السلطات الإيرانية تهدد قادة المعارضة: لن نحتمل مظاهرات جديدة.. ومكان موسوي وكروبي لا يزال غامضا

الحكومة تنقل عربات مدرعة وجنودا إلى طهران.. والشرطة تطلق الغاز ضد المتظاهرين > جماعة على الإنترنت تهدد باغتيال قادة المعارضة.. وتؤكد تشكيل فرق انتحارية في قم

متظاهرون أمام السفارة الإيرانية في لندن خلال مسيرة احتجاجية ضد حكومة الرئيس أحمدي نجاد أمس (رويترز)
TT

أمرت السلطات الإيرانية معارضيها أمس بالتوقف عن الاحتجاجات ضد الحكومة، محذرة من أن قادة المعارضة الإصلاحية قد يواجهون المحاكمة إذا لم يمنعوا خروج أنصارهم إلى الشارع، في وقت تناقلت فيه أنباء تشير إلى أن الحكومة تنقل مدرعات وجنودا إلى طهران، قبيل مظاهرة يخطط لها التيار الإصلاحي المعارض لتسييرها في العاصمة. ولا يزال الغموض يكتنف مكان وجود زعيمي المعارضة، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي. وبينما أكدت السلطات أنهما فرا إلى خارج طهران، عادت وقالت إن أحد قادة المعارضة قرر العودة من دون الإفصاح عن الأسماء، ونفت المعارضة فرارهما، مؤكدة وجودهما في طهران. وحسب موقع على الإنترنت للمعارضة فإن الشرطة الإيرانية أطلقت الغاز المسيل للدموع أمس لتفريق حشد من المتظاهرين المناوئين للحكومة لدى تجمعهم في وسط العاصمة طهران.

وأشارت السلطات الإيرانية إلى أنها لن تحتمل أي مظاهرات جديدة بعد أن قتل نحو 15 في مظاهرات ملتهبة يوم الأحد خلال الاحتفال بيوم عاشوراء. وكررت تحذيراتها من أن زعماء المعارضة سيواجهون المحاكمة إذا لم يمنعوا أنصارهم من النزول إلى الشارع في تظاهرات مقرر لها خلال أيام. وجاء هذا التحذير بعد يوم واحد من حشود مؤيدة للحكومة خرجت أمس لليوم الثاني على التوالي تدعو إلى إعدام زعماء المعارضة. وعرض تلفزيون الدولة مجموعة من المتظاهرين المؤيدين للحكومة وهم يرتدون الأكفان البيضاء وقد حملوا لافتات كتب عليها «نحن مستعدون للتضحية بحياتنا من أجل القائد» في إشارة إلى آية الله علي خامنئي القائد الأعلى الإيراني.

وحسب وكالة «أسوشييتد برس» فإن جماعة غير معروفة تطلق على نفسها «لواء النجم الساطع الانتحاري»، نشرت بيانا على الإنترنت تشير فيه إلى أن فرقا انتحارية مستعدة لاغتيال قادة المعارضة، إذا لم تتم محاكمتهم ومعاقبتهم في غضون أسبوع. وقالت إنه تم تعيين مجموعة من المهاجمين الانتحاريين حتى في مدينة قم المقدسة نفسها.

وخرج عدة مئات في مظاهرة مؤيدة أمس، في جنوب طهران خارج مكتب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، حسب الإذاعة الرسمية. وذكرت المعارضة الإيرانية أمس أن الحكومة تنقل جنودا وعربات مدرعة إلى العاصمة طهران. وقال موقع «جرس» على الإنترنت «المئات من القوات العسكرية وعشرات العربات المدرعة.. تتحرك صوب طهران. وتستخدم بعض العربات في قمع المظاهرات في الشوارع». لكن الحكومة الإيرانية نفت صحة ما جاء في هذا التقرير. وأوضح الموقع الذي تديره المعارضة أن القوات الأمنية تواجدت بشكل مكثف في عدد من الميادين بطهران قبل مسيرة اعتزمت المعارضة تنظيمها.

وحذر رئيس الشرطة الإيرانية أنصار موسوي أول من أمس من أن قادة المعارضة سيلقون معاملة قاسية إذا ما شاركوا في مظاهرات غير شرعية مناهضة الحكومة. وقال إسماعيل أحمدي، مقدم قائد الشرطة الإيرانية، إن أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي سيلقون معاملة قاسية إذا شاركوا في مسيرات غير شرعية.

وأضاف لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية «سيواجه المشاركون في المسيرات غير الشرعية معاملة أقسى وستتصدى لهم السلطة القضائية بحزم أكبر». وأضاف «يعتبر بعض المحتجين يوم الأحد أعداء لله، وستتم مواجهتهم بحزم». كما أكد المدعي العام غلام حسين محسني إيجائي أن زعماء المعارضة قد يواجهون القضاء، في تصريحات نشرت مساء أول من أمس. وقال إن «القضاء باشر ملاحقة عدد من قادة المعارضة».

لكن أنصار المعارضة نزلوا إلى الشارع أمس متحدين تلك التحذيرات الرسمية. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق حشد من المتظاهرين المناوئين للحكومة لدى تجمعهم في وسط العاصمة طهران. وتصادم أنصار زعيم المعارضة مير حسين موسوي مع قوات الشرطة في ميدان هفت تير، وأطلقت الشرطة عبوتين من الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، حسب موقع «جرس».

إلى ذلك، أكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية مجددا أمس أن «بعض قادة التمرد» (معارضة) غادروا طهران إلى شمال إيران، وأن «أحدهم لا يزال موجودا فيها»، وذلك على الرغم من النفي المتكرر للمعارضة أو لوسائل إعلام إيرانية. وقالت الوكالة إنها «تؤكد مجددا أن قادة التمرد غادروا طهران الثلاثاء إلى محافظة مزنداران، وتضيف أن أحدهم لا يزال موجودا فيها بعد ظهر هذا اليوم (أمس) الخميس». وأضافت الوكالة من دون توضيح ومن دون ذكر أسماء، أن قائدا آخر «قرر العودة إلى طهران، لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول عودته».

ومساء أول من أمس، أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن اثنين من أبرز قادة المعارضة للرئيس محمود أحمدي نجاد، وهما رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي «غادرا طهران إلى شمال إيران بعدما لاحظا تصاعد غضب الشعب الذي يطالب بمعاقبتهما». إلا أن الوكالة لم تحدد متى حصلت المغادرة. وكان موقع «رهسبز» الإلكتروني أكد للوهلة الأولى مغادرة اثنين من قادة المعارضة الأكثر تهديدا من السلطة، لكن نجل كروبي نفى الخبر، ثم نفته وكالة «فارس» القريبة من الخط المتشدد للسلطة والتي أعلنت أن «هذا الخبر الخاطئ مصدره أشخاص يشاركون في الفتنة». واكتفى موقع تابع لموسوي بنشر نفي جديد لنجل كروبي يؤكد أن «هذين الزعيمين المعارضين للحكومة كانا في طهران حتى مساء الأربعاء». وقال حسين كروبي في هذا النفي الجديد «كنت على اتصال حتى بعد ظهر (الأربعاء) مع موسوي».

من جهته، أكد وزير المخابرات الإيراني حيدر مصلحي نجاح الخطط التي وضعت لمواجهة الاضطرابات. وقال إن السلطات تشن حملة ناجحة بقيادة المخابرات ردا على الاضطرابات السياسية التي جرت في البلاد أخيرا. وأضاف «من خلال المناقشات التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية كانت النتائج التي حصلت عليها وزارة المخابرات بما في ذلك تحديد الأنشطة والأشخاص الذين لهم دور في المظاهرات إيجابية». إلا أنه استدرك بالقول «ولكن يتعين علينا أن نضع في الاعتبار أن هذا كله من تداعيات أولئك المناهضين للثورة الإسلامية».

ولم يعلن مصلحي رقما محددا للمعتقلين خلال الاشتباكات التي جرت في إيران خلال الأيام القليلة الماضية، كما لم يعلن هويات كبار الشخصيات الذين اعتقلوا في الاضطرابات. لكن بعض مواقع المعارضة ذكرت أن عدد المعتقلين وصل إلى 500.

وشهدت إيران يوم الأحد الماضي اضطرابات كانت الأدمى منذ انتخابات الرئاسة التي أجريت في 12 يونيو (حزيران)، حيث قتل 15 واعتقل 300 على الأقل من المحتجين، بينهم شخصيات بارزة الموالية للإصلاح، بينهم ثلاثة من كبار مستشاري موسوي، واثنان من مساعدي الرئيس السابق محمد خاتمي. وردت الحكومة بتنظيم مسيرات بدأت يوم الاثنين الماضي شارك فيها مئات الآلاف من أنصارها. وطالب المتظاهرون بإعدام زعيمي المعارضة موسوي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية وحل في المركز الثاني، ومهدي كروبي المرشح الرئاسي المهزوم الذي حل في المركز الرابع.