إيران تهدد بسحب اقتراح تبادل اليورانيوم.. وخامنئي يحذر من محاولات لتوسيع الخلاف بين السنة والشيعة

مولن: العمل العسكري ليس المسار المفضل في هذه المرحلة ضد طهران

TT

قال الزعيم الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي إن القوى الغربية تحاول توسعة الخلافات بين المسلمين السنة والشيعة لتحويل الانتباه عن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وقال خامنئي في اجتماع مع مسؤولين بمناسبة ذكرى المولد النبوي أمس: «أعداء الإسلام والمسلمين يريدون زرع الخلاف بين المسلمين في العالم.. لذلك الوحدة هي أهم ما يحتاجه العالم الإسلامي». وقال خامنئي إن الغرب ينتهج سياسة متعمدة لزرع الشقاق بين الدول الإسلامية.

وأضاف: «للأسف على الرغم من الاتفاق على الحاجة للدفاع عن الأراضي الإسلامية المحتلة فإن العالم الإسلامي تأثر بالدعاية الأميركية والبريطانية ومؤامرات لزرع الشقاق بين الشيعة والسنة». وتابع: «القوى المستأسدة أميركا وبريطانيا تدرك تماما أن الفرقة والخلاف بين المسلمين يوجهان الرأي العام الإسلامي بعيدا عن قضية فلسطين المهمة». وتابع خامنئي: «احتلال أراضي فلسطين المقدسة، والوحشية المستمرة من جانب النظام الصهيوني ضد الفلسطينيين الأبرياء تمثل جرحا عميقا في جسد العالم الإسلامي». ووصف إسرائيل بأنها «سرطان خطير وقاتل». ونقل التلفزيون الرسمي مقتطفات من الخطاب.

ويأتي ذلك فيما قال المبعوث الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية أمس إن إيران قد تسحب اقتراحها بمبادلة اليورانيوم الضعيف التخصيب بوقود على أراضيها في حال «تطور» الملف سلبا مع الأسرة الدولية. ونقلت وكالة أنباء «مهر» عن سلطانية قوله إن «الاقتراح الإيراني لتبادل اليورانيوم الضعيف التخصيب بوقود على أراضيها لا يزال مطروحا على الطاولة لكنه لن يبقى كذلك إلى الأبد». وأضاف أن «أي تطور قد يحدث خللا في مناخ التعاون» سينتج عنه سحب إيران لهذا الاقتراح ملمحا إلى التهديدات بفرض عقوبات التي تلوح بها الدول الغربية وروسيا. ورغم معارضة الصين فإن الدول الأخرى الأعضاء في مجموعة الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا) تستعد لأن تقدم إلى مجلس الأمن مشروع قرار جديد لفرض عقوبات على إيران إثر قرارها بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 20%.

ورفضت إيران اقتراحا قدمته في أكتوبر (تشرين الأول) الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينص على إرسال قسم كبير من اليورانيوم ضعيف التخصيب إلى روسيا لتخصيبه بنسبة 20% قبل أن يحول إلى وقود في فرنسا لاستخدامه لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران.

وفي الأول من مارس (آذار) أعلن المدير العام لوكالة الطاقة الياباني يوكيا أمانو أن الاقتراح «لا يزال على الطاولة». وقدمت إيران مقترحا مضادا يقضي بتبادل اليورانيوم ضعيف التخصيب على أراضيها بوقود بنسبة 20%. وقال سلطانية إن «هذا الطلب نقل إلى دول جديدة. وفضل أمانو عدم كشف أسماء هذه الدول (لكننا) ننتظر ردها».

وقالت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أمس إن طهران انتهكت حظرا على الأسلحة ونظم الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال إخفاء أنشطتها الخاصة بتخصيب اليورانيوم. وقالت لجنة تراقب عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران إن مثالين على الانتهاكات حدثا في الأشهر الثلاثة الماضية تم خلالهما انتهاك الحظر على الأسلحة. وقال السفير الياباني يوكيو تاكاسو الذي يرأس اللجنة إن حكومتين أبلغتا عن اعتراض شحنات أسلحة كان مصدرها إيران. وطرحت الولايات المتحدة للمرة الأولى قضية تخصيب اليورانيوم غير المصرح به على مجلس الأمن. وقالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس «يتعين على المجلس أن يبحث اتخاذ المزيد من الإجراءات لمحاسبة إيران على تصرفاتها». وأشارت رايس إلى تقرير حديث للوكالة الدولية للطاقة الذرية في شهر فبراير (شباط)، قال إن طهران تتحرك صوب الحصول على يورانيوم مخصب بنسبة 20% وتصنيع رؤوس نووية.

لكن مع ذلك قال الأميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية إن أي عمل عسكري «ليس المسار المفضل في هذه المرحلة». وأضاف مولن قائلا «إننا نعمل جاهدين من أجل مجموعة جديدة من العقوبات المشددة جدا جدا». وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة «الحيز ضيق جدا بين حصول إيران على سلاح نووي ومن قد يوجه ضربة إلى إيران.. وأعتقد أن كلتا النتيجتين ستولد قدرا هائلا من عدم الاستقرار في جزء من العالم غير مستقر بالفعل». وكان مولن يتحدث بعد أن أخفقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء في كسب تأييد البرازيل لفرض عقوبات جديدة على إيران وقالت إن طهران لن تتفاوض مع المجتمع الدولي بجدية إلا بعد اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات جديدة ضدها.

وحتى قبل أن يلتقي الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا بكلينتون قال: «ليس من الحكمة دفع إيران إلى الزاوية. من الحكمة إجراء مفاوضات». وتأتي زيارة كلينتون إلى برازيليا في ظل سعي الدبلوماسيين الأميركيين لحشد دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول فكرة أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء ضد إيران التي تحدت مطالب الأمم المتحدة لأن توقف تخصيب اليورانيوم. وقالت كلينتون: «شخصيا أقول إنني أعتقد أن إيران لن تتفاوض بصدق إلا بعد أن نقر عقوبات في مجلس الأمن. هذا ما أعتقده وهذا ما تعتقده إدارتنا.. إنه بمجرد أن يتحدث المجتمع الدولي بشكل موحد حول قرار فسوف يأتي الإيرانيون ويبدأون التفاوض». وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة تعتقد أن العقوبات هي «أفضل سبيل لتفادي صراع وسباقات للتسلح قد تشوش الاستقرار والسلام وأسواق النفط في العالم». ورغم أن أكثر التركيز منصب على روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض الفيتو ضد أي قرار لمجلس الأمن تأمل الولايات المتحدة في كسب تأييد الدول الرئيسية غير الدائمة العضوية في المجلس مثل البرازيل وتركيا لبناء جبهة بشأن المواجهة النووية الإيرانية. وعبر لولا الذي أزعج واشنطن بمواصلته علاقات بلاده الوثيقة مع طهران أكثر من مرة عن الحذر بشأن التوجه الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي الذي يخشون أن يكون ستارا لصنع سلاح نووي.

وأبلغ دبلوماسيون في نيويورك «رويترز» هذا الأسبوع أن القوى الغربية أعدت اقتراحا معدلا لجولة رابعة من العقوبات على إيران لتحديها مطالب الأمم المتحدة لأن توقف تخصيب اليورانيوم. وقالوا إنه الاقتراح المعدل الذي وزعته الولايات المتحدة على بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. وأضافوا أن القوى الغربية تأمل عقد مؤتمر بالهاتف قريبا بين الدول الست - ربما هذا الأسبوع - لمعرفة آراء روسيا والصين.

وإذا نالت القوى الغربية تأييد روسيا والصين فإن المفاوضات بشأن أول قرار جديد لعقوبات للأمم المتحدة في عامين قد تبدأ على الفور. وقال الدبلوماسيون إن رد فعل روسيا المبدئي على الاقتراح الأميركي كان سلبيا في حين لم يصدر رد من الصين. وكرر سيلسو أموريم وزير الخارجية البرازيلي القول بأن البرازيل تشعر بأن الموقف ما زال يسمح بشهرين أو ثلاثة أشهر أخرى من المفاوضات مع إيران. وقال أموريم في مؤتمر صحافي مع كلينتون: «ما زالت لدينا إمكانية للتوصل إلى اتفاق.. لكن ذلك قد يتطلب الكثير من المرونة من الجانبين.. ببساطة لن ننحني أمام الإجماع الذي بدأ ينشأ إذا لم نوافق». وأعربت كلينتون في رحلتها في أميركا اللاتينية عن خيبة أملها تجاه موقف البرازيل وقالت إن المفاوضات مع إيران أثبتت عدم جدواها. وقالت: «الباب مفتوح للتفاوض. لم نوصده أبدا. لكننا لا نرى أحدا يسير نحوه ولو على مسافة بعيدة». وحثت وزيرة الخارجية الأميركية الدول على الحذر من تطمينات إيران بأن برنامجها سلمي النوايا. وقالت: «رأينا إيران التي تجري إلى البرازيل وإيران التي تجري إلى تركيا وإيران التي تجري إلى الصين لتقول للناس كلاما مختلفا لأشخاص مختلفين لتفادي العقوبات الدولية».