أب ينقب بين الركام للوصول إلى ابنه على عمق 20 قدما

نقص المعدات يهدد فرص العثور على أحياء تحت الأنقاض

TT

قام والد هيربي إميل بالتنقيب بين ركام مبنى الجامعة المنهار كي يتمكن من الوصول إلى ابنه العالق على عمق 20 قدما في الركام، وعندما تمكن فريق الإنقاذ من الوصول إليه صباح يوم الجمعة كانت ركبته اليسرى عالقة تحت عارضة حديدية.

كان عالقا حيا ومستيقظا في صدع أكثر اتساعا بقليل من كتفيه، وفكر المنقذون الأميركيون في بتر ساقه ثم اختاروا بدلا من ذلك تخديره ثم سحبه بحذر إلى الخارج عبر الركام.

في الساعة الثالثة والنصف صباحا غص الشارع المظلم بالأقارب والأصدقاء الذين غطى أيديهم الغبار نتيجة الحفر، وأخيرا جاءت الصيحة «إلى أعلى» وظهر إميل البالغ من العمر 21 عاما، شاب نحيل قدماه متورمتان، مما جعل أحد المنقذين يبكي تأثرا بالموقف.

كانت عملية إنقاذ ناجحة، إذا ما قيست بمعايير الكوارث، رغم أن الحصول على المعلومات من الركام كان أمرا عسيرا للغاية، ويعكس مصير إميل التعقيدات والعقبات التي تواجهها جهود الإغاثة الحالية في هايتي، فالسائقون الذين حملوه إلى المستشفى لم يكونوا متأكدين من أنهم سيجدون مستشفى به غرفة لاستقباله، وسواء أجريت له عملية البتر التي اعتقد الأطباء أنه بحاجة إليها أم لا، فقد كانت حياته مهددة بالصدمة السامة والعدوى. قضى خبراء البحث والإنقاذ الذين قدموا من ميامي والذين استخرجوه من بين الركام عشر ساعات من الإحباط التام قبل أن يتمكنوا من الاستعداد للحفر لإخراج الناجين. كانت المجموعة التي تألفت من 80 رجل إنقاذ تستعد للعمل يوم الأربعاء بعد مرور أقل من 24 ساعة على وقوع الزلزال الضخم الذي بلغت قوته 7 درجات بمقياس ريختر، لكن قبيل مغادرتهم التي تم التخطيط لها اضطروا إلى إلغاء الرحلة، فقد أخبروا أن المطار لن يسمح لهم بالهبوط. ثم أعادوا التنسيق لرحلة أخرى يوم الخميس وكانوا محظوظين بما يكفي لكي يجدوا أنفسهم في مطار «توسان الدولي»، الذي ازدحم بحلول العاشرة والنصف صباحا، بعد التحليق في الجو حول المطار عدة مرات حتى سمح لهم بالهبوط، وكانت الانتقالات إلى سفارة الولايات المتحدة سريعة نسبيا حيث وصلوا إليها في غضون ساعتين. لكن الأخبار السيئة بدأت تتوالى، فطائرة الشحن التي تحمل معداتهم من مطارق ومصابيح وخيام ومعدات أخرى تأخرت، واكتشفوا بعد ذلك أنه تم تغيير مسارها لتهبط في مطار «سان دومنيغو» في جمهورية الدومنيكان. أثار هذا التأخير غضب المجموعة، مما دفع رودولف مويز، الطبيب والعقيد في احتياط القوات الجوية، الذي نشأ في هايتي، إلى التحرك، وبحلول الساعة الثانية مساء حدث تقدم بسيط حيث اجتمع قادة قوات فرق الإنقاذ الثلاث - الذين قدموا من فيرفاكس كاونتي بولاية فيرجينيا ومقاطعة لوس أنجليس ومقاطعة ميامي دادي - في قاعة المؤتمرات بالسفارة الأميركية في محاولة وضع استراتيجية، وقد نشرت الخرائط وعلقت على الحوائط. شكا قادة الفرق عدم وصول معداتهم والتأخيرات التي يواجهونها.

لكن عند هذه النقطة أراد كارلوس خيمينز، الإطفائي القادم من ميامي، الخروج لتقديم العون، ومع بعض الضغط قاد مجموعة صغيرة من الشاحنات وسيارة رياضية باتجاه وسط المدينة في الثالثة والنصف عصرا، وخلال دقائق شاهد الأجساد على قارعة الطريق، حيث رأى ثمانية جثث ملقاة بشارع منحدر في منطقة نازون، واثنتين أخريين على بعد مئات الياردات منها. قال خمينيز وهو ينظر إلى جسد صغير مغطى بقطعة قماش: «يا إلهي، هناك الكثير من الأطفال بين القتلى». كان هناك الكثير من الهايتيين الذين اصطفوا وقد وضعوا قطعا من القماش على أفواههم لمنعهم من تنفس غبار الحطام، وفي داخل نازون كشف جدار متصدع عن غرفة معيشة علق داخلها لوحة على الجدار الذي طلي باللون القرنفلي. على بعد 20 دقيقة فقط من بوابة السفارة الأميركية تعرف خيمينيز على ثلاث مناطق ربما تكون بحاجة إلى العودة والبحث، بيد أن الرابعة كانت تبدو أكثر إلحاحا، فقد وقف مجموعة من الشباب أمام ما يشبه جبلا من الركام، كان ذلك أنقاض جامعة هايتي.

أحيط الفريق علما بأن أربعة أشخاص على الأقل عالقون تحت الركام، ودخل خيمينيز في حفرة حيث سمع صوت فتاة، وبدا أن شابين آخرين كانا عالقين تحت ركام السقف.

أخرج الهايتيون الشخص الرابع من تحت الركام، مع غروب الشمس، غير قادر على الحركة أو الكلام بأي شيء سوى همهمات، وقال الشاب الذي يقف إلى جواره: «إنه ينادي أمه». بدا خيمينيز أكثر حماسة وقال «نحن بحاجة إلى الذهاب» وخشي أن يصبح الأفراد أكثر حنقا وإحباطا إذا ما أصبحوا غير قادرين على الوصول إلى العالقين تحت الأنقاض. عندما عاد إلى السفارة حاول أن يبحث عن سبيل للعودة، وبحلول الساعة السابعة والنصف صباحا كان لا يزال دون معدات، ويؤكد أن الأوضاع مثيرة للإحباط، فنصف قوة فريقه موجودة في سانتو دومينيغو. وبعد ساعة بدت وكأنها دهر، ظهر حل جزئي، فسوف يقترض فريق ميامي معدات من فريق فيرفاكس كاونتي، وعلى الرغم من أن فريق ميامي كان في حاجة إلى سائقين، فإن الرجال الذين خرجوا معهم بعد الظهيرة رفضوا، وقال واحد منهم «لا ذهاب الليلة» ولم يقدم تفسيرا لذلك. تم العثور على سائقين آخرين وعادت المجموعة إلى الطريق في الثامنة والنصف وتوجهوا للحصول على المعدات من موقع بحث في فندق «مونتانا» حيث أقام الدكتور مويز قبل أشهر قلائل من الزلزال. قضت الشاحنات الست ما يقرب من نصف ساعة للوصول إلى الموقع والحصول على ما يحتاجونه والعودة مرة أخرى إلى مبنى الكلية.

وصلوا إلى جامعة «جي أو سي»، وعندما وصلوا وجدوا مجموعة من الهايتيين يصرخون ويهرولون بشيء أشبه بجسد لإحدى الضحايا، وأشار خيمينيز إلى أنها الفتاة التي سمع صوتها من قبل، وقد كانت ساقها تغطيها الدماء التي تسيل من ركبتها وكانت حية. طلبت الحشود الواقفة من الأميركيين نقلها وطلب خيمينيز من السائقين المكوث في العربات على أهبة الاستعداد، واستدعى الدكتور مويز، وحاولا تهدئة الحشود الغاضبة، وحاولا أن يشرحا لهم أن السيارات غير مجهزة بمعدات إسعاف، وتم الاستعانة بشاحنة تابعة للشرطة قدمت إلى الموقع فجأة ووضعت الفتاة في مؤخرة الشاحنة، وحاول أكثر من 20 فردا التدافع بالمناكب للركوب معها.

* خدمة «نيويورك تايمز»