واشنطن تعيد سفيرها إلى دمشق والأسد يدعو لدور أميركي داعم للتركي

بيرنز: تعيين سفير في دمشق إشارة واضحة على استعدادنا لتحسين العلاقات

TT

فيما أعلن البيت الأبيض تسمية روبرت ستيفن فورد، سفيرا لسورية، كأول سفير أميركي منذ سحب واشنطن سفيرتها من دمشق في فبراير (شباط) 2005، وصل وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية وليام بيرنز إلى دمشق، قادما من بيروت.

وبعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد صباح أمس، اعتبر بيرنز تعيين سفير أميركي جديد في دمشق «إشارة واضحة على استعداد الإدارة الأميركية لتحسين العلاقات»، لافتا إلى موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين روبرت فورد سفيرا جديدا لواشنطن في دمشق.

وقال بيان رسمي سوري إن الأسد خلال استقباله بيرنز أكد على «أهمية أن يكون الدور الأميركي في عملية السلام، داعما للدور التركي»، وشدد على ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة «لسياسات تدفع إسرائيل للقبول بمتطلبات السلام». ونقل البيان عن بيرنز تعبيره عن «رغبة الرئيس باراك أوباما في تعزيز التواصل والتنسيق بين الولايات المتحدة الأميركية وسورية حول مختلف القضايا»، وأنه أكد «محورية الدور السوري في المنطقة»، وذلك خلال لقاء حضره وزير الخارجية وليد المعلم ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد والوفد المرافق لبيرنز والسفير السوري في واشنطن ومدير إدارة أميركا في وزارة الخارجية.

وقال البيان أيضا إن الأسد استعرض مع بيرنز «العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تحسينها والخطوات العملية التي اتخذت في هذا المجال وضرورة مواصلة الحوار البناء والجاد المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة لما فيه مصلحة البلدين». وتناول اللقاء أيضا «تطورات الأوضاع في المنطقة وخصوصا في العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة وعملية السلام المتوقفة».

وبعد اللقاء وصف بيرنز في تصريحات للصحافيين مباحثاته مع الأسد بأنها كانت «موسعة ومثمرة». وقال إنه جرى تناول «النقاط التي نختلف حولها وفي الوقت نفسه جرى تناول النقاط التي نتفق عليها». وأشار المسؤول الأميركي إلى أن «سورية تؤدي دورا مهما في الشرق الأوسط»، موضحا أنه بحث والأسد «القضايا ذات الاهتمام المشترك التي يمكن أن نتعاون من خلالها على الرغم من الخلافات بيننا». واعتبر «تعيين سفير أميركي جديد في دمشق بعد خمس سنوات من الغياب، إشارة واضحة على استعداد الإدارة الأميركية لتحسين العلاقات».

وأكد بيرنز استعداد بلاده «لتحسين العلاقات مع سورية والالتزام بتحقيق سلام عادل وشامل بين العرب والإسرائيليين على المسارات كافة». وأضاف أن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق «استقرار إقليمي»، وأعلن أن منسق وزارة الخارجية الأميركية لمكافحة الإرهاب دان بينجامين سيبقى يوما آخر في دمشق «لمتابعة الحوار الذي كنا قد بدأنا به (مع سورية)».

وعبّر المسؤول الأميركي عن سعادته لعودته إلى دمشق ونقل «اهتمام الرئيس باراك أوباما المستمر في متابعة بناء العلاقات مع سورية على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل»، مضيفا أن «هناك الكثير من التحديات على الطريق لكن خلال الاجتماع مع الأسد أملنا أن نتمكن من تحقيق تقدم لما فيه مصلحة البلدين».

بعد ذلك عقد الوزير المعلم اجتماعا في وزارة الخارجية مع بيرنز بحضور نائب وزير الخارجية فيصل المقداد والوفد المرافق لبيرنز والسفير السوري في واشنطن. وسبق لبيرنز أن التقى وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعد توليه منصبه في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كما سبق والتقى بيرنز نائبَ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد خلال زيارته الاستثنائية لواشنطن في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. وكان بيرنز قد وصل إلى دمشق قادما من بيروت حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري.

ومن جهة أخرى، يصل رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون إلى دمشق نهاية الأسبوع الحالي، في زيارة تهدف إلى ترسيخ العلاقات الفرنسية السورية. وقال فيون إن زيارته إلى دمشق التي تبدأ غدا، تهدف إلى «ترسيخ علاقتنا على المدى الطويل والسماح لها بتجاوز خطوة إضافية مع التوقيع على عدد من الاتفاقيات». وأضاف فيون في حديث لصحيفة «الوطن» السورية شبه الرسمية، أن «تنفيذ هذه الاتفاقيات يسهم في تنمية وتحديث سورية، فما تريد أن تعرضه فرنسا على سورية هو شراكة شاملة».

ويبدأ فيون زيارة إلى سورية غدا تستمر يومين على رأس وفد رسمي يضم عددا من الوزراء ووفدا من كبار رجال الأعمال وممثلي الشركات الفرنسية العملاقة في أول زيارة لرئيس وزراء فرنسي لهذا البلد منذ نحو ثلاثة عقود ونصف. وأضاف فيون في حديث للصحيفة السورية، نشرت منه وكالة الأنباء الألمانية نسخة مسبقة أمس، أن «بلدينا وشعبينا يرتبطان برابطة التاريخ والصداقة القديمة وهما وريثا حضارات عظيمة، فبين الفرنسيين والسوريين رغبة في العمل أكثر فأكثر». وأكد فيون أنه سيتحدث مع الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره السوري محمد ناجي عطري حول الوضع في المنطقة. وقال: «سنتناول بالطبع آفاق عملية السلام على المسارات كافة والوضع على الساحة الفلسطينية والعربية والوضع في العراق ورغم أنه قد يكون لدينا وجهات نظر مختلفة أحيانا فإننا نتمسك بالحوار مع الحكومة السورية بشأن كل الموضوعات المتعلقة بالمنطقة».

ورغم تأكيد فيون الاختلاف في بعض الملفات بين باريس ودمشق، فقد توجه رئيس الوزراء الفرنسي إلى الشعب السوري قائلا: «أود أن أقول للشعب السوري إنه خلال سنتين تقريبا تم إحراز كثير من التقدم بين بلدينا وفرنسا ترغب في تعزيز الروابط مع سورية في الإطار الثنائي وداخل أطر أوسع مثل الاتحاد من أجل المتوسط، وترغب في لعب دور بنّاء أكثر فأكثر في خدمة الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط». وأبدى فيون ترحيب بلاده بـ«الإعلان عن محادثات غير مباشرة بين سورية وإسرائيل في مايو (أيار) 2008 برعاية تركيا»، كما أبدى «أسفها لتوقف هذه المحادثات».