باريس تدعو إلى تحرك «حازم وعاجل».. وبرلين تتحدث عن «مخاوف بالغة» من إيران

موسكو تحث طهران على التعاون وتحذرها مجددا من عقوبات دولية

TT

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أمس أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول البرنامج النووي الإيراني «يثبت ضرورة التحرك بشكل عاجل وحازم لمعالجة عدم تعاون إيران».

وقال المتحدث باسم الخارجية برنار فاليرو أمام الصحافيين: إن «هذا التقرير يؤكد بشكل دقيق المخاوف البالغة للأسرة الدولية، ويثبت كم أنه من الضروري التحرك بشكل حازم وعاجل لمعالجة عدم تعاون إيران». وذكر أن إيران رفضت خلال الأشهر الماضية كل عروض الحوار والتعاون التي قدمتها الدول الست (فرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا والصين) «وأنه لم يعد أمام فرنسا وشركائها من خيار على ضوء هذا الواقع سوى السعي لإقرار إجراءات جديدة في مجلس الأمن الدولي خلال الأسابيع المقبلة». وأعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الخميس عن قلقها لورود معلومات، بشأن نشاطات إيران النووية، تفيد بأن طهران قد تكون بصدد صنع سلاح ذري. وتؤيد فرنسا التي تتولى هذا الشهر الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، تشديد العقوبات على إيران التي يشتبه الغربيون بسعيها لامتلاك السلاح الذري، الأمر الذي تنفيه طهران. وفي برلين أعلن متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تقرير الوكالة «يؤكد المخاوف الخطيرة» حيال البرنامج النووي الإيراني. وقال المتحدث أولريخ فيلهلم خلال مؤتمر صحافي في برلين: إن «تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. يؤكد المخاوف الخطيرة التي تساور الحكومة منذ فترة طويلة حيال البرنامج النووي الإيراني». وأشار إلى أن «طهران ترفض بصورة خاصة قطع أي تعهد بشأن تعليق برنامج التخصيب»، مضيفا أن «أيا من الأسئلة الملحة المطروحة لم يلق جوابا». وأوضح فيلهلم أن برلين أكدت مجددا استمرارها في «مد اليد» لإيران، مع تأييدها أي قرار قد تتخذه الأسرة الدولية بتشديد العقوبات على هذا البلد.

من ناحيته ذكر وزير خارجية السويد كارل بيلدت أنه «من الصعب معرفة» ما إذا كانت إيران تشغل برنامجا للأسلحة أم لا. وقال بيلدت لمحطات إذاعية سويدية: «من الواضح، من وجهة نظري على الأقل، أنه حتى قبل بضع سنوات كانوا يملكون برنامج أسلحة. إذا كان لديهم واحد اليوم فمن الصعب أن نعرف ذلك». وأضاف «لديهم برنامج تخصيب لا يتماشى مع قرارات اتخذها مجلس الأمن الدولي».

ومن المقرر أن يحضر بيلدت الأسبوع المقبل اجتماعا لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومن المرجح أن تناقش خلاله قضية إيران. غير أن بيلدت تابع أن القرارات حول فرض عقوبات تقع على عاتق مجلس الأمن الدولي على الرغم من إجراء الاتحاد الأوروبي محادثات مع إيران.

وأشار بيلدت «لا يمكن أن تكون العقوبات فعالة إلا إذا أيدها المجتمع الدولي. وتجري المناقشات بشكل أساسي مع روسيا والصين وهما من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وأيضا مع الأعضاء الآخرين (من مجلس الأمن)».

وحثت موسكو طهران على التعاون مع وكالة الطاقة الذرية لإقناع العالم بأن برنامجها النووي سلمي، وأعطت إشارات جديدة على أن الكرملين قد يدعم العقوبات. ونقل عن أندريه نيستيرينكو المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية قوله في موسكو أمس: «يجب على طهران أن تكون أكثر نشاطا في تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن توسع من هذا التعاون». وعززت هذه التصريحات مؤشرات على أن صبر موسكو على طهران أصبح محدودا، بينما تقود الولايات المتحدة مساعي كي يفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جولة رابعة من العقوبات. ولمحت روسيا إلى أن المحادثات بشأن قرار من المجلس قد تبدأ قريبا. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن نيستيرينكو قوله: «لا يوجد عمل يجري دفعه في الوقت الحالي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك للإعداد لقرار محتمل بفرض عقوبات على إيران. ومع هذا فلا يمكننا أن نستبعد تماما إمكانية بدء هذا العمل نظرا للظروف الراهنة». وذكرت وكالات أنباء روسية أن نيستيرينكو قال: إنه يتعين على طهران تقديم المعلومات لتبديد الشكوك بشأن برنامجها النووي. وأضاف: «المجتمع الدولي في حاجة إلى أن يعرف بشكل مؤكد أنه سلمي».

إلى ذلك، وفي إطار تشديد العقوبات على إيران، أعلنت مجموعتا «الاينز» و«ميونيخ ري» الألمانيتان للتأمين أنهما ستوقفان أنشطتهما في إيران «بسبب الوضع السياسي» في هذا البلد. وقالت «ميونيخ ري»، أول مجموعة لإعادة التأمين في العالم، في بيان إنها قررت «عدم تجديد العقود القائمة وعدم إبرام عقود جديدة مع شركات التأمين» في إيران «بسبب الوضع السياسي».

كما اتخذت مجموعة «الاينز» الأولى في أوروبا قرارا مماثلا، حسبما أفادت متحدثة أمس. وحجم أعمال «الاينز» في إيران «ليس كبيرا»، فيما يشمل قرار «ميونيخ ري» أقساطا بقيمة عشرة ملايين يورو.

وفي المقابل، تعتزم شركة «هانوفر ري» الألمانية لإعادة التأمين «مواصلة أنشطتها في إيران»، مع التزامها بقواعد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب متحدثة. وحجم أعمال هذه الشركة في إيران محدود جدا.

من جهته، قال رئيس اتحاد شركات التامين في ألمانيا يورغ فون فورستنفرت، في بيان، إن «صناعة التامين الألمانية تؤيد العقوبات الاقتصادية بحق إيران وستشارك في تعزيزها».

وفي نهاية يناير (كانون الثاني)، أثار قرار مجموعة «سيمنز» الصناعية الألمانية مغادرة إيران ضجة كبيرة، في ذروة تصاعد التوتر بين برلين وطهران. وارتفعت حدة التوتر مع إيران بعد إعلانها البدء بتخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين في المائة.