وزير خارجية جيبوتي: حركة الشباب الصومالية غيرت قيادتها ويترأسها قيادي بـ«القاعدة»

محمود يوسف لـ «الشرق الأوسط»: فضيل عبد الله محمد بارع في التفجيرات

صوماليون يتظاهرون في مقديشو أمس احتجاجا على عملية التفجير التي حدثت في احتفال تخرج طلاب جامعيين من كلية الطب (رويترز)
TT

كشف محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن حركة الشباب المتشددة والمناوئة للرئيس الانتقالي بالصومال، الشيخ شريف شيخ أحمد، ولقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) قد غيرت أخيرا وبشكل سرى قيادتها، وأن القمري فضيل عبد الله محمد، هو رئيسها حاليا وأنه مسؤول عن تصاعد العمليات الانتحارية ضد السلطة الانتقالية والقوات الأفريقية في الصومال. وأوضح يوسف في حوار مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الجيبوتية أن «هذه المعلومات الاستخباراتية» هي معلومات مؤكدة، لافتا إلى أن فضيل معروف بانتمائه لتنظيم القاعدة وبراعته في تنفيذ الهجمات الانتحارية.

ويعتقد أن فضيل واحد من أخطر عناصر «القاعدة» في الصومال، والذي يقف وراء معظم العمليات الإرهابية التي استهدفت المصالح الأميركية والإسرائيلية في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي على مدى السنوات الماضية. وطبقا للمعلومات التي نشرها موقع «مكافآت من أجل العدالة» الذي تم تأسيسه بموجب قانون مكافحة الإرهاب الدولي الصادر عام 1984 ويتولى إدارته مكتب الأمن الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية الأميركية، فإن لدى فضيل، المولود في جزر القمر, ثلاثة تواريخ للميلاد و16 اسما من بينها أبو سيف السوداني وأبو عائشة وأبو لقمان. ويتراوح طوله ما بين 5.3 قدم إلى 5.5 قدم فيما يتراوح وزنه ما بين 120 إلى 140 رطلا وهو أسمر البشرة وله شعر أسود وعين عسلية اللون، ويروق لمحمد تغطية رأسه بإحدى القبعات التقليدية التي يرتديها لاعبو لعبة البيسبول الأميركية ويميل لارتداء الملابس الرياضية «السبور» ويجيد أيضا استخدام أجهزة الكومبيوتر، وفقا للملاحظات التي أوردها البرنامج عبر موقعه الإلكتروني باللغة العربية. وأصدرت السلطات في المنطقة القضائية الجنوبية في مدينة نيويورك الأميركية بتاريخ 17 سبتمبر (أيلول) عام 1998 لائحة اتهام ضده واتهمته فيها بالاشتراك في ارتكاب جريمتي تفجير السفارتين الأميركيتين في دار السلام بتنزانيا وفي نيروبي في كينيا يوم 7 أغسطس (آب) من العام نفسه مما أسفر عن مقتل 224 مدنيا بريئا وإصابة آخرين يتجاوز عددهم 5 آلاف شخص. وقال وزير الخارجية الجيبوتي إن فضيل بات الآن على رأس الهرم القيادي في حركة الشباب، وأنه مسؤول عن تصاعد العمليات الانتحارية التي شهدها الصومال أخيرا. على صعيد آخر أبلغ وزير الخارجية الجيبوتي «الشرق الأوسط» أن الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة سيفتتح صباح اليوم اجتماعات الدورة العادية لوزراء خارجية دول منظمة الإيقاد. وأكد يوسف أن بلاده ترفض الدعوات المتكررة لعقد مؤتمر مصالحة جديد في الصومال، لافتا إلى أن الاجتماعات ستركز على كيفية دعم الحكومة الصومالية وتعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية. وفيما يلي نص الحوار:

* فهمت أن اجتماعا عاجلا سيعقد اليوم في جيبوتي لوزراء خارجية دول منظمة الإيقاد؟

ـ نعم والاجتماع سيفتتحه الرئيس عمر جيلة برئاسة إثيوبيا، وسيعقد في فندق كيمبسكي ابتداء من الساعة التاسعة صباحا والاجتماعات ستستغرق يومين.

لكنه بالطبع، ليس اجتماعا عاجلا وإنما هو اجتماع الدورة العادية لوزراء خارجية دول الإيقاد وسيعقد بحضور جميع الوزراء تقريبا وعدد من المدعوين من شركاء الإيقاد وأحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة وعدد من كبار الشخصيات المهتمة بقضايا القرن الأفريقي. وسنناقش عددا من القضايا الرئيسية السياسية والأمنية كالصومال والسودان والاندماج الاقتصادي لدول المنظمة وقضايا تتعلق بحماية البيئة.

وبطبيعة الحال فإن الوضع القائم في الصومال سيكون محل اهتمام خاص في ضوء التطورات الأخيرة من تفجيرات وعمليات انتحارية وكل هذه التطورات التي أصبحت مثار قلق لنا وللمنظمة ولدولها وللعالم.

* وكيف ترون الوضع الراهن في الصومال؟

ـ من الصعب أن نصف هذا الوضع عن بعد، لكنه يثير قلق دول المنطقة خاصة بعد التصعيد الذي تقوم بها المنظمات التي تسمى نفسها جهادية مثل حركة الشباب والحزب الإسلامي وغيرهما، واتضح أن هذه المنظمات بدأت تتخذ تقنيات واستراتيجيات تشابه المنظمات الإرهابية الدولية التي اشتهرت بالعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، والعملية الأخيرة التي وقعت داخل العاصمة الصومالية مقديشو هي خير شاهد على ذلك. نعتقد أن هذه المنظمات الجهادية لا تسعى لإرساء قواعد السلام في الصومال بل يبدو أنها تسعى وراء أهداف سياسية واضحة، وهو الإطاحة بالحكومة الصومالية وطرد قوات الأميصوم وإقامة نظام يسمى إمارة إسلامية ليس لها حدود وتريد فقط أن تحقق أهدافا غير واضحة بالنسبة للشعب الصومالي نفسه. وإهدار دماء الطلاب خريجي كلية الطب لا يستطيع أحد تبريره أو قبوله.

* هل لـ«القاعدة» بصمات في هذا الهجوم؟

ـ بالتأكيد وجماعة الشباب غيرت قيادتها قبل شهر تقريبا، والرجل الذي يترأسها الآن معروف بانتمائه لـ«القاعدة» واسمه فضيل وجنسيته قمرية وتقريبا هو من يقود ويترأس الآن هذه المنظمة.

* هذه معلومات جديدة وغير معلنة لأن الأمير السابق كان يدعى عبد الرحمن أبو الزبير؟.

ـ نعم هذا تغيير وهناك شخص أفغاني وأصله صومالي، لكن هذه القيادات تغيرت ويبدو أن هذا الشخص (فضيل) تربع على قمة الهرم داخل المنظمة وهو معروف بانتمائه لـ«القاعدة» وأنه رجل محترف جدا في تلك التقنيات التي تستخدم الآن من تفجيرات انتحارية أو سيارات مفخخة وهذا الرجل فعلا يقود الآن هذه المنظمة.

* عفوا.. لكن ما مصدر هذه المعلومات؟

ـ إنها معلومات استخباراتية مؤكدة وهو العقل المدبر الآن ورئيس هذه المنظمة.

* كيف تعتزمون التعامل مع الصومال في ضوء ما يجري؟

ـ طبعا التركيز حاليا ينبغي أن يكون على تقوية وتعزيز القدرات الأمنية والعسكرية للحكومة الصومالية، وهذا من بين الأولويات التي لا بد أن نركز عليها، ثم كيفية تعزيز قوات الأميصوم المتمركزة في مقديشو، بالإضافة إلى كيفية تمويل وتقديم الدعم المالي للحكومة الانتقالية حتى تقوم بالتزاماتها أولا تجاه قوات الأمن الصومالية التي تنتظر مرتباتها وكيفية جعل هذا القوات أكثر ولاءً للحكومة حتى لا تتحول للطرف الآخر إذا ما شعرت بإهمال أو لعدم تلقيها مرتباتها في الوقت المحدد.

وكما تعلمون هناك «اتفاق جيبوتي» ولابد من التعامل مع هذا الوضع، والبديل كما يصرح البعض من مؤتمر مصالحة جديد، هذا الكلام يثير اللبس والشك في عقول الناس التي تحاول مساعدة الصومال.

* أنتم إذن ترفضون فكرة عقد مؤتمر مصالحة جديد في الصومال؟

ـ نعم من المؤسف أننا نسمع من حين لآخر مثل هذه الأصوات. ونعتقد أن هذه الأمور لم يحن وقتها ولابد أولا من إتمام ما بدأنا فيه في إطار اتفاق جيبوتي ثم نرى بعد انتهاء الفترة الانتقالية خلال سنة أو أقل، لا بد من العمل مع هذه الحكومة الصومالية وتشجيع جميع المنظمات السياسية وغير السياسية للانضمام إليها.

* لكن لماذا تعارضون الفكرة؟

ـ أن تدعو هيئة دولية أو دولة معينة لمؤتمر مصالحة جديد هو أمر في تقديرنا غير واقعي ويثير المزيد من اللبس على أرض الواقع. ونرى ضرورة الكف عن مثل هذه التصرفات التي لا تخدم مصلحة الشعب الصومالي.

* ليس هناك سوى إريتريا على حد علمي تتبنى هذه الدعوة؟

ـ نعم ومع الأسف كان هناك بيان تلقيته من الجامعة العربية يدين العملية الانتحارية ويدعو إلى مؤتمر مصالحة جديد، ولكن لابد أن نتأكد من هذا الكلام، وأنا في زيارتي الأخيرة للقاهرة التقيت مع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية وأكدت له موقف جيبوتي من مثل هذه التحركات السياسية في الوقت الراهن لأن الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة يريان أنه من غير المناسب أن نعيد الكرّة ونبدأ مجددا من نقطة الصفر ونعقد مؤتمرا جديدا يستغرق المزيد من الوقت بينما الشعب الصومالي يرزح تحت ويلات الحرب.

* هل سترسلون قوات عسكرية إلى الصومال؟ ـ نحن وعدنا الاتحاد الأفريقي أن ندعم قوات الأميصوم أولا بمراقبين عسكريين ومترجمين ورجال علاقات عامة وإذا لزم الأمر في مرحلة لاحقة بقوات عسكرية.

* متى وكيف؟

ـ هذه الترتيبات سنبحثها مع الاتحاد الأفريقي لكن ما أود التأكيد عليه هنا هو أننا اتخذنا هذا القرار على المستوى السياسي في جيبوتي.

* ماذا عن السودان في ضوء موقف المحكمة الجنائية الدولية؟

ـ موقف دول الإيقاد من قرارات المحكمة الجنائية هو موقف واضح، نحن رفضنا كل ما صدر عنها جملة وتفصيلا لأنها قرارات مسيّسة. وللعلم سنتطرق في اجتماعات الإيقاد (غدا) إلى الوضع في إقليم دارفور وبنود تنفيذ اتفاقية السلام في جنوب السودان والاستفتاء.

ونحن نرى ضرورة استمرار الدعم للحكومة السودانية والوقوف بجانبها في مواجهة هذه التحديات، وكينيا وإثيوبيا من بين الدول التي كلفت بمتابعة هذا الملف وننتظر ما ستقدمانه من تقارير في هذا الإطار لاجتماعات وزراء خارجية دول منظمة الإيقاد، وكما قلت فإننا نسعى لتشجيع الإخوة في السودان لتنفيذ ما اتفقوا عليه في نيفاشا.