أساتذة جامعة طهران يطالبون خامنئي بوقف العنف ومعاقبة المسؤولين عن ضرب الطلاب

وزير الاستخبارات يؤكد اعتقال أجانب خلال احتجاجات عاشوراء قال إنهم وراء «الحرب النفسية»

صدامات في أحد شوارع طهران بين الشرطة والمحتجين خلال الاحتفالات الأخيرة بيوم عاشوراء (رويترز)
TT

في أحدث تحدٍّ تواجهه القيادة الإيرانية، ناشد العشرات من أساتذة جامعة طهران المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقف العنف المستمر ضد متظاهري المعارضة في خطاب نُشر على موقع تابع للمعارضة الإيرانية على الإنترنت، ووصفوا الهجمات بالعلامة على ضعف النظام الحاكم وطالبوا بمعاقبة المسؤولين عن ضرب الطلاب.

وأعلنت إيران أمس القبض على عدد من الأجانب الذين يشنون «حربا نفسية» ضد النظام الحاكم في الاشتباكات الدامية التي وقعت خلال الاحتفال بيوم عاشوراء الشهر الماضي بين مؤيدي المعارضة وقوات الأمن، والتي شهدت وقوع عشرات القتلى والجرحى بين المحتجين، واعتقال المئات.

وطالب 88 من أساتذة جامعة طهران، خامنئي في خطاب نُشر على موقع «غرين رود» بوقف العنف وقالوا إنه يدل على ضعف النظام الحاكم، وطالبوا بمعاقبة المسؤولين عن ضرب الطلاب، كما حثوا خامنئي على إصدار أوامر باعتقال المتشددين الذين ارتكبوا تجاوزات خلال الآونة الأخيرة بعد أن بدأ المتظاهرون في غناء شعارات مناهضة للمرشد الأعلى. وتضاربت أرقام القتلى في تظاهرات عاشوراء بين 8 و15 قتيلا، من بينهم ابن أخت زعيم المعارضة مير حسين موسوي، حيث وقعت صادمات بين قوات الأمن ومناصري المعارضة، والتي تعد الأسوأ منذ الانتخابات الرئاسية.

وجاء في الخطاب: «الهجمات الليلية التي تشن ضد السكن الجامعي للطلاب والاعتداءات اليومية في الحرم الجامعي وقاعات التعليم والدرس ليست علامة على القوة.. ناهيك عن ضرب الطلاب والاعتقالات الجماعية». وذكر الخطاب بالاعتداءات التي قامت بها قوات الباسيج شبه العسكرية الموالية للحكومة ضد الطلاب المؤيدين للمعارضة في حرم جامعة طهران الشهر الماضي. حيث اندلعت الهجمات ضد الطلاب بعد نزولهم إلى الشارع في 7 ديسمبر (كانون الأول) في أكثر من 10 جامعات في أضخم مظاهرات ضد الحكومة خلال شهور. وجاء في الرسالة التي نشرها موقع «جرس» المعارض أيضا: «من الصعب للغاية تصديق أنه في النظام الإسلامي يشن البعض هجمات على عنابر النوم في الجامعة ويضربون الطلبة.. ويعتقلون عددا كبيرا منهم». وأضافت الرسالة: «نحثكم على إصدار الأمر بإنهاء هذه الأعمال وإصدار الأمر أيضا بالإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين منذ الانتخابات».

وقال الأساتذة إن أيا من المهاجمين الذين رددوا هتافات موالية لخامنئي في أثناء ضربهم للطلاب لم يعاقبوا. وطالبوا خامنئي بالإفراج عن جميع الطلاب الذين تعرضوا للاعتقال خلال المظاهرات. وقال الأساتذة: «من المؤسف، أن تنفذ كل تلك الاعتداءات تحت ذريعة حماية الإسلام وحفظ مكانة المرشد الأعلى».

وكرر المدعي العام الإيراني غلام حسين محسني أيجائي تحذيرات الحكومة أمس. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن غلام حسين محسني أيجائي قوله «الذين اعتُقلوا في أثناء اشتباكات عاشوراء يواجهون عدة اتهامات تشمل القيام بأعمال ضد الأمن القومي وسيلقون مواجهة قاسية».

يُذكر أن الطلاب الإيرانيين كانوا القوة المحركة للثورة الإسلامية عام 1979، وهم من قادوا المظاهرات المعارضة للحكومة الشهر الماضي والتي أعادت إحياء حركة المعارضة في الوقت الذي يسعى فيه قادة المعارضة لتقويض سلطة المؤسسة الحاكمة. وتعد جامعة طهران الأضخم في البلاد حيث تضم 1.480 أستاذا ومدرسا بحسب موقعها. وكانت الإجراءات القمعية للحكومة قد استُخدمت ضد المتظاهرين في الشوارع في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي تقول المعارضة إن نجاد الرئيس محمود أحمدي نجاد فاز بها عن طريق التزوير. لكن المظاهرات عادت إلى اكتساب الزخم مرة أخرى في ديسمبر (كانون الأول) وأظهرت الحشود الكبيرة التي شاركت في المسيرات فشل أشهر الاعتقالات والاعتداءات في وقف المعارضة. واتهمت طهران حكومات الغرب بالوقوف وراء الاضطرابات التي وقعت في أعقاب الانتخابات. وقال وزير الاستخبارات حيدر مصلحي أمس في حديث بثه التليفزيون الرسمي للدولة إن «من بين المعتقلين في مظاهرات عاشوراء مواطنين ذوي جنسيات أجنبية كانوا يقودون عمليات الدعاية والحرب النفسية». وأشار إلى أن هؤلاء الأجانب حضروا إلى إيران قبل يومين من عاشوراء لكنه لم يحدد جنسياتهم. وأوضح مصلحي أن الكاميرات والمعدات التي ضُبطت بحوزة هؤلاء الأجانب تمّت مصادرتها.

وكانت الشرطة أعلنت اعتقال نحو 500 متظاهر في تظاهرات المعارضة يوم عاشوراء من بينهم 300 كانوا لا يزالون في الحبس حتى الأسبوع الماضي. إلا أن هذه الأرقام لا تشمل الاعتقالات التي قامت بها قوات أمن أخرى مثل الباسيج وأجهزة الاستخبارات. واعتقل أيضا منذ ذلك الحين 40 شخصا على الأقل من المؤيدين للإصلاح بينهم 5 من كبار مستشاري مير حسين موسوي زعيم المعارضة والرئيس السابق محمد خاتمي. كما وُقف المئات خلال تظاهرات جرت في الكثير من مدن الأقاليم وفقا لمعلومات متفرقة تم الحصول عليها من المعارضة. لكن السلطات لم تعلن أي أرقام في هذا الصدد. واعتقل صحافي سوري يعمل لحساب قناة «دبي» في 27 ديسمبر (كانون الأول) ولا يزال محتجزا في سجن إيوين في طهران، علما أن الصحافيين العاملين في وسائل إعلام أجنبية منعوا من تغطية تظاهرات المعارضة.

من جانبه أكد موقع «راجانيوز» القريب من السلطات أن بريطانيًّا اعتُقل خلال تظاهرات 27 ديسمبر إلا أن هذا النبأ لم يؤكد رسميا حتى الآن. وقد ضاعفت السلطات ووسائل الإعلام القريبة منها السلطة التصريحات التي تؤكد أن هذه التظاهرات نتيجة «مؤامرة» من تدبير الخارج وبخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا بمساعدة الإعلام الغربي. وكانت الفرنسية الشابة التي تعمل في جامعة أصفهان كلوتيلد ريس اعتُقلت في يوليو (تموز) الماضي لاشتراكها في التظاهرات الحاشدة التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد. وقد أُخليَ سبيلها بكفالة وسُلّمت للسفارة الفرنسية إلى حين صدور الحكم بحقها.