لبنان: «بند المقاومة» يستأثر بمعظم السجالات النيابية ونواب حزب الله يطالبون بحذف فقرات تنتقد الحزب

عضو في كتلة عون لـ«الشرق الأوسط»: لم يبحث ملفات داخلية في دمشق ولم يشتك بري

TT

شهد اليوم الثالث من مناقشات البرلمان اللبناني للبيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري، المزيد من السجالات حول «بند المقاومة» بين المؤيدين والمعارضين للبند، وكلاهما مجمع على منح الحكومة الثقة. وسط مساع حثيثة بذلها رئيس مجلس النواب لتقليل عدد النواب طالبي الكلام.

وكان البرلمان طوال يوم أمس شبه خاليا من النواب، ما عدا من الذين يرد اسمهم في لائحة طالبي الكلام، والبالغ عددهم 20 نائبا، بعد أن هدد الرئيس بري بشطب اسم كل نائب لا يكون موجودا في القاعة عند المناداة عليه. وفي المقابل كانت صفوف الحكومة شبه مكتملة وعلى رأسها الحريري الذي تنقل بين مقاعد النواب ومقعده كرئيس للحكومة، وصولا إلى منصة رئاسة المجلس لعقد حوارات ثنائية مع رئيس المجلس.

وكما كانت الحال في اليومين الأولين، كان «البند السادس» المتعلق بالمقاومة وسلاحها موضع تجاذب كبير بين الأطراف مع إطلالة لا بأس بها لموضوع إلغاء الطائفية السياسية الذي قالت مصادر لبنانية أمس، إنه كان السبب الرئيس لزيارة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى سورية، مشيرة إلى أن عون ذهب إلى دمشق «يشتكي من طرح بري»، وتحدثت عن أن القيادة السورية ستطلب حضور بري إلى دمشق لمناقشته في هذا الموضوع وطلب سحبه من التداول.

لكن الطرفين المعنيين بالمعلومات نفياها بشدة، وأكد عضو كتلة عون النائب الآن عون لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المعلومات «غير صحيحة» مشددا على أنه لا يوجد في ماضي عون ولا في حاضره، وبالتأكيد لن يكون في مستقبله، ما يفيد بأنه «استقوى بالخارج على طرف في الداخل»، معتبرا أن الذين يروجون هذه المعلومات «هم أنفسهم من كانوا يستقوون بالخارج على الداخل أيام الوصاية (السورية)»، وقال إن عون بحث مع الرئيس الأسد «الملفات التي تهمنا جميعا في المنطقة والتحديات التي تواجهنا ولم يتطرقا أبدا إلى الملفات الداخلية».

أما عضو كتلة بري النائب هاني قبيسي، فقد نفى بدوره هذه المعلومات، مشددا على أن «الجنرال لم يشتك أحدا في سورية»، وإذ أشار قبيسي إلى أن زيارة بري إلى دمشق «واردة»، أكد أنها غير مرتبطة بهذا الملف، نافيا علمه بمواعيد محددة لها. وكان بري قد عبر أمس مجددا عن ضيق صدره من الكلام عن إلغاء الطائفية السياسية، نافيا أن يكون قد طرح إلغاء الطائفية، بل تأليف الهيئة التي تقترح سبل الإلغاء، مشيرا إلى أن هذا قد يستغرق سنوات طويلة، كما كان أكد لـ«الشرق الأوسط». وقال بري أمام النواب إن تأليف الهيئة «واجب دستوري على رئيس مجلس النواب»، قائلا: «إذا كنتم (النواب) لا تريدون هذا الخضوع فليتم إلغاء هذا البند من الدستور وتنتهي القصة». مشيرا في هذا الإطار إلى أنه يدرك أن هناك بين المسلمين من لا يريد إلغاء الطائفية السياسية الآن. وكانت الجلسة النيابية استؤنفت أمس بكلمة للنائب غسان مخيبر (تكتل عون) الذي شدد على أولوية «الحاجة إلى الأمن»، داعيا إلى «الإسراع في تعزيز قدرات الجيش وقوى الأمن الداخلي بكل ما تحتاج إليه من عدد وعتاد لكي نصل إلى اليوم الذي تكون فيه هذه القوى المتولية الحصرية للأمن ولقرار استعمال القوة العامة على كامل الأراضي اللبنانية». أما عضو التكتل نفسه النائب سيمون ابي رميا فقد منح ثقته لـ«حكومة الإنماء والتطوير، لأنها حكومة تمثل لبنان بكل ألوانه الوطنية». وبدوره أشار عضو الكتلة عباس هاشم إلى «الأخطار المحدقة بالوطن». وقال: «المقاومة حق مقدس للبنان، تساند جيشه وتدعمه وتحمي خاصرته وهي نتيجة لمتسبب هو إسرائيل فلينكفئ المتسبب ويرتدع فتطوي المقاومة صفحة جهادها بنفسها لتفتتح صفحة السلام»، معتبرا أن «الإطار الصالح لها نتركه لطاولة الحوار ولذوي الشأن حولها». واصفا الخلاف حول موضوع إلغاء الطائفية السياسية بـ«الخلاف الوهمي»، وقال: «الكل دعا إلى كيفية مقاربة تأسيس الهيئة الناظرة والفاعلة في هذا المضمار، بحسب ما ورد في دستور الطائف ولم يتخذ أحد على عاتقه قرار إلغائها الآن». ودعا عضو التكتل النائب وليد خوري إلى «وضع محاضر الطائف بعهدة رئاسة مجلس النواب للإطلاع على مضمون النقاشات التي أملت وضع هذا الدستور».

أما نائب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان فقد وصف البيان الوزاري بأنه «بيان تسوية، وسأل: «عندما تقوم الدولة بواجباتها هل نستطيع أن نتكلم عن مقاومة؟ وهل لبنان بحاجة إلى مقاومة وإلى السلاح الموجود مع حزب الله؟ وهل سنعود إلى مقولة لبنان بضعفه؟ وأضاف: «نحن بحاجة إلى هذا السلاح على أن يكون بيد الدولة اللبنانية، هذا مصدر قوة للبنان، ومصدر قوة لتعاطي لبنان مع بقية الدول». أضاف: «الموضوع الثاني يتعلق بإلغاء الطائفية السياسية، اليوم نحن كمسيحيين أريد أن أعبر عن شعورنا». فتدخل الرئيس بري طالبا منه أن يعطي رأيه كعضو في «القوات» لا كمسيحي، معتبرا أن «هذه أحد أسباب تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية». وعندما أشار عدوان إلى أن «الشعور العام لدى كل المسيحيين هو أن إلغاء الطائفية السياسية هو إلغاء للمناصفة ولوجودهم، وفي ظروف أن الدولة ليست منتشرة على أراضيها، فإن طرح هذه الأمور في الوقت الحاضر يثير التشنجات ويدعو المسيحيين إلى الانزعاج». قال بري: «من حكى بإلغاء الطائفية، نحن في جلسة رؤساء ومقرري اللجان تكلمنا عن الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية هذا هو الموقف، إلغاء الطائفية». أما النائب فادي الهبر (الكتائب اللبنانية) فقد أبدى اعتراضه على البند السادس من البيان وطلب إبقاء النص على حق لبنان بكامل شعبه وجيشه في تحرير الأرض والدفاع عن الوطن وجيشنا هو الجامع الوطني الوحيد لكل اللبنانيين». أما عضو الكتلة نفسها، ونجل رئيسها، النائب سامي الجميل فقد توجه إلى نواب حزب الله قائلا: «نحترم نضالكم ومقاومتكم ونحن أكثر من يفهم نضالكم وتضحيتكم، لا سيما أننا خبرنا الشهادة والمقاومة من أجل قضية. نحن نعترف بشهدائكم الذين سقطوا في الجنوب وإنما انتم زملاؤنا وانتم لبنانيون مثلنا وكما نعترف بكم وبكل انجازاتكم نطلب منكم أن تعترفوا بنا وبنضالنا تجاه الاحتلال السوري في لبنان والتوطين».

وهنا قاطعه بري، قائلا «نحن دعونا السوريين إلى الدخول إلى لبنان». فرد عليه الجميل: «أرجوك لا تقاطعني أنا أعطي رأيي ولك رأيك في الموضوع».

وتساءل النائب الجميل «لماذا يحق لجهة أن تمتلك السلاح بينما لا يمكن لأخرى اقتنائه. لماذا تقطع الكهرباء عن فئة ولا تقطع عن فئة أخرى؟»، فقاطعه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي قائلا: «تكلمت عن التساوي بالحقوق اعطني مثلا عن التساوي بالواجبات؟». ثم تابع الجميل فاعطى مثلا كيف يمكن لفرد تعاطى المخدرات مثلا أن يسجن لسنوات عدة، بينما لآخر قتل عنصرا في الجيش اللبناني (في إشارة إلى عنصر من حزب الله قتل ضابطا في الجيش عندما كان يحلق بمروحيته فوق جنوب لبنان) أن يخرج من السجن بعد 10 أشهر فقط؟. وتمنى التوفيق لهذا المجلس ولهذه الحكومة، وأعلن دعمه لها على كل المستويات ما عدا البند السادس فيها» الذي نعتبره غير موجود وباطل، لأن فيه عيب بالرضا وقد حصل تحت ضغط أحداث 7 أيار».

وأعطت النائبة نايلة تويني الثقة للحكومة ولرئيسها مبدية التخوف من السلاح خارج الشرعية، ومن أن يتحول العبور إلى الدولة انقلابا على الدولة. وأكدت أنها لا تخشى من إلغاء الطائفية السياسية داعية إلى نزعها من النفوس أولا.

وأشار النائب مروان حمادة إلى أنه «لا ضمانة لأحد عمن سيمسك قرار السلم والحرب في لبنان ومعالجة ازدواجية السلاح». وأضاف: «ما يقلقني أن يتحول لبنان مرة أخرى ساحة تصفية للحسابات الإقليمية، وتلحق اللبننة بالعرقنة وبالصوملة، وما يقلقني أيضا هو مدى قدرة هؤلاء الوزراء على اتخاذ القرار الشرعي الجامع». ودعا «شركاؤنا في المجلس وفي الحكومة إلى عدم إقحام لبنان وخصوصا عدم توجيه السلاح نحو فتنة داخلية».