رئيس الوزراء الإسرائيلي: مستعد للبحث في كل الموضوعات بما في ذلك القدس واللاجئين

نتنياهو ينفي أنه وافق على خطة السلام الأميركية.. ويعلن: لم أغير مواقفي

TT

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، أنه مستعد للبحث في كل الموضوعات المختلف عليها مع الفلسطينيين، إذا وافقوا على استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، بما في ذلك الموضوعات التي تبدو الخلافات حولها كبيرة مثل قضية القدس وقضية اللاجئين.

ووجه نتنياهو، خلال لقائه أعضاء كتلته البرلمانية، انتقادات للسلطة الفلسطينية لأنها تضع شروطا مسبقة لبدء المفاوضات هي تجميد تام للاستيطان في الضفة الغربية والقدس، واستئناف المفاوضات من النقطة التي انتهت إليها المفاوضات مع حكومة الرئيس السابق، إيهود أولمرت. وقال: «لقد ضاع وقت طويل، بل أطول من اللازم على المفاوضات حول استئناف المفاوضات». ولكنه أضاف: «بيد أنني ألمس أجواء جديدة في المنطقة من شأنها أن تتيح استئناف المفاوضات في القريب».

ومع أن نتنياهو أكد أنه جاد للغاية في هذه المفاوضات ويريد أن يبدأها لكي ينهيها وليس لمجرد التفاوض، إلا أنه قال إنه لم يغير أيا من مواقفه المعلنة حول تسوية الصراع. وأضاف أن ما نشر عن موافقته على التفاوض حول حدود 1967 وفقا لخطة أميركية هو غير صحيح. وأنه لم ير بعد خطة أميركية في الأفق. وعندما سئل عن مضمون برنامج المفاوضات الذي يقترحه على الفلسطينيين، أجاب أن لكل مفاوضات توجد قواعد وقوانين «فنحن ملتفون حول قضايا كبرى.. وسنطرح مواقفنا ويطرح الفلسطينيون مواقفهم.. لا نفرض أي شرط. يستطيعون طرح كل ما يريدون.. ثم نبدأ التفاوض حول كل موضوع على حدة.. وعندما نتوصل إلى اتفاق، نحتفل معا بالسلام».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، قد نشرت، أمس، ما كانت «الشرق الأوسط» قد نشرته قبل أسبوعين (عدد 20 ديسمبر «كانون الأول» 2009)، حول مبادئ الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، التي قام بتسريبها مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون لجس نبض ردود الفعل السياسية والجماهيرية عليها.

وأضافت «معاريف» إلى ما نشر أن الأميركيين يريدون أن تبدأ المفاوضات فورا بين الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، وترصد لها سنتين من الزمن. في الشهور الـ9 الأولى، تتركز المفاوضات حول حدود الدولة الفلسطينية العتيدة. وهي تريد أن يكون أساس المفاوضات حدود ما قبل حرب 1967، حيث كان في أيدي العرب 6258 كيلومترا مربعا من الضفة الغربية والقدس، ونحو 200 كيلومتر مربع مناطق حرام (غير تابعة لأي طرف). ولكي تحل قضية الاستيطان اليهودي الذي يقوم اليوم على 1.5% من مساحة الضفة الغربية و4% من مساحة القدس، سيتم تبادل أراض بنفس المساحة والقيمة.

ويرى الأميركيون أن ترسيم الحدود بين إسرائيل وفلسطين العتيدة، سيحل مشكلة الخلاف المستعصي بين الطرفين في موضوع الاستيطان. فكل ما يتفق على ضمه لإسرائيل من مساحة الضفة الغربية، يتاح فيه البناء الاستيطاني بلا حدود. وكل المستوطنات التي ستبقى في تخوم الدولة الفلسطينية، يستمر فيه تجميد البناء تمهيدا للانسحاب الإسرائيلي منه وفقا لما سينص عليه اتفاق السلام. وقد تم تحديد 9 أشهر، لأن الحكومة الإسرائيلية كانت قد بدأت منذ شهر، تجميد البناء الاستيطاني بشكل جزئي لمدة 10 شهور. ويريد الأميركيون أن يضمنوا انتهاء المفاوضات حتى ذلك الحين، قبل أن تستأنف الحكومة الإسرائيلية البناء الاستيطاني بانتهاء الشهور الـ10 المحددة في قرار التجميد.

وبعد الانتهاء من قضية الحدود، يبدأ التفاوض حول القضايا الأخرى ويبدأ التطبيق العملي للخطة الأميركية في البنود الأخرى، وهي بنود تشير إلى تطبيق التسوية على مراحل. وكما كانت «الشرق الأوسط» نشرت في حينه، فإن المراحل ستكون على النحو التالي: تنسحب إسرائيل من المناطق «ب»، التي تعادل مساحتها 20% من الضفة الغربية، ووفقا لاتفاقيات «أوسلو» تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية إداريا، ولكنها أمنيا خاضعة لسيطرة إسرائيل، وتحويلها إلى منطقة «أ» التي تبلغ مساحتها هي أيضا نحو 20% ولكنها تخضع بالكامل، إداريا وأمنيا للسلطة الفلسطينية. كما تقضي خطة روس الجديدة بانسحاب إسرائيل من 20% إضافية من الضفة الغربية، بحيث تصبح المنطقة التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية 60% من الضفة وتكون ذات امتداد جغرافي.

وتقترح الإدارة الأميركية على الطرفين إجراء هذه المفاوضات بشكل مكثف بنفس طريقة «شيبرد ستون»، التي جرت في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الأولى، والتي أفرزت اتفاقية الانسحاب من الخليل ومن 13% إضافية من الضفة الغربية سنة 1998.

وتقول «معاريف» إن القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية لن تستطيعا رفض هذه المبادرة الأميركية، على الرغم من أن مواقفهما المعلنة اليوم لا تتناسب معها. وتضيف أن نتنياهو أصبح معروفا لدى الأميركيين برضوخه للضغوط. وفي ظروف الخريطة الحزبية الحالية في إسرائيل، قد يكون نتنياهو ينتظر هذه الضغوط ويحتاج إليها، إذ إن رموز اليمين المتطرف في حكومته أبدوا تفهما لهذه الضغوط في قضية تجميد الاستيطان الجزئي المؤقت وراحوا يدافعون عن قراره ويقولون إنه ما كان ممكنا السماح بأزمة مع الولايات المتحدة في موضوع كهذا، وقد يتم تكرار هذا الموقف في هذا المشروع. إضافة إلى أن قوى كثيرة في اليمين والوسط في إسرائيل تريد تحريك المسيرة السياسية بأي ثمن، حتى تلجم الهبة العدائية لإسرائيل في الخارج. وكما كتبت الصحيفة فإن إسرائيل تواجه تدهورا في مكانتها السياسية في العالم اليوم بشكل غير مسبوق. ولكن في حالة رفض اليمين هذه الخطة، فإن حزب كديما المعارض سيهب لنجدته. وقد أعلن الأمين العام لهذا الحزب، حاييم رامون، أمس، أن حزبه سينضم إلى الائتلاف الحكومي في حالة نشوء أزمة في ائتلاف نتنياهو أو حزبه.

وأما في الطرف الفلسطيني، فإن الأميركيين يرون أن الرئيس محمود عباس، وعلى الرغم من أنه يعارض التسويات المرحلية، لن يستطيع الاعتراض على تسلم منطقة إضافية في الضفة الغربية بهذه المساحة الكبيرة. وليس سهلا عليه أن يقول لا لهذا المشروع.

ولذلك، فإن الإدارة الأميركية ترى أن هناك أملا حقيقيا بنجاح المشروع وتطبيقه، ملتزمة الحذر والتقدم فيه خطوة خطوة. ولكنها تمتنع عن نشره بشكل رسمي لأنها تريد أولا أن تفحص ردود الفعل عليه.