سعود الفيصل: مباحثاتنا مع مشعل ركزت على إزالة الشكوك في الأدوار بالمنطقة.. وآلمنا أن اتفاق مكة لم يرَ طريقه إلى النور

رئيس المكتب السياسي لحماس: أبلغت السعودية أننا لا نساعد إيران في دعم الحوثيين.. والمفاوضات حول الورقة المصرية وصلت إلى «النهايات»

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أثناء مؤتمر صحافي مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بعد اجتماع بينهما في الرياض أمس (أ.ف.ب)
TT

في أول مباحثات له بالسعودية، منذ اتفاق مكة عام 2007، وصل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس للأراضي السعودية، حاملا رسالة تطمئن الرياض بعدم مساعدة الحركة للإيرانيين في دعم المتمردين الحوثيين في اليمن، وتأكيده أن طهران ليست بديلا عن الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية.

وبعد جلسة مباحثات جرت صباح أمس في الرياض مع مشعل، وصف الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية أن مباحثاتهما «ركزت على إزالة الشكوك في الأدوار التي تلعب في منطقتنا».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن خالد مشعل وصل الرياض على متن طائرة سعودية أرسلت له بعدما طلب زيارة السعودية. وأشاد خالد مشعل في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السعودي، بدور الرياض في دعم القضية الفلسطينية. وقال إن زيارته تأتي «في سياق التشاور مع القيادة السعودية والمسؤولين السعوديين، ولنضعهم في صورة التطورات ونتشاور معهم لثقتنا في المملكة ودورهم المعروف في دعم القضية الفلسطينية».

ونفى مشعل أن يكون لإيران دور بديل عن الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية. وقال في رده على سؤال حول إشادة الحركة بالدور الإيراني وما إذا كان ذلك تقليلا للدور العربي في الموضوع: «نحن لا نستبدل دورا بدور. فلسطين عمقها الأول هو العمق العربي، وبالتالي فالعرب هم عمقنا الأول، ممثلا في الدول العربية والجامعة العربية والحلقة الإسلامية تأتي بعدها. ونرحب بكل الأدوار وكل من يدعم قضيتنا، لكن لا نستبدل دورا بدور، ويبقى الدور العربي هو الأساس، ونعرف تاريخ السعودية ومصر وسورية والعرب جميعا في دعم القضية الفلسطينية».

وعن مباحثاته مع خالد مشعل قال الأمير سعود الفيصل: «كان لا بد أن تجري مباحثات لإزالة الشكوك في الأدوار التي تلعب في منطقتنا. القضية الفلسطينية تهمّ السعودية كما تهمّ الأمة العربية، وقد بذلت الأمة العربية الكثير تجاه هذه القضية، فمن الضروري والواجب أن نوضح الصورة ونستوضح منهم ما هي توجهاتهم وأهدافهم».

بدوره قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عن زيارته للرياض: «الهدف هو التشاور، السعودية دولة عربية كبيرة ذات دور محترم وذات تاريخ وسجل كبير في دعم القضية الفلسطينية، ليس فقط دورها منذ أيام الملك عبد العزيز، ولكن أيضا في اتفاق مكة الذي أكرمنا به خادم الحرمين الشريفين».

وأكد خالد مشعل أن حماس «لا تزال تتطلع إلى دور سعودي مميز إلى جانب مصر والدول العربية، للنجاح في رعاية المصالحة الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني ولملمة الموقف العربي في مواجهة القيادة الإسرائيلية المتعنتة».

وأضاف: «نتنياهو اليوم لا يلقي بالا لا للفلسطيني ولا العربي، ولا يحترم أي خطوة جادة يقوم بها العرب والفلسطينيون»، لافتا إلى أن «المرحلة تتطلب جهدا عربيا وفلسطينيا مميزا، لإعطاء رسالة للإسرائيليين بأن هناك إرادة عربية وفلسطينية، وحرصا وإصرارا على انتزاع الحقوق الفلسطينية والعربية».

وتأتي زيارة خالد مشعل إلى الرياض بعد أيام قليلة من زيارة قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى السعودية. لكن الأمير سعود الفيصل نفى أن تكون هناك صلة بين زيارة عباس وزيارة مشعل، فيما أعلن الأخير من الرياض أمس أن «الانقسام الفلسطيني شرّ لا بد أن نخرج منه»، واصفا المباحثات التي أجراها مع الفيصل بـ«الجيدة».

وأعرب وزير الخارجية السعودية عن ألمه أن اتفاق مكة لم يرى طريقه إلى النور. وقال «نحن لا زلنا نتفاعل مع ما حصل في مكة وما نتج عن هذا الاتفاق، وتعلمون أنه آلمنا كثيرا أن الاتفاق لم يرى طريقه للنور، ولكن ما فات مات. والأمل في المستقبل، نأمل أن يكون هناك استجابة للمبادرة المصرية بالسرعة التي تعيد للحمة الفلسطينية فاعليتها. والتي تسمح للدول العربية أن تقوم بواجبها لدعم هذه الوحدة». وأمام ذلك أكد خالد مشعل أن المفاوضات حول الورقة المصرية وصلت إلى «النهايات»، فيما لم يمانع أن يكون هناك دور سعودي وسوري إلى جانب الدور المصري، وليس بديلا عنه.

وقال: «نحن نرحب بالدور السعودي والسوري وبأي دور عربي يساعد على إتمام المصالحة، إلى جانب الدور المصري. لا أحد يطلب دورا بديلا عن الدور المصري، وما قيل من البعض لا صحة له على الإطلاق، سواء بذلت دمشق أو الرياض دورا فنحن جميعا متفقون على أن التوقيع سيكون في القاهرة، المشكلة ليست في المكان، المشكلة هي استكمال الورقة التي نوقع عليها حتى تكون ملبية لمطالب الجميع». وكانت حماس قد أبدت في وقت سابق ملاحظات على الورقة المصرية، لتضمينها ما تم الاتفاق عليه مع كافة الأطراف والفصائل الفلسطينية الأخرى. وحمل رئيس المكتب السياسي لحماس في زيارته للسعودية رسالة تطمئن الرياض بأن الحركة لا تساعد إيران في دعم المتمردين الحوثيين في اليمن. وقال مشعل أمام ذلك: «هناك ملاحظات نريد أن تكون الورقة مطابقة لما توافقنا عليه مع حركة فتح وبقية الفصائل، ونحن مستعدون للتوقيع عليها عند إتمام هذه القضايا التي أتممناها». ووسط الأنباء التي تحدثت عن تعاون بين حماس وطهران في دعم التمرد الحوثي في اليمن، نفى مشعل هذا الأمر، وقال سعود الفيصل في رد على سؤال بهذا الخصوص: «تحدثنا عن هذا الموضوع، وخالد مشعل نفى ذلك قطعيا في هذه الجلسة، ولكن لا يُفتى ومالك في المدينة»، قبل أن يكذب مشعل هذا الأمر، ويعتبره «أمرا مكذوبا».

ورد مشعل على هذه الاتهامات قائلا: «مثل هذه الأخبار المكذوبة لا يستحق أن نعلق عليه، ولكن دفعا للشبهة لا بد أن نعلق عليها، لا يمكن أن نكون مع أي طرف يستهدف الأمن العربي لا في اليمن ولا في السعودية». وتابع مشعل: «نحن مع الأمن العربي قبل كل شيء، ونحن مع أمن السعودية مع سلامة أمنها الداخلي وحدودها وأراضيها، ونحن مع أمن وسلامة اليمن ووحدته، وضد أي شيء يسيء إلى هذا الأمن».

واستغرب رئيس المكتب السياسي لحماس مثل هذه الاتهامات التي ألصقت بحركته. وقال: «لقد قلت للأمير سعود الفيصل هل يعقل أن حماس تقف مع الحوثيين ضد اليمن والسعودية ولنا مكتب في صنعاء، وقبل أسبوعين كنا في زيارة لليمن، هل يعقل أن اليمن يسمح لنا بمكتب وأن نلتقي بالرئيس ويسمح لنا بالتحرك بحرية ونحن نسيء إلى أمن اليمن؟ حاشَ لله. لكنها افتراءات لا أصل لها».

وردا على سؤال حول «موقف حماس من الدور العبثي الإيراني في المنطقة»، قال رئيس المكتب السياسي لحماس: «بكل وضوح وببساطة، نحن على علاقة جيدة مع إيران في دعم القضية الفلسطينية، ولكن نحن مع الأمن العربي بكل تفاصيله، ولا نقبل أي إضرار بالأمن العربي من أي طرف. حماس حركة فلسطينية عربية منتمية لأمتها العربية كما هي لأمتها الإسلامية، وحريصون على مصالح الأمة جميعا».

وتطرقت مباحثات الفيصل ومشعل إلى آخر المستجدات في صفقة تبادل الأسرى مع شاليط، وقال خالد مشعل: «لقد وضعنا الأمير سعود في جملة المستجدات في هذا الملف».

وأشار رئيس المكتب السياسي لحماس إلى أن الموقف الإسرائيلي لا يزال متذبذبا، فهو: «يتقدم خطوة ويتراجع خطوتين». وأضاف: «نحن ما زلنا نتابع الصفقة مع الوسيط الألماني والمصريين حتى نحقق مطالبنا من وراء الصفقة، لأنه لنا حقا وعلينا واجبا، نفرج عن العدد والنوعية التي طلبنا من أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال».

وكشف خالد مشعل أن الصفقة في أعدادها تصل إلى 1000 أسير إضافة إلى النساء وأعضاء التشريعي المعتقلين، لافتا إلى أنها على مرحلتين، تضم الأولى الإفراج عن 450 أسيرا، والثانية 550، لافتا إلى أن البحث حاليا ينصبّ حول المرحلة الأولى، وأن الصفقة تشهد تأخيرا في إتمامها بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي.

إلى ذلك، قال بيان أصدره عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس في ختام محادثات وفد الحركة بقيادة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس الأحد، إن اللقاء تطرق إلى تطورات الوضع الفلسطيني والمصالحة الفلسطينية.

وقال البيان «بحث الجانبان في اجتماع جرى صباح اليوم تطورات الوضع الفلسطيني والموقف من المصالحة الفلسطينية، كما جددت الحركة حرصها على أمن الدول العربية والإسلامية وسلامتها».

وأشار البيان إلى أنه تم «استعراض الوضع الفلسطيني والتشاور حول عدد من تطوراته وبشكل خاص مساعي المصالحة والتحديات الصهيونية من مواصلة العدوان وتهويد القدس ومحاولات تقسيم الأقصى».

وقال البيان إن الوفد الذي التقى الأمير سعود الفيصل كان برئاسة مشعل وضم كلا من موسى أبو مرزوق نائب مشعل وعزت الرشق ومحمد نصر عضوي المكتب السياسي للحركة. وقال البيان: «إن هذه الزيارة تأتي ضمن جولة مهمة تقوم بها قيادة الحركة، شملت سورية واليمن وإيران وليبيا ودولا أخرى عربية وإسلامية وعالمية».