أطباء عالجوا آخر ناجية من الزلزال: إنها أعجوبة.. سنحقنها بالماء تدريجيا ثم الطعام

هولندا تستقبل أكثر من 100 طفل هايتي.. وإعادة رفاة الدبلوماسي التونسي العنابي لبلاده

TT

فيما تتضاءل آمال العثور على ناجين من ضحايا زلزال هايتي، ويتقلص عدد من يتم انتشالهم أحياء تدريجيا، أعلن أطباء فرنسيون عن آخر طفلة تم انتشالها حية. ويتعلق الأمر بطفلة عمرها 11 عاما انتشلها جيرانها حية من بين الأنقاض أول من أمس ونقلت إلى مستشفى ميداني فرنسي وذلك بعد أن أمضت ثمانية أيام تحت الأنقاض. وقال الجراح دومينيك جان من منظمة «فيراد» غير الحكومية والتي تدير مستشفى ميداني مع المنظمة الطبية غير الحكومية «اليما» إنها «فعلا أعجوبة. لقد عادت بهدوء إلى الحياة وهي محروسة من الله». وأضاف أن «كليتها تعمل وسوف نحقنها بالماء تدريجيا، في البدء بالمياه المالحة وبعدها عن طريق الطعام تدريجيا». وبدت الطفلة التي لم يكشف عن اسمها نحيلة وتتعرض لكوابيس.

ومنذ بدء جهود الإنقاذ تم انتشال 122 شخصا على الأقل على قيد الحياة، واعتبرت بعض الحالات من «العجائب». لكن مع مرور أكثر من أسبوع على الزلزال وتضاؤل العثور على مزيد من الناجين، بدأت بعض فرق الإنقاذ تغادر البلاد، وتفسح المكان لجهود تقديم وتنسيق المساعدات. فقد غادر فريق للبحث والإنقاذ من فلوريدا، الليلة قبل الماضية، وترددت أنباء عن مغادرة فرق من بلجيكا ولوكسمبورغ وبريطانيا أيضا. وقال البيت الأبيض إن فرقا أميركية ودولية أنقذت 122 شخصا. وأنقذ مواطنون من هايتي كثيرين آخرين في الساعات والأيام التي أعقبت الزلزال.

وحتى يوم أمس، كانت فرق من البرازيل والولايات المتحدة وتشيلي لا تزال تعمل باستخدام كلاب مدربة في موقع فندق مونتانا المنهار في بورت أوبرنس حيث وضعت لوحة عليها قائمة بأسماء عشرة أشخاص عثر على جثثهم و20 آخرين لا يزالون مفقودين بالداخل. وكانت فرق الإنقاذ تعمل بحذر وتنقل الحطام بالأيدي لكنها أصبحت تستخدم المعدات الثقيلة في إزالة الأجزاء الكبيرة من حطام الفندق. وقال الميجور في جيش تشيلي رودريجيو فاسكويز «نتطلع للعثور على أحياء أو موتى»، مضيفا: «بالإضافة إلى الأمل يتعين أن نكون واقعيين وبعد تسعة أيام تقضي الواقعية بأن العثور على أحياء أمر أكثر صعوبة لكنه ليس مستحيلا». وتتطلع هايتي الآن إلى العالم لمساعدتها على تجاوز آثار الزلزال المدمر الذي أودى بحياة عشرات آلاف الأشخاص وشرد نحو مليون ونصف مليون شخص. وقال جون أندروس نائب مدير المنظمة الصحية للأميركتين: «هل نحن راضون عن العمل الذي نقوم به، بالتأكيد لا، لكنّ هناك تقدما يتحقق. تذكروا ما بدأنا به عندما هرع العالم لنجدة هايتي. لم تكن هناك طرق، مجرد أنقاض وجثث. لم تكن هناك اتصالات، إنما فقط الموت واليأس».

وتراجعت أعمال العنف والنهب في هايتي في الوقت الذي أمّنت فيه القوات الأميركية عمليات توزيع المياه والطعام واستجاب الآلاف من المواطنين المشردين لنداء الحكومة بالسعي إلى مأوى خارج بورت أوبرنس.

وفي إطار الاهتمام الدولي بالأطفال الذي فقدوا عائلاتهم جراء الزلزال، تم نقل 106 أطفال من هايتي إلى هولندا في إطار برنامج لتسريع إجراءات رعايتهم وتبنيهم. وقالت وزارة العدل الهولندية إنها وافقت على تسريع إجراءات الموافقة على دخول الأطفال الذين اكتملت تقريبا إجراءات تبنيهم. وذكرت وزارة الخارجية الهولندية مسبقا في بيان أن 92 طفلا من بين 106 أطفال سيصلون اليوم (أمس) سيتبناهم هولنديون وإنه تم تبني 14 طفلا في لوكسمبورغ. وقالت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع إنها ستنظر في كل حالة على حدة وتصدر موافقة «لأسباب إنسانية» لأطفال يمكن تبنيهم مما يسمح لهم بدخول الولايات المتحدة للحصول على الرعاية اللازمة. وأعربت بعض الجهات عن قلقها من إرسال الأطفال الذين شردوا أو تيتموا للخارج لرعايتهم. وقال صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» الثلاثاء الماضي، إن تبني أطفال من هايتي في الخارج يجب أن يكون الملاذ الأخير فقط. وقالت «يونيسيف» إنه يجب أولا لم شمل الأطفال الذين لقي آباؤهم حتفهم أو لم يعرف مصيرهم مع عائلتهم الأوسع.

في غضون ذلك، تمت إعادة رفاة التونسي الهادي العنابي، رئيس بعثة الأمم المتحدة في هايتي، والذي لقي حتفه في الزلزال، أمس، إلى بلاده. وكان بعض أقاربه ومحبيه في استقبال نعشه الذي غطي بعلمي الأمم المتحدة وتونس، في مطار قرطاج بالعاصمة التونسية. وأعلنت الأمم المتحدة أمس حصيلة جديدة لعدد موظفيها الذين قتلوا في الزلزال. فقد ذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن 61 من العاملين مع المنظمة الدولية في هايتي، وأن 180 آخرين ما زالوا في عداد المفقودين بعد تسعة أيام من الزلزال. وكانت حصيلة سابقة نشرت أول من أمس أشارت إلى 49 قتيلا وأكثر من 300 مفقود بين موظفي الأمم المتحدة.

من ناحية أخرى، أعلنت إمارة دبي أمس عزمها تقديم مساعدات لمائتي ألف طفل من ضحايا زلزال هايتي. وقال المكتب الإعلامي لحاكم الإمارة إن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، حاكم دبي، كلف مؤسسة «دبي العطاء» الخيرية بتقديم مساعدات تعليمية لأطفال هايتي.

وقال طارق القرق، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، إن «المؤسسة تعمل على تقديم المساعدات الفورية لنحو 200 ألف طفل في هايتي بالتعاون مع منظمات دولية غير حكومية، بما فيها منظمة كير إنترناشيونال ومنظمة إنقاذ الطفل العالمية وبلان إنترناشيونال واليونيسيف المتواجدة حاليا في هايتي»، موضحا أنه «بعد هذه الكارثة أضحى الأطفال بحاجة للحصول على متطلبات التعليم الأساسية والتي سنعمل على تلبيتها وتوفيرها لهم». وأضاف «وفقا للنداء العاجل الذي أطلقه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية لإغاثة ضحايا زلزال هايتي، فإن الأطفال والشباب من العائلات المنكوبة هم الأكثر حاجة إلى المساعدات العاجلة حيث لقي العديد من أفراد الكوادر التعليمية حتفهم وتعرض الكثيرون منهم إلى إصابات جراء هذه الكارثة». وتابع القرق «تشير التوقعات إلى أن عددا كبيرا من الأطفال الذين يشكلون 25% من نسبة المتضررين من سكان هايتي هم بأشد الحاجة للحصول على مساعدات عاجلة ودعم فوري»، وأوضح أن «توفير متطلبات التعليم سيسهم بدور جوهري في عودة الأطفال إلى المدارس والتغلب على آثار الزلزال، ليس فقط لطلبة المدارس ولكن أيضا للأطفال المحرومين من الدراسة سابقا، حيث تشير البيانات المتوفرة إلى أن 50% من أطفال هايتي ممن هم في سن التعليم كانوا خارج المؤسسات التعليمية قبل حدوث الهزة الأرضية». ولفت إلى أن مؤسسة «دبي العطاء» «ستواصل جهودها لتحديد الجوانب التي يمكن من خلالها إعادة أطفال هايتي المنكوبة إلى الأجواء الدراسية».