مصافحات بلا مصالحات بين القيادة المسيحية اللبنانية في ذكرى الميلاد

رئيس الجمهورية يعد بإطلاق «ورشة الإصلاحات»

TT

كان الاحتفال التقليدي بـ«يوم الميلاد» لدى الطوائف الكاثوليكية في لبنان مناسبة لجمع السياسيين المسيحيين المتخاصمين، الموارنة منهم تحديدا. ورغم أن هذا اليوم لم يشهد «مصالحات»، إلا أنه حفل بـ«المصافحات» بين هؤلاء، وأبرزهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي صافح بدوره رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.

وقد زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان البطريرك الماروني نصر الله صفير لتهنئته بذكرى الميلاد والمشاركة في القداس الذي يقام للمناسبة سنويا. وعقدت خلوة بين الرئيس سليمان والبطريرك صفير في مكتب الأخير، استمرت نصف ساعة تناولت «المواضيع كافة المطروحة على الساحة المحلية»، كما أفاد بيان صدر عن البطريركية المارونية. بعد الخلوة، وخلال توجهه إلى الكنيسة قال الرئيس سليمان ردا على سؤال عن المصالحات المسيحية: «كل شيء في وقته»، واعدا اللبنانيين في العام الجديد بإطلاق «ورشة الإصلاح». وقال: «إصلاح المؤسسات لأنه الأمر المهم، حيث لا يُصان الاستقلال والسيادة والحرية إلا من خلال المؤسسات»، وتمنى للبنانيين «الاستقرار ودوام الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي». مشددا على أن التعيينات الإدراية التي ستجري ستتم على أساس الكفاءة وعلى آلية تضع معايير لجميع الناس».

وتَرأّس البطريرك صفير قداس الميلاد وألقى عظة حيا فيها «الجهود التي يبذلها الرئيس لقيادة سفينة البلد إلى ميناء الأمان في بحر متلاطم الأمواج»، وقال: «قد كُتب علينا أن نعيش في منطقة كانت دائمة مضطربة وهي في هذه الأيام أكثر منها اضطرابا في وقت مضى، وما من لبناني يجهل ما تبذلون من جهود حثيثة لكي تؤمّنوا ما يصبو إليه اللبنانيون من طمأنينة وهدوء وسلام. وأضاف: «لقد تحسن المناخ الاجتماعي، وتراجعت موجة الاغتيالات ومال الناس على وجه الإجمال، إلى التفاهم والابتعاد عن العنف الذي لا يولّد إلا العنف، وهذا أمر لا بأس به وكان مرجوا منذ زمن، غير أن الإخلاص للوطن يقضي على كل فئة من المواطنين، بل على كل مواطن أن يعمل في سبيل وطنه، لا في سبيل نفسه وأنانيته، وخير مثال لنا نجده في السيد المسيح الذي لم يعمل لنفسه، بل لله أبيه السماوي، ولنا جميعا، وقد ضحى بنفسه في سبيلنا وارتضى أن يعلق على الصليب ويموت عليه، لكي يفتدي الناس أجمعين ولكي يعطينا جميعا أمثولة في كيف يجب أن تكون التضحية في سبيل الغير».

وقدم النائب العماد عون التهاني بالعيد للبطريرك، وقال بعد اللقاء: «جئت لأحضر القداس، فأنا نائب عن هذه المنطقة، وغبطته موجود في هذه المنطقة وفخامة الرئيس جاء ليقدس هنا، ومن أقل الأمور أن نشارك في هذا الاحتفال الديني». وردا على المصافحة التي تمت بينه وبين الدكتور جعجع قال: «إنه سلام عادي يجري بين الناس، وهو أمر طبيعي». أما جعجع، وفي دردشة مع الإعلاميين، فاعتبر أن الزيارة هي لـ«المعايدة فقط». وعما إذا كانت هناك مصالحة في هذا القداس قال جعجع: «لا أحد مختلف مع أحد، كل واحد لديه سياسة، ونحن في الأساس متصالحون». ونفى جعجع أن يكون حضر للمشاركة في القداس، مؤكدا أنه جاء لـ«المعايدة فقط، ومن هنا سوف أعايد جميع اللبنانيين، ونأمل في أن تكون السنة المقبلة سنة أعياد إذا شاء الله». وردا على سؤال، حول المصالحات قال جعجع: «ليس هناك أي سوء تفاهم مع الوزير فرنجية، وكما حدث اليوم بالمصادفة يمكن أن يحصل في الظروف نفسها». سُئل: ألم يكن الظرف مناسبا اليوم بوجود فخامة الرئيس وغبطة البطريرك أن تجلسوا معا مع العماد عون؟ أجاب: «نعم، لكن العماد عون كان لديه موعد واضطر إلى المغادرة». وعما إذا كانت المصافحة خطوة على طريق المصالحة المسيحية قال: «أعتقد أنه ستكون لدينا أيام جيدة إن شاء الله، باستثناء ما يمكن أن يحصل في الجنوب»، مبديا تخوفه من الوضع هناك.

أما وزير الداخلية زياد بارود فقد رأى أن المصالحات المسيحية المسيحية «سائرة في الاتجاه الصحيح وكما يجب، ولنترك الأمور تحصل في أوقاتها المناسبة، الجو في البلد إيجابي، فلنراهن على الإيجابيات». وردا على سؤال عن تخوف البعض من الوضع في الجنوب قال: «التخوف قائم منذ 1948. إسرائيل لم تعوّدنا يوما الارتياح، ولا يمكننا أن نطمئن إلى ما يمكن أن تخطط له. التضامن اللبناني اللبناني الداخلي هو أفضل مواجهة لأي اعتداء إسرائيلي، لذلك ليس من شيء بالضرورة يستجد جنوبا، ولكن منذ عام 48 وبشكل متواصل، تضرب إسرائيل وتنتهك وتعتدي، والرادع الأول هو التضامن اللبناني - اللبناني».