الانتخابات العامة بالسودان: تتميز بالتعقيد والعنف.. وقضية الحريات أهم العقبات

الناخبون يختارون ممثليهم بـ3 أنظمة انتخابية مختلفة.. وأكثر من 1000 شكل مختلف من الاستمارات الانتخابية

TT

تفصل أقل من 3 أشهر السودانيين عن انتخابات رئاسية وتشريعية مشحونة، هي أول انتخابات متعددة الأحزاب خلال قرابة ربع قرن. ويخشى كثيرون من أن يجد الناخبون والأحزاب السياسية صعوبة في اجتياز عملية الاقتراع المعقدة، حيث يجد الناخب أمامه عددا من صناديق اقتراع، لاختيار رئيس للبلاد، وحاكم الولاية التي ينتمي إليها، وممثليه إلى البرلمان المركزي، والولائي. أما في جنوب السودان، فإن صناديق الاقتراع تزداد أكثر، بإضافة صندوق لاختيار رئيس حكومة الجنوب، وآخر لنواب برلمان الجنوب. ومع بدء فترة الترشيحات للانتخابات في ما يلي بعض الحقائق الأساسية عن الانتخابات.

* خلفية: أوصت اتفاقية السلام الشاملة التي وقعت 9 يناير (كانون الثاني) 2005 وأنهت حربا أهلية استمرت أكثر من عقدين بين شمال السودان وجنوبه، بإجراء انتخابات. وكان مقررا أن تقام هذه الانتخابات في يوليو (تموز) الماضي، إلا أنها تأجلت إلى فبراير (شباط) 2010، ثم إلى 11 أبريل (نيسان). ومن المقرر أن تجري الانتخابات على مدار ثلاثة أيام على أن تظهر النتائج في 18 أبريل. وإذا سار كل شيء وفقا لما هو مخطط ستكون هذه أول انتخابات كاملة متعددة الأحزاب تشهدها البلاد خلال 24 عاما. وكانت آخر انتخابات متعددة الأحزاب جرت في أغسطس (آب) 1986 وفاز فيها حزب الأمة برئاسة الصادق المهدي. وجرت انتخابات حزب واحد عام 1996 وقاطعت معظم أحزاب المعارضة الانتخابات عام 2000.

* الأصوات:

يواجه الناخبون السودانيون واحدة من أكثر الانتخابات تعقيدا على الإطلاق حيث يستخدمون ثلاثة أنظمة انتخابية مختلفة:

- الرئاسية: وتحسم انتخابات رئيس السودان ورئيس جنوب السودان بالأغلبية المطلقة أي يجب أن يحصل الفائز على أكثر من نصف الأصوات. وإذا لم يحصل أحد على هذا العدد تجري جولة إعادة بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى نسبة من الأصوات. وإذا تولى مرشح من الشمال منصب رئيس السودان عليه أن يرشح رئيس الجنوب نائبا أول له طبقا للدستور المؤقت. أما إذا تولى مرشح من الجنوب الرئاسة فعليه أن يعين مرشحا من الشمال نائبا له.

- حكام الولايات: يتم اختيار حكام الولايات بالأغلبية النسبية بحيث يكون الفائز هو من يحصل على أكبر عدد من الأصوات.

- المجالس: يختار الناخبون أيضا أعضاء المجلس الوطني السوداني (البرلمان المركزي) فضلا عن أعضاء مجالس الولايات في أنحاء السودان. وسيختار الجنوبيون أيضا أعضاء المجلس التشريعي لجنوب السودان. ويتم اختيار معظم أعضاء تلك المجالس بالأغلبية النسبية ويمثلون دوائر انتخابية مقسمة على أساس جغرافي.

* حقائق وأرقام: - تقول الأرقام والإحصائيات إنه سيكون على المسؤولين نقل ما يصل إلى 5.7 مليون كيلوغرام من المواد الانتخابية في أنحاء البلاد. وتقدم بعثة الأمم المتحدة في السودان المساعدة للجنة الوطنية للانتخابات. وسيضطر المسؤولون إلى طباعة أكثر من 1000 شكل مختلف من الاستمارات الانتخابية لتغطي التركيبات المختلفة من الأصوات والمرشحين في كل دائرة. ويزيد التعقيد مساحة السودان الشاسعة وهي أحد أكبر التحديات التي تواجه المسؤولين. ويجب أن ينظم المسؤولون الانتخابات في مساحة تقدر بنحو 2.5 مليون كيلومتر مربع معظمها من الأراضي النائية. وقالت اللجنة الوطنية للانتخابات إن أكثر من 16 مليون ناخب أي نحو 80 في المائة من مجمل الناخبين سجلوا أسماءهم في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) والأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول)، غير أن أحزابا قالت إن التسجيل شهد عمليات تزوير. وتدخل هذه البيانات إلى سجل إلكتروني.

ويجب أن يكون كل ناخب مسجل قد تسلم بطاقة مغلفة بالبلاستيك تساعده على إثبات مكانه على السجل الانتخابي حين يذهب للإدلاء بصوته. وما زالت اللجنة تضع التوجيهات الإرشادية للعملية الانتخابية. وبموجب إحدى الخطط قد يضع العاملون بالانتخابات حبرا لا يُمحى على إبهام الناخب بعد الإدلاء بصوته.

* عقبات: هناك عدد من العقبات أهمها:

- الحريات:

حسب مراقبين للأوضاع السودانية فإن من العقبات التي تواجه قيام انتخابات حرة ونزيهة «القيود المستمرة المفروضة على حرية التعبير والتجمهر والصحافة» في الفترة السابقة للحملة الانتخابية. ورفعت الرقابة عن الصحف لكن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق تجمعين حاشدين للمعارضة في ديسمبر. وحذر محللون من أن هناك مخاوف من تجدد الصراع إذا شعر أي من اللاعبين الرئيسيين سواء في الشمال أو الجنوب بأنه تعرض للغش في النتيجة النهائية للانتخابات.

- العنف:

تصاعدت وتيرة العنف القبلي في جنوب السودان حيث قدرت جماعات إغاثة أن 2500 على الأقل قُتلوا منذ بداية عام 2009. ويساور مسؤولين انتخابيين القلق من أن العنف قد يؤدي إلى أن تصبح الحملة الانتخابية والإدلاء بالأصوات أقرب إلى المستحيل في المناطق المتأثرة.

- تعداد السكان:

رفضت الحركة الشعبية لتحرير السودان إحصاء أجري عام 2008 من المقرر استخدامه لتحديد الدوائر الانتخابية. وقالت إن حزب المؤتمر الوطني سجل أعدادا للشماليين تزيد على أعدادهم الحقيقية بينما سجل أعدادا للجنوبيين أقل من أعدادهم الحقيقية مما يؤثر على أعداد المقاعد البرلمانية المتاحة للجنوبيين. وأفادت تقارير بأن الجانبين قد يناقشان وسيلة لتجاوز الأزمة قد تكون من خلال ضمان حصول الجنوب على نسبة أكبر من المقاعد لكن لم يتم الإعلان عن أي اتفاق.

- دارفور:

عارض بعض متمردي دارفور الانتخابات وهددوا بمعاملة مسؤولي الانتخابات معاملة جنود العدو.

وبعد أن نزح الملايين عن ديارهم إلى مخيمات مؤقتة ستكون مسألة ترشيح المرشحين وتحديد هويات الناخبين شائكة. وستصعب الاشتباكات المستمرة والعصابات التي تلجأ إلى العنف في المنطقة التي ينعدم فيها القانون من عمليتي الاقتراع والمراقبة.

- المساعدات اللوجستية:

على المسؤولين أن ينظموا الانتخابات المعقدة في أكبر دولة بإفريقيا من حيث المساحة بعض أجزائها نائية ومتخلفة. ولم يمر الكثير من الناخبين الشبان بأي تجربة مباشرة للمشاركة في الانتخابات. ولا يملك المسؤولون مساحة كبيرة للمناورة إذا احتاجوا إلى إرجاء الانتخابات نظرا إلى التأجيلات التي حدثت في مرحلة الاستعداد. وإذا لم تجر الانتخابات في أبريل فسيضطر المسؤولون إلى الانتظار حتى نهاية الموسم المطير في الجنوب في نوفمبر. وإذا حدث هذا سيقترب موعد إجراء الانتخابات من موعد استفتاء مشحون على استقلال الجنوب من المقرر إجراؤه في يناير 2011.