومجلس الوزراء واللجان المشتركة بين الحزبين لتجاوز القضايا الخلافية إلى الشارع، «وهذا تحدٍّ من قبل الحركة الشعبية والقوى الأخرى، خصوصا أن خروجها إلى الشارع جرى دون تصديق من الجهات الرسمية». وفسر السعوري نزول المعارضة والحركة الشعبية إلى الشارع لحسم القضايا الخلافية بأنه «تخطيط لانتفاضة شعبية، ليس لإجبار الحكومة على تغيير القوانين وإنما لتغيير الحكومة نفسها».

واعتبر ما حدث أمس «تصعيدا كبيرا بين الشريكين وقطعا لشعرة معاوية بين طرفي اتفاق نيفاشا»، وقال إنهما كانا يعملان عبر «الرصاص وتفاوضا وتوصلا إلى اتفاق السلام، والآن ينزلان إلى الشارع، وهذا يعني أنهما في طريقهما مرة أخرى إلى الرصاص»، وقال إن «نزول الشارع يتوقع من خلاله تولد شرارة من جهة تكون غير معروفة، فتتحول الأمور إلى انفجار»، وحسب السعوري فإن «الخروج إلى الشارع يعني إراقة دم كثير».