خطاب نصر الله يدفع بـ«14 آذار» للمطالبة بإعادة تفعيل الحوار حول سلاح حزب الله

مناورات إسرائيلية عند الحدود مع لبنان.. وحزب الله يتوعدها بـ«آلاف المقاومين» من بينهم مسيحيون وسنة

TT

أحدثت تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، التي أدلى بها خلال الاحتفال بذكرى قياديين اغتالتهم إسرائيل منذ الثمانينات، وهدد فيها إسرائيل برد «الصاع صاعين» في أي حرب مستقبلية، وقعا قويا في الوسط السياسي اللبناني. فجددت الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدعوة إلى «انطلاق طاولة الحوار الوطني (حول سلاح حزب الله) في أقرب فرصة ممكنة، للتوصل إلى استراتيجية واحدة تحظى بتوافق وطني شامل للدفاع عن لبنان في مواجهة الأخطار الخارجية المحدقة به، وحفظ أمنه الداخلي على قاعدة احترام كامل للدستور اللبناني نصا وروحا وللمؤسسات الشرعية ومرجعيتها الحصرية في رسم السياسات الوطنية في المجالات كافة والقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701 الذي حظي بإجماع اللبنانيين». ورأت أن «تجنيب لبنان الأخطار إنما هو عنوان أساسي للاستراتيجية الوطنية، ويقتضي أن يبدأ الحوار في هذا الشأن سريعا».

وكان نصر الله أمس قد حذر إسرائيل من أن الحزب سيقصف تل أبيب إذا قصفت الضاحية، ومطار بن غوريون إذا قصفت مطار رفيق الحريري في بيروت.

ودعا النائب أحمد فتفت، عضو كتلة المستقبل التي يرأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى عدم «الانجرار إلى ما تسعى إليه إسرائيل». وأضاف «علمنا أن للمقاومة جهوزية، ويمكن أن تطال صواريخها بعض الأماكن في إسرائيل، ولكن مقارنة بحرب تموز (يوليو) 2006 فالدمار الإسرائيلي على لبنان كان أكبر بكثير مما حصل في إسرائيل». وقال «لم نعد نتحمل الكثير لناحية إعادة البناء، فالمرحلة تقتضي الهدوء، لأن الانجرار نحو سياسة إسرائيل فيه مصلحة لها لشن عدوان على لبنان وإعطائها الذريعة». وأصر فتفت على أن «يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية»، معتبرا أن «هذا السلاح شئنا أم أبينا يمكن أن يستعمل في الداخل». وأكد أنه «لا أحد يتكلم عن نزع السلاح، لكن نتكلم عن بقائه في عهدة الدولة اللبنانية»، متسائلا «هل هناك قلة ثقة بالجيش الوطني لذلك لا نريد وضع السلاح بعهدته؟».

وشدد على أن «الأمور السيادية والعسكرية والأمنية هي مسؤولية الدولة اللبنانية». وقال «إذا أعطي الجيش الإمكانيات الموجودة عند حزب الله فمن المؤكد أن بإمكانه مواجهة إسرائيل». وردا على سؤال حول تزويد الولايات المتحدة الجيش اللبناني بالسلاح، أجاب «أي طرف يُزود الجيش اللبناني أهلا وسهلا به، ولا اعتقد أن أحدا سيعطينا سلاحا للجيش اللبناني وسنقول له لا».

ورأى وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (حزب الكتائب) أن «لبنان ساحة مفتوحة أمام كل الاحتمالات، وكأن هناك جنرالا عسكريا هو (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله يخاطب جنرالا إسرائيليا عن عملية الردع من فوق رؤوس الشعوب»، مشيرا إلى أن «خطاب نصر الله متقدم ونوعي، ويعطي إشارات إلى المرحلة المقبلة، ويزيل الكثير من الأوهام حول إمكانية عقد طاولة الحوار ووضع استراتيجية دفاعية للبنان». وقال «لفتني خطاب الثأر، وإذا كنا في لبنان اعتمدنا الثأر، فيجب أن نطالب بدم بشير الجميل وبيار الجميل وجبران تويني وأنطوان غانم...».

وأضاف «لقد تم وضعنا بصورة تأكيدات حول عدم اندلاع الحرب، ولكننا دخلنا إلى حرب نفسية وتمت استباحة الدولة اللبنانية»، مشيرا إلى أن «المشهد يوحي بوجود رجل أقوى من الدولة اللبنانية والمؤسسات، ويتوعد إسرائيل». وتابع «اختلافنا الأساسي مع نصر الله هو وضعه المقاومة أولا، بعدما مر في الخطاب مرور الكرام على ذكر الدولة والجيش والشعب (...) فإذا أردتُ أن أقوي الدولة اللبنانية، فلا أظهر نفسي بهذا الشكل وكأني أهمشها، ولا نهدد إسرائيل ونتلقف تهديداتها، وكأن لا دولة ولا جيش ولا مؤسسات، فهناك حكومة لبنانية هي التي ترد»، مشيرا إلى أن «نصر الله كان بالأمس الناطق باسم لبنان، وأنا لا أقبل بأن يكون هو الناطق باسم لبنان».

واعتبر أن «كلام نصر الله يوحي بأن لديه استراتيجيته، ولكن هل أخذ رأينا فيها؟ ربما نريد استراتيجية أخرى». وحذر من أن «أي شيء خارج إطار الشرعية يكشف لبنان»، مشددا على أن «أي دولة تحترم نفسها، لا يمكن منح الحماية للبنان إذا كانت الحكومة غير قادرة على القول لشركائها خارج لبنان إنها قادرة على بسط سلطتها»، مطالبا بـ«وضع السلاح تحت سلطة الدولة ومرجعيتها».

ورأى عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار أنه «عندما تضع (المقاومة) إمكاناتها وقدراتها بيد الدولة، والعمل من ضمن المؤسسات، ساعتئذٍ نقول إن على الدولة أن تقوم بواجبها، لكن القول إن الدولة غير قادرة أمر غير مقبول، لذا علينا إمداد الدولة بعناصر القوة». من جهة أخرى، كثفت القوات الإسرائيلية من مناوراتها عند الحدود مع لبنان بالتزامن مع «الخطاب الناري» لنصر الله. وسمع سكان المنطقة الحدودية اللبنانية أصوات انفجارات داخل مزارع شبعا المحتلة، تبين أنها تدريبات تقوم بها القوات الإسرائيلية تخللتها مناورات بالذخيرة الحية والأسلحة المدفعية داخل المزارع ما بين موقع السماقة ورويسة العلم وصولا حتى جبل الشيخ، في وقت حلق فيه الطيران المروحي الإسرائيلي فوق المزارع، كما حلق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق مناطق بنت جبيل ومرجعيين في جنوب لبنان. وأفادت مصادر أمنية لبنانية بأن القوات الإسرائيلية كثفت من دورياتها المؤللة على طول الحدود مع لبنان من مسكاف عام - المطلة، وصولا حتى العباسية والغجر.

وفي المقابل، أكد مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، أنه «في أي حرب قادمة لن يقاتل حزب الله العدو الإسرائيلي وحده لأن المقاومة تضم في صفوفها اليوم الآلاف من المقاومين سنة وشيعة ومسيحيين». واعتبر قاووق أن «التهديدات الإسرائيلية هي تهديدات جوفاء ومجرد جعجعة لا تخرج إسرائيل من قعر الهزيمة التي وقعت فيها في يوليو (تموز) 2006، ولكن من واجب المقاومة ألا تستخف بكل التهديدات والمخاطر، لذلك فهي مستعدة وجاهزة لمواجهة كل الاحتمالات»، وقال «إن وعد المقاومة هو أن العدو الإسرائيلي سيسقط بالمفاجآت في أي عدوان قادم قبل أن يسقط في المواجهات».