ميتشل يصل إلى المنطقة غدا ويلتقي نتنياهو وأبو مازن تمهيدا لاستئناف المفاوضات

بيريس ينفي لقاء عباس في روما بعد اعتراض رجال نتنياهو.. وعريقات يقلل من التفاؤل

مجلس الوزراء الاسرائيلي خلال اجتماعه في القدس المحتلة امس (رويترز)
TT

في الوقت الذي أعلنت فيه وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن عودة جورج ميتشل، مبعوث الرئاسة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، إلى المنطقة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، غدا، نشب خلاف داخلي إسرائيلي حول لقاء يجري ترتيبه بين الرئيسين الإسرائيلي، شيمعون بيريس، والفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن) الشهر القادم في روما.

فقد تسربت إلى الصحف أنباء تقول إن بيريس وأبو مازن سيلتقيان خلال المؤتمر الدولي لمبادرات السلام في العاصمة الإيطالية في 21 أبريل (نيسان) القادم. وحرص مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تسريب نبأ يقول إن مدير مركز بيريس للسلام، أوري سفير، وهو مفاوض رئيسي في اتفاقيات أوسلو، هو الذي رتب لهذا اللقاء، وإنه يتم «من وراء ظهر رئيس الحكومة الإسرائيلي ومن دون علمه»، مما أفهم أن نتنياهو غاضب وقرر التخريب على هذا اللقاء.

يذكر أن الرئيس في إسرائيل هو منصب فخري، ولا يجوز له التدخل في السياسة التنفيذية للحكومة، التي تعتبر أعلى سلطة تنفيذية. لكن بيريس يتدخل في السياسة بطلب من نتنياهو منذ تسلمه رئاسة الحكومة. واتسمت العلاقات بينهما بالودية والحميمية طيلة الشهور الماضية، إلا أن بوادر خلاف ظهرت بينهما في الأسابيع الأخيرة. وراح المقربون من بيريس يسربون للصحف أن رئيس الدولة منزعج جدا من سياسة نتنياهو، خصوصا من عدم جديته لاستئناف المفاوضات السلمية مع الفلسطينيين. وقالوا إن بيريس يشعر بأن نتنياهو خدعه وأوهمه بأنه جاد في تبني مبدأ «التسوية على أساس دولتين للشعبين»، فراح (بيريس) يتنقل من دولة إلى أخرى ومن زعيم دولي إلى آخر، يفتح الطريق أمام نتنياهو، ويقنع الزعماء بأنه صادق في السعي وراء مفاوضات جادة للسلام. ولكنه يتضح اليوم أنه ليس كذلك.

ويرى المراقبون أن موقف نتنياهو ضد اللقاء في روما جاء ليوضح عمق الخلافات بينهما، ويحذر بيريس من مغبة التمادي في إدارة سياسة خاصة به مع الفلسطينيين. فهو يرى في ذلك مساسا بمكانة نتنياهو أمام العالم، تماما كما يفعل نتنياهو نفسه مع وزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان الذي سحب منه ملف العلاقات مع الولايات المتحدة، وسلمه إلى وزير الدفاع، إيهود باراك، وسحب ملفي العلاقات مع تركيا ومصر وسلمهما إلى باراك ووزير التجارة بنيامين بن إليعازر، وسحب ملف العلاقات مع بعض الدول الأوروبية ومع الأردن. فبات ليبرمان يبدو معزولا. ونتنياهو لا يريد أن يظهر هكذا، لمصلحة بيريس.

ورد بيريس ببيان صحافي يبدي فيه تراجعا واضحا عن اللقاء، فقال إنه لم يقرر بعد السفر إلى إيطاليا والمشاركة في المؤتمر، ولذلك فليس هناك حديث عن لقاء مع ابو مازن. وإن «رئيس الدولة ملتزم بالعمل بكل قوته في سبيل دفع عملية السلام إلى الأمام، لكنه يفعل ذلك بالتنسيق الكامل مع رئيس الحكومة وبشكل لا يمس بسياسة الحكومة»، حسب البيان.

وكان الكنيست قد أجرى نقاشا استمر طيلة الليلة قبل الماضية حول مرور سنة على حكومة نتنياهو. فاستغلته رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، لشن هجوم كاسح عليه لليوم الثاني على التوالي. فقالت إن نتنياهو لا يفعل شيئا. إسرائيل تنهار سمعتها، ونتنياهو مشغول في حماية كرسيه. وقالت إن إيران وقادتها هم الوحيدون الذين يساعدون نتنياهو اليوم كرئيس للحكومة. فهم يهاجمون إسرائيل، وهذا يجعل العالم يتعاطف مع إسرائيل. وقالت «لولا هذه المساعدة من محمود أحمدي نجاد (رئيس إيران)، لما كان هناك أي إنجاز لهذه الحكومة. وأعادت ليفني دعوتها إلى نتنياهو أن يعمل على استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.

إلى ذلك، يفترض أن يباشر ميتشل نشاطه يوم الأحد المقبل استعدادا لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بعد حصول أبو مازن على الغطاء العربي. وسيلتقي ميتشل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد، بينما سيلتقي الرئيس أبو مازن يوم الاثنين بعدما يكون قد أطلع اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمركزية لحركة فتح على نتائج اجتماع لجنة متابعة المبادرة العربية في القاهرة، كما قال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط».

ورغم التفاؤل الذي ساد عقب قرار لجنة المتابعة، فإن صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في المنظمة، أعرب عن تشاؤمه إزاء فرص نجاح المفاوضات. وفي تصريحات للصحافيين توقع عريقات أن يؤدي تشدد حكومة نتنياهو إلى عدم إحراز أي تقدم في هذه المفاوضات، مشيرا إلى أن السلطة لا يساورها شك حول عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في التوصل لاتفاق. وتوقع عريقات أن تصدر اللجنتان التنفيذية والمركزية لفتح قرارا يفوض السلطة باستئناف المفاوضات. وتمنى المسؤول الفلسطيني أن تنجح إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في توظيف الفرصة التي وفرها قرار لجنة المتابعة العربية، مشددا على ضرورة طرح أفكار أميركية تكون قادرة على ردم الهوة بين موقفي السلطة وإسرائيل. وشدد عريقات على أن السلطة لن تقبل بأي اتفاق لا يضمن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. ورفض عريقات الاتهامات بأن السلطة وافقت على استئناف المفاوضات نزولا عند طلب الحكومات العربية المتأثرة بضغوط أميركية. وردا على الانتقادات الواسعة التي وجهت للسلطة لموافقتها على استئناف المفاوضات وتراجعها عن شرط وقف الاستيطان، قال إن السلطة ملتزمة بعدم استئناف المفاوضات الثنائية.

وقلل بيريس من أهمية استئناف المفاوضات. ونقلت صحيفة «هآرتس» أمس عنه قوله إن نتنياهو مكبل اليدين بالقيود التي تفرضها عليه الأحزاب اليمينية المتطرفة في ائتلافه الحاكم. ودعا بيريس إلى ضم حزب كديما المعارض للحكومة على اعتبار أن هذا هو السبيل الوحيد لتهيئة الظروف السياسية الداخلية للتوصل لاتفاق تسوية مع الفلسطينيين.