تركيا: توجيه الاتهام إلى 12 ضابطا ودعوة الجيش لعدم التأثير على التحقيق

غل وأردوغان يجتمعان مع رئيس هيئة الأركان.. والغرب يريد محاكمات شفافة

اللواء المتقاعد متين يافوز يالسين أثناء وصوله إلى محكمة في إسطنبول وسط حراسة مشددة أمس (إ.ب.أ)
TT

أمرت محكمة في اسطنبول بتوقيف 12 ضابطا عسكريا وتوجيه الاتهام لهم بالتآمر للانقلاب في 2003 على الحكومة التركية المنبثقة عن التيار الإسلامي، في قضية أججت الصراع بين الحزب الحاكم والمؤسسة العسكرية. ومن الضباط المتهمين، ضابطان برتبة أميرال ما زالا في الخدمة وثلاثة ضباط متقاعدون اثنان منهم برتبة أميرال والثالث برتبة جنرال، وضابطان سابقان برتبة عقيد. وقد وجهت إليهم الليلة قبل الماضية تهمة الانتماء إلى منظمة غير شرعية، فيما لا يزال آخرون من المشتبه فيهم قيد التحقيق، حسبما ذكرت وكالة أنباء الأناضول.

كما قررت المحكمة الإفراج عن ستة عسكريين تم توقيفهم في إطار حملة واسعة بدأت الاثنين الماضي في كافة أنحاء تركيا واستهدفت 49 شخصية عسكرية اتهمت بتدبير مؤامرة في 2003 للإطاحة بحزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الإسلامي، الحاكم منذ 2002. ومن بين الضباط الموقوفين القائد السابق لسلاح الجو الجنرال إبراهيم فيرتينا والأميرال اوزدين أورنيك القائد السابق لسلاح البحرية، اللذين كانا من المفترض أن تستمع إليهما النيابة العامة مساء أمس.

ونشرت المعلومات الأولية عن خطة الانقلاب التي تحمل اسم «مطرقة الحديد» في يناير (كانون الثاني) الماضي في إحدى الصحف ونفاها الجيش التركي الذي يعد حارس النظام العلماني، منددا بما اعتبره حملة تشهير سخيفة. وتقضي الخطة بمهاجمة مقاتلة تركية فوق بحر إيجه وتوجيه الاتهام إلى الطيران اليوناني، وزرع قنابل في مساجد في اسطنبول وغيرها من الأمور التي من شأنها إثارة الفوضى وتبرير وقوع انقلاب عسكري.

في غضون ذلك، قال مصدر حكومي، إن الرئيس التركي، عبد الله غل، ورئيس الوزراء، طيب أردوغان، سيجتمعان مع رئيس هيئة الأركان اليوم، الخميس.

ويأتي هذا التحرك القضائي الأكبر ضد الجيش التركي، متزامنا مع سلسلة من التحقيقات في ما يشتبه بأنها مؤامرات أخرى ترمي إلى إسقاط حكومة العدالة والتنمية. وكان ضباط متقاعدون بالجيش بين نحو 200 شخص اتهموا بالتخطيط لمؤامرات منفصلة نظمتها جماعة «ارغينيكون» اليمينية المتطرفة. ويقول منتقدون للحكومة إنه يجري استغلال قضية «أرغينيكون» لاستهداف معارضين سياسيين وهو ما تنفيه الحكومة.

وردت قيادة أركان الجيش أول من أمس على الاعتقالات الحالية، مشيرة في بيان إلى اجتماع استثنائي ضم كل الضباط من رتبة جنرال وأميرال لتقويم الوضع الذي وصفته بأنه «خطير». ورأى محللون عسكريون في هذا الاجتماع الاستثنائي وسيلة لكي تبدي رئاسة الأركان دعمها المعنوي لضباطها من دون الرغبة في التدخل في الإجراءات القضائية. وأكد رئيس الأركان إيلكر باشبوغ مؤخرا احترام الجيش للدولة، مشددا على أن عهد الانقلابات العسكرية ولى في تركيا التي تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد تمكن حزب العدالة والتنمية بمساندة وضغط من الاتحاد الأوروبي، من تقليص دور الجيش في الحياة السياسية وتعزيز السلطات المدنية بشكل ملحوظ. وأثار اجتماع الجنرالات رد فعل أول من الحزب الحكومي الذي حذر صالح كابوجوز أحد قادته من أي محاولة «للتأثير» على القضاء. وقال: «أدعو الجميع إلى أن يدعوا القضاء يقوم بعمله بسلام».

واجتمع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مع كبار مساعديه فور عودته أول من أمس من إسبانيا إلا أنه لم يعلق على الاعتقالات. من جهته، كرر زعيم المعارضة القومية في البرلمان دولت بهجلي مواقف عبرت عنها بعض الصحف التي طالبت بانتخابات مبكرة من أجل إخراج البلاد من الأزمة. وقال في بيان إن «مستقبل النظام في خطر، والمخرج الوحيد هو تنظيم انتخابات». وكان حزب العدالة والتنمية فاز في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت عام 2007 بنسبة 47% من الأصوات.

من جانبها، طالبت الولايات المتحدة بإجراء «محاكمات شفافة». وقال فيليب كراولي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، للصحافيين: «نريد أن نرى هذه الإجراءات تتم من خلال عملية شفافة تتطابق مع القانون التركي. نحن نثمن علاقاتنا مع تركيا وتعاملاتنا مع الحكومة التركية». كما أبدت المفوضية الأوروبية «قلقها العميق» من «الاتهامات الخطيرة» ودعت إلى أن يكون التحقيق «نموذجيا».