كوشنير يطرح أفكارا لتحريك السلام: رسالة اعتراف بدولة فلسطينية بتاريخ محدد.. واستئناف «اللقاءات» بدل «المفاوضات»

دافع في جلسة خاصة لمجلس الشيوخ الفرنسي عن التقارب مع سورية لإبعادها عن طهران

TT

كشف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عن بعض الأفكار المتداولة التي يمكنها أن تشكل مخرجا من الطريق المسدود الذي حشرت فيه المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتوقفة منذ أكثر من عام. وأهمية كلام كوشنير أنه يأتي، من جهة، عقب يومين من الاجتماعات مع المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل في باريس وبروكسل.

ومن جهة ثانية أنه أدلى به في جلسة خاصة لمجلس الشيوخ الفرنسي عقدت ليل الثلاثاء - الأربعاء، مما يعطي تصريحاته مدلولات إضافية باعتباره جاء في إطار رسمي. يكمن الاقتراح الفرنسي الأول في دعوة كوشنير لاستكشاف إمكانية توجيه رسالة خطية للرئيس الفلسطيني محمود عباس تتضمن اعترافا بقيام الدولة الفلسطينية ابتداء من تاريخ محدد لتشجيعه على العودة إلى مفاوضات السلام. غير أن الوزير الفرنسي لم يحدد الجهة التي يمكنها أن تعطي مثل هذه الضمانات.

ووفق التقرير الرسمي الصادر عن مجلس الشيوخ الفرنسي بخصوص الاجتماع، فإن كوشنير قال ما يأتي «هل يمكننا أن نطلب من الرئيس الفلسطيني بادرة كريمة شجاعة شبيهة بما قام به الرئيس السادات بزيارة إسرائيل؟ ربما هو الوحيد القادر على ذلك.... ولكن الأمر يحتاج إلى حزم وربما إلى تعهدات مكتوبة... تذهب إلى حد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في تاريخ محدد». وتفهم البادرة الكريمة أو الشجاعة التي يطلبها كوشنير على أنها قبول أبو مازن العودة إلى طاولة المفاوضات مقابل ضمانات أميركية أو أميركية - أوروبية في آن.

من جهة أخرى، عرض كوشنير فكرة جديدة، إذ اعتبر أن بإمكان الفلسطينيين استئناف «اللقاءات» وليس المفاوضات مع الإسرائيليين. والفرق بين الأمر ليس لغويا فقط، إذ إن المفاوضات «تفترض نقطة بداية» وهو ما لم يتفق عليه الطرفان حتى الآن، إذ إن الفلسطينيين يريدون استئناف المفاوضات حيث توقفت مفاوضات أنابوليس، بينما الإسرائيليون يريدون مفاوضات غير مشروطة. ولم يأت كوشنير على ذكر المؤتمر الدولي الذي تسعى باريس لعقده في الأسابيع القادمة مما يعني أن احتمال التئامه مستبعد في الوقت الحاضر. غير أن الوزير الفرنسي أشار، بالمقابل، إلى اتفاق الجانبين الأميركي والأوروبي على العمل معا، مذكرا بكلام ميتشل الذي اعتبر أنه «لن نستطيع التقدم بخصوص الملف الشرق أوسطي من غير وحدة الموقف بين ضفتي الأطلسي». ومضى الوزير قائلا لأعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي إن ميتشل تساءل في اجتماع بروكسل أول من أمس بحضور وزراء خارجية فرنسا وإسبانيا والنرويج وممثلة السياسة الخارجية الأوروبية كاترين أشتون ومبعوث اللجنة الرباعية توني بلير عما إذا كان الفلسطينيون قادرين على «القيام بخطوة ما» لإخراج الوضع من حال المراوحة. وكانت «الشرق الأوسط» نقلت أول من أمس أن ميتشل قال إن الإسرائيليين «اجتازوا نصف المسافة» وأنه يتعين على الفلسطينيين القيام بالشيء نفسه. كذلك أكد كوشنير ما كتبته «الشرق الأوسط» من أن المبعوث الأميركي لم يحمل خطة للسلام. وقال الوزير الفرنسي إن ميتشل «لم يحمل لنا سوى رغبة الولايات المتحدة في العمل والتحرك مع أوروبا». وما زالت باريس تنتظر من واشنطن أن تكشف عن تفاصيل ما تنوي القيام به. ويعتبر المبعوث الأميركي، من خلال ما نقله كوشنير، أن نتنياهو «يتموضع اليوم وسط الخريطة السياسية الإسرائيلية ليس على يمينها» مما يحمل بارقة أمل بالتقدم. وأشار الوزير الفرنسي إلى أن مفاوضات أبو مازن - أولمرت (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) أفضت إلى «خريطة مرضية للجانبين» في إشارة إلى ما يمكن أن تقوم عليه الدولة الفلسطينية. وكرر الوزير الفرنسي أن باريس ترى أن ما التزم به نتنياهو لجهة تجميد الاستيطان غير كاف ولكن يمكن البناء عليه. وكانت مصادر فرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن خطأ الفلسطينيين أنهم وضعوا أنفسهم مجددا في موقف المتهم بتعطيل عملية السلام بسبب رفضهم التجاوب مع نتنياهو الذي يدعو إلى استئناف المفاوضات. وأشار كوشنير في حديثه إلى مجلس الشيوخ الفرنسي إلى أن وضع أبو مازن لدى القادة العرب «ليس جيدا».

وفي سياق آخر، دافع كوشنير عن التقارب الفرنسي مع سورية، معللا إياه بإبعاد دمشق عن طهران. وقال الوزير الفرنسي «إننا مقتنعون بأن كل ما من شأنه التخفيف من النفوذ الإيراني يذهب في اتجاه الصحيح».

أما بخصوص الحوار مع حماس، فيبدو أن باريس تربط موقفها بموقف الرئيس الفلسطيني، حيث إن باريس «لا يمكن أن تكون أكثر فلسطينية من الفلسطينيين أنفسهم». وأشار كوشنير إلى إمكانية الدعوة إلى مؤتمر جديد للمانحين لفلسطين على غرار مؤتمر باريس نهاية عام 2007 إذا ما تم التفاهم على ذلك وبعد اجتماع على مستوى الخبراء.