مؤتمر في نيروبي لقادة الطرق الصوفية الصومالية يبحث مستقبل البلاد

شهود عيان يتحدثون عن حشود عسكرية كينية على الحدود

TT

بدأت في نيروبي أعمال مؤتمر لقادة الطرق الصوفية في الصومال، لبحث مستقبل الوضع في البلاد، في ظل المواجهات الحربية بين أتباع الطرق الصوفية من جهة وبين حركة الشباب والحزب الإسلامي من جهة أخرى، وجاء هذا المؤتمر كمبادرة من مجلس علماء الأشراف لتوحيد مواقف الطرق الصوفية تجاه ما يجري في الصومال، ويشارك في هذا المؤتمر عشرات من قادة الطرق الصوفية في الصومال أبرزها القادرية والإدريسية والأويسية والزيلعية والرفاعية وطرق أخرى، ويبحث المؤتمر أيضا العلاقة مع الحكومة الصومالية ودول الجوار، ويأتي هذا المؤتمر بعد نحو شهر من مؤتمر قادة الطرق الصوفية المعروفة أيضا بـ«أهل السنة والجماعة» في مدينة «عابد واق» بوسط الصومال، الذي أسفر عن تشكل 3 مجالس هي: مجلس المراجع، ومجلس الشورى، والمجلس التنفيذي.

لكن عددا من قادة الطرق الصوفية تغيب عن هذا المؤتمر ووصفته بأنه لا يحظى بإجماع الطرق الصوفية، وإنما يخص فقط أتباع الطرق الصوفية في المحافظات الوسطى من البلاد، مما اعتبر انقساما داخل صفوف قادة الطرق الصوفية، ويرجع تاريخ إنشاء اتحاد الطرق الصوفية أو أهل السنة والجماعة إلى عام 2003 كتنظيم غير سياسي، يهتم بتطوير الطرق الصوفية والتنسيق في مجالات الدعوة والتعليم والفتوى، واختير الشيخ شريف محيي الدين وهو قائد بارز في طريقة القادرية رئيسا للاتحاد، ولم يكن لجماعة أهل السنة والجماعة دور سياسي أو عسكري حتى منتصف عام 2008 عندما ثار أتباع الطرق الصوفية على قيام حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي، وهما محسوبان في التيار السلفي الجهادي بهدم عدد من الأضرحة والمزارات التي تعود لقادة الطرق الصوفية ومؤسسيها في الصومال.

وتشكلت نتيجة لذلك مجموعات مقاتلة من أتباع الطرق الصوفية تمكنت من السيطرة على عدد من المدن الرئيسية في وسط البلاد، وتلقى هذا الجناح المسلح مساعدات عسكرية من إثيوبيا التي تسعى هي الأخرى إلى إضعاف حركة الشباب وإبعادها عن المناطق الحدودية مع الصومال. وعقد قادة الطرق الصوفية مؤتمرا في مدينة «عابد واق» بوسط الصومال الشهر الماضي انبثقت منه 3 مجالس: مجلس المراجع، ومجلس الشورى والمجلس التنفيذي، وأسندت رئاسة هذه المجالس إلى قيادات شابة من الطرق الصوفية المختلفة في الصومال، وينقسم قادة الطرق الصوفية في الصومال في الموقف من حكومة الرئيس شريف شيخ أحمد الذي ينحدر هو الآخر من عائلة صوفية شهيرة تنتمي إلى الطريقة الإدريسية، (نسبة إلى السيد أحمد بن إدريس الفاسي) ففي الوقت الذي يؤيد الجناح الذي يتزعمه الشيخ شريف محيي الدين الحكومة الصومالية ويرى التعاون معها بشكل كبير، فإن الجناح الذي يهيمن عليه قادة الطرق الصوفية في المحافظات الوسطى من الصومال يرون الحكومة غير جادة في التعاون معهم فيما يخص الحرب ضد حركة الشباب والحزب الإسلامي.

وقد انضم عدد من أمراء الحرب السابقين وجنرالات متقاعدين من الجيش الصومالي إلى الطرق الصوفية، ويقاتل بعضهم حاليا تحت لواء أهل السنة والجماعة بدعم من إثيوبيا، الأمر الذي أثار شكوكا حول بروز تيار الصوفية كطرف عسكري في النزاع الصومالي يحظى بدعم من دول الجوار ومن الولايات المتحدة أيضا، على صعيد آخر، أفاد شهود عيان في جنوب الصومال بأن الجيش الكيني حشد أعددا كبيرة من عناصره على طول الشريط الحدودي مع الصومال، تحسبا لاندلاع معارك بين قوات الحكومة الصومالية ومقاتلي حركة الشباب التي تسيطر على جنوب البلاد، وترددت أنباء بأن 2500 جندي صومالي تم تدريبهم مؤخرا في كينيا يعتزمون شن هجوم واسع على معاقل حركة الشباب انطلاقا من الأراضي الكينية.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يسود في مقديشو جو من الترقب والخوف نتيجة ما يقال عن جولة وشيكة من الحرب بين الطرفين بعد سلسلة من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون حكوميون بإقدام الحكومة على حملة عسكرية لإخراج المقاتلين الإسلاميين من العاصمة مقديشو.

وقد بدأ سكان عدد من أحياء مقديشو بالفرار من منازلهم خوفا من الوقوع بين نيران المتقاتلين، وينضم هؤلاء إلى عشرات الآلاف من سكان مقديشو الذين هربوا من العاصمة في أوقات سابقة جراء المعارك المتواصلة في المدينة، وإلى جانب الأجواء المتوترة في العاصمة، فإن مناطق أخرى من غرب وجنوب البلاد تشهد تحركات عسكرية مشابهة، في مؤشر على أن المعارك القادمة لن تقتصر على مقديشو، وإنما ستندلع أيضا في محافظات نائية من وسط وجنوب البلاد، وتبدي المنظمات المحلية والدولية مخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في الصومال، وهو وضع متدهور أصلا، في حالة اتساع نطاق المواجهات بين قوات الحكومة ومقاتلي الفصائل الإسلامية المعارضة.