الوزير العريضي ينفي العثور على هيكل الطائرة الإثيوبية

الشاطئ اللبناني تحول مقصدا للباحثين عن جثث مفقوديهم

حشد من أبناء بلدة حنويه يحملون صورة ونعش رجل الأعمال حسن تاج الدين الذي قضى في حادثة الطائرة وهم يشيعونه إلى مثواه الأخير، أمس (أ.ب)
TT

تواصلت الجهود للعثور على ركام الطائرة الإثيوبية التي سقطت فجر أول من أمس وعلى متنها 90 راكبا بينهم 54 لبنانيا و22 إثيوبية وعدد من الأجانب، بالإضافة إلى طاقم الطائرة. إلا أن المعلومات المتوافرة كانت ضئيلة مقارنة مع وطأة انتظار أهالي المفقودين الذين أصبح همهم الأوحد عثور الجهات المختصة على جثث ذويهم ليتمكنوا من دفنها والصلاة على أرواحهم.

وعدا مستشفى بيروت الحكومي، حيث بدأت منذ عصر أول من أمس تصل الجثث المجهولة الهوية بغالبيتها، تحوّل الشاطئ أمس - من منطقة الروشة (بيروت) مرورا بالرملة البيضاء ووصولا إلى الأوزاعي وخلدة إلى جنوب بيروت - مقصدا للباحثين عن خبر أو معلومة في ظل انعدام الأمل بالعثور على أي راكب على قيد الحياة. «الشرق الأوسط» رافقت هؤلاء الذين قصدوا الشواطئ ليس للنزهة كما جرت العادة، إنما لرصد أصغر تحرّك للطوافات التي استمرت بالتحليق فوق المكان، ينتظرون أن تخفف سرعتها وتقترب من صفحة المياه، علّها تلتقط أحد المفقودين. كذلك رصدوا البارجة الأميركية التابعة للأسطول السادس، والراسية في البحر، وعلّقوا على وجودها آمالا بوضع حد لمرارة الانتظار، لا سيما أن تحسن أحوال الطقس ساعد في سبر عمق البحر لتحديد الموقع الذي استقر فيه هيكل الطائرة. وتعززت الآمال بالعثور على الجثث بعد أن ترددت معلومات عن أن المعدات المتطورة الموجودة على متنها سمحت لـ«روبوت» بسبر غمار المياه، حيث من المفترض وجود هيكل الطائرة الذي يضم النسبة الأكبر من المفقودين، على اعتبار أن الطائرة لم تكن قد حلقت على ارتفاع عالٍ، وبالتالي لم يتسن للركاب فك أحزمة الأمان. إلا أن وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي نفى أن «يكون قد عُثر على هيكل الطائرة». وأشار إلى أن «ما حُدّد هو المنطقة البحريّة التي يوجد فيها هيكل الطائرة، وإن التفتيش في هذه البقعة الجغرافية بدأ منذ التاسعة صباح أمس والحد الأقصى للانتهاء من تفتيشها سيستغرق 24 ساعة». وأضاف أن «البحث مستمر عن أجزاء الطائرة والصندوق الأسود كذلك». ولفت إلى أن «مكان وقوع الطائرة قد تحدّد بشكل واضح»، وأوضح أن «منطقة التفتيش تمتد عمقا في البحر 8 كلم انطلاقا من مدرج المطار باتجاه جنوبي - غربي، وبعرض 3 كلم». وأشار إلى أن «السفن التي تتولى عمليات التفتيش إحداها أميركية وأخرى تابعة لشركة خاصة». وكان العريضي قد قال: إن «قبطان الطائرة الإثيوبية التي سقطت في الحبر سلك مسارا مختلفا عن المسار الذي حدده برج المراقبة في مطار بيروت الدولي». وأشار إلى أن « برج المراقبة طلب من القبطان تصحيح مساره لكنه قام بلفة سريعة وغريبة». ولفت إلى أنه « ليس واضحا لماذا حصل هذا الأمر، وهل كانت هذه الحركة خارجة عن سيطرة القبطان». لكن الأهالي وبمعزل عن المعلومات الرسمية رابطوا على الشاطئ، يحاولون كسر إيقاع الانتظار بكوب من القهوة وسؤال الصحافيين والمصورين عن آخر الأخبار، ويراقبون أعمال الإغاثة التي تقوم بها الفرق المختصة من الجيش اللبناني والقوات الدولية والسفينة الأميركية، للتفتيش عن ركاب الطائرة وحطامها. وقد تمكن رجال فوج إطفاء بيروت ظهر أمس من العثور على الحمّام العائد للطائرة المنكوبة، إضافة إلى ثلاثة مقاعد مقابل الشاطئ المواجه لصخرة الروشة. وانتشل الجناح الأيسر للطائرة، إضافة إلى عدد من الحقائب العائدة وبعض معدات الطائرة من مقاعد ووسائد، ونقلت كل هذه الأغراض إلى القاعدة البحرية في البيال (قرب مرفأ بيروت). إلا أن حرص الجهات الرسمية المختصة على عدم الإدلاء بمعلومات غير دقيقة بقي غالبا، وذلك تلافيا للتضارب في هذه المعلومات، وحرصا على أهالي المفقودين، وخوفا من إعطائهم أي أمل كاذب.

و كان المدير العام للطيران المدني حمدي شوق، قد اجتمع صباح أمس مع أعضاء الوفد الإثيوبي الذي وصل إلى بيروت، وتم البحث في كيفية مشاركة الوفد الإثيوبي في التحقيق عملا بالأنظمة الدولية؛ لأن إثيوبيا البلد المشغل للطائرة. ووضع شوق الوفد الإثيوبي في آلية المشاركة في التحقيقات، وأبدى الوفد رغبته في معاينة موقع سقوط الطائرة والاطلاع على المعلومات المتوفرة عند سلطات الطيران المدني اللبناني حول هذه الكارثة الجوية.

ولم يقتصر الحزن على المناطق اللبنانية المفجوعة بخسارة شباب قرروا خوض غمار الاغتراب، فقد أعلنت الجالية اللبنانية في الغابون وتحديدا في العاصمة ليبرفيل وفي المدينة الصناعية والتجارية بورجنتي، أن الجالية أقفلت مؤسساتها ومحالها التجارية حدادا على ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة، لأن معظم الضحايا من المغتربين اللبنانيين الذين يعملون في الغابون. ووصل أمس إلى بيروت وزير خارجية إثيوبيا مسفين سيبوم للبحث في آخر ما توصلت إليه التحقيقات في شأن سقوط الطائرة الإثيوبية والتنسيق مع السلطات المعنية بهذا الشأن. وكانت مساعدة القنصل الإثيوبي يشي تامارات قد أعلنت أن الحكومة الإثيوبية قد اتخذت قرارا بنقل الجثث الـ22 للإثيوبيات اللواتي كن على متن الطائرة المنكوبة إلى أديس أبابا ليصار إلى التعرف إلى صاحباتها، وذلك لأسباب تقنية تتعلق بفحص الحمض النووي.