إندونيسيا تشيع رئيسها السابق الذي كسر المحرمات ودعا لعلاقات مع إسرائيل

البيت الأبيض: واحد كان رمزا للتسامح وقاد بلاده في فترة التحول الديمقراطي

TT

شارك الآلاف في تشييع جثمان الرئيس الإندونيسي السابق عبد الرحمن واحد (1999 - 2001)، السياسي الذي سعى إلى إقامة علاقات مع إسرائيل ودافع بشدة عن التعددية في بلاده. ونكست الإعلام في أنحاء البلاد الشاسعة حدادا على الرئيس السابق الذي توفي الليلة قبل الماضية في مستشفى بجاكارتا عن 69 عاما نتيجة مضاعفات جراء إصابته بمرض السكري وجلطة دماغية.

وكان واحد رابع رئيس لإندونيسيا وخصم الجنرال سوهارتو الدكتاتور الذي حكم البلاد بقبضة من حديد طوال 32 سنة. وفي 1999 انتخب البرلمان واحد رئيسا للبلاد بعد أن أرغم سوهارتو على الاستقالة في 1998.

وفي كلمة أثناء الجنازة التي جرت في مقبرة عائلة واحد في قرية تيبويرنغ في جاوة الشرقية، أشاد الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو بالمساهمات التي قدمها واحد للديمقراطية الناشئة في إندونيسيا. وقال إن واحد تمكن من «خلال كلماته وتصرفاته من جعلنا ندرك ونحترم تعدد الأفكار والهويات الناتجة عن الاختلافات في الأديان والمعتقدات والإثنيات والمناطق». وأضاف قبل أن يهيل التراب على قبر عبد الرحمن واحد: «وسواء كنا نعرف ذلك أم لا، فقد كان واحد أبا للتعددية السياسية والثقافية في إندونيسيا».

وفي الولايات المتحدة، أشاد البيت الأبيض بعبد الرحمن واحد كونه رمزا للتسامح الديني ساعد على قيادة إندونيسيا في فترة من التحول الديمقراطي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس: «سيبقى الرئيس واحد الشخصية النافذة خلال فترة انتقال إندونيسيا إلى الديمقراطية، وسيذكر الرئيس واحد لالتزامه بالمبادئ الديمقراطية والسياسة الشاملة والتسامح الديني». وأضاف أن عبد الرحمن واحد «عمل من أجل سلام وازدهار الإندونيسيين كافة وسعى إلى بناء جسر بين الشعوب من مختلف الأديان». كما وصف رئيس الوزراء الأسترالي كيفين راد واحد بأنه زعيم إسلامي معتدل نافذ. وقال: «كان الرئيس السابق واحد مصدر إعجاب واحترام ليس فقط في إندونيسيا ولكن بالنسبة لكثير من الأستراليين وغيرهم في أنحاء المنطقة». وفي الصين، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جيانغ يو إن الرئيس الراحل قدم إسهامات كبيرة للعلاقات بين الصين وإندونيسيا. وصرح صلاح الدين واحد الشقيق الأصغر للرئيس الراحل لوكالة الصحافة الفرنسية أن العائلة «تشعر بالصدمة والحزن الشديد». وقال إن واحد كان «مرحا وسعيدا وذكيا وشجاعا ومهتما بمجتمعه، وكان مليئا بالحياة وكانت روحه القتالية قوية. وحتى عندما كان مريضا، كان يقاوم المرض».

وبرز واحد على الساحة السياسية كزعيم لإحدى كبريات الحركات الإسلامية في البلاد، وهي حركة «نهضة العلماء»، بعد أن كان منتقدا لسوهارتو خلال حكمه الذي استمر ثلاثة عقود. وتغلب على الرئيسة السابقة ميغاواتي سوكارنو بوتري في انتخابات برلمانية وحل محلها بعد عامين عندما أقالها البرلمان بسبب مزاعم بالفساد وعدم الكفاءة. وأثناء حكمه أشرف على خروج إندونيسيا من الأزمة المالية الآسيوية (1998 - 1999) وانضمامها إلى نادي الدول الديمقراطية عقب انهيار دكتاتورية سوهارتو.

إلا أن مخاوف ثارت من أن الأرخبيل الذي يسكنه 234 مليون شخص سينهار تحت وطأة النزعات الانفصالية والطائفية في مناطق مثل آتشيه وبابوا وجزر الملوك. وأطل التشدد الديني العنيف برأسه عندما وقعت تفجيرات منسقة عشية عيد الميلاد على كنائس في جاكارتا وغيرها من المدن عام 2000 قتل خلالها 18 شخصا. ورد عبد الرحمن واحد على ذلك بحملة قمع على المتشددين وسعى إلى المصالحة بين المنشقين الإثنيين مما أثار خلافات بينه وبين الجيش والنخبة في جاكارتا. كما كسر واحد المحرمات بدعوته إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وإنهاء الحظر الذي فرض على الشيوعية إبان الحرب الباردة.