السفير السعودي في بيروت لـ الشرق الأوسط»: الوحدة الداخلية تحفظ لبنان من المتغيرات الإقليمية والدولية

أكد حرص خادم الحرمين على استقراره وتمسك اللبنانيين بنظامهم الديمقراطي التوافقي وبوحدتهم

TT

يبدأ الرئيس اللبناني، العماد ميشال سليمان، اليوم، زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، هي الثانية له منذ انتخابه رئيسا في عام 2008. ويلتقي سليمان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وكبار المسؤولين السعوديين.

ويعلق السفير السعودي في بيروت، علي عواض عسيري، أهمية كبيرة على هذه الزيارة، خصوصا أنها «تأتي بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وانطلاق العجلة السياسية والمصالحات الداخلية بين الأطراف»، كما يقول السفير عسيري لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنها تأتي أيضا «في مناخ المصالحات الإقليمية وأجواء الاستقرار العربي بعد المبادرة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، تجاه سورية، التي انعكست إيجابا على الوضع الداخلي اللبناني، وأدت إلى تحسن العلاقات بين لبنان وسورية لما فيه مصلحة البلدين». ورأى عسيري في الزيارة «استمرارا للتواصل بين القيادتين والشعبين الشقيقين»، مشيرا إلى أنه «سينتج عنها دون شك أمور إيجابية على جميع الصعد الاقتصادية والسياسية وغيرها».

وأشاد عسيري بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس ميشال سليمان «الذي تتسم سياسته بالاعتدال والانفتاح، والذي يسعى بكل جد إلى إنجاح الحوار الوطني وتعميم المصالحات وإيجاد الحلول لجميع المشكلات لتمكين عجلة الدولة من الانطلاق والانتقال بلبنان إلى موقع أفضل». كما أكد حرص خادم الحرمين الشريفين على استقرار لبنان وتمسك اللبنانيين بنظامهم الديمقراطي التوافقي وبوحدتهم الداخلية التي من شأنها أن تحفظ لبنان من المتغيرات الإقليمية والدولية ومن المخاطر. ويشير عسيري إلى تمنيات خادم الحرمين الشريفين أن يتجاوز اللبنانيون الخلافات السياسية الضيقة، وأن يقفوا صفا واحدا خلف قيادتهم ويعطوا أفضل ما لديهم في عمل الحكومة، وأن يعبروا بلبنان إلى مرحلة من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي التي يحتاجها لبنان بعد السنوات الصعبة التي مر بها، والتي يأمل أن لا تتكرر. ويشدد على أن المملكة تدعم كل ما فيه مصلحة لبنان، فهي تشجع على الحوار والمصالحات، وتدعو إلى تعزيز الوحدة الداخلية في وجه التهديدات الإسرائيلية. ويجزم عسيري بأن «علاقة المملكة بلبنان ليست محصورة في فئة أو حزب أو جهة، إنما هي علاقة منفتحة على كل الأطراف وعلى مسافة واحدة من الجميع، وقيادتا البلدين تعملان على ترجمة هذه العلاقات الأخوية إلى أفعال تفيد البلدين، وهذا ما يقوم به الرئيس سليمان في هذه الزيارة».

وإذ يجزم عسيري بأن القادة اللبنانيون «ليسوا بحاجة إلى النصح للقيام بما فيه مصلحة بلدهم»، يشير إلى أن حكومة المملكة تأمل، من باب الأخوة والمكانة الخاصة التي تحفظها للبنان ولشعبه، «أن يبادر القادة اللبنانيون إلى تعزيز التآلف والتكاتف والحوار ودعم مسيرة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وتعزيز الاستقرار الداخلي الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على الأوضاع كافة».

ويشدد السفير السعودي على أن «ما بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية علاقات تاريخية تتميز بأنها تتجاوز الأصول الدبلوماسية لتصبح بين شعبين شقيقين». مشددا على أن «المملكة تريد للبنان ما تريده لنفسها ومواقفها السياسية وعلى رأسها رعايتها اتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب الأهلية وأرسى أسس الانطلاق بالجمهورية الثانية في لبنان، الذي يحظى بإجماع لبناني في تأييده واعتباره دستورا للبنان، والاقتصادية وعلى رأسها المساعدات التي قدمتها منذ إطلاق ورشة إعادة البناء والإعمار، وفي أعقاب العدوان الإسرائيلي هي خير دليل على ما تكنه للبنان وشعبه من محبة».

ولاحظ عسيري أن الوضع اللبناني يتجه خلال هذه المرحلة إلى مزيد من الاستقرار والهدوء، مستدلا على ذلك بحركة السياح العرب، وعلى رأسهم السعوديون، بالإضافة إلى المؤتمرات العربية والدولية التي تعقد في لبنان بما يؤكد أهمية لبنان كموقع سياحي واقتصادي وثقافي وخدماتي. ويقول: «إن للبنان مكانة حضارية وثقافية مميزة في المنطقة، ويرى أنه على الإخوة اللبنانيين مسؤولية كبرى في هذا المجال، فنحن نتطلع إلى لبنان كبلد للأصالة له رسالة إنسانية حضارية». وتمنى على اللبنانيين أن ينقلوا لأبنائهم وأحفادهم هذا الإرث. معتبرا أنه من المفيد جدا للبنان أن يستفيد من أجواء المصالحات العربية والإقليمية وأن يتم وضع أسس لتعزيز الوحدة الوطنية. ويضيف: «من المفيد أيضا تفعيل التواصل الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية ولبنان أكان بعقد المؤتمرات أو تطوير القوانين أو تبادل الخبرات. وقد قدم مؤتمر رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين الذي عقد مؤخرا في بيروت مثالا بارزا في هذا المجال، ونحن نأمل من القطاعين، العام والخاص، القيام بالمزيد من المبادرات وعقد مؤتمرات دورية في البلدين وإزالة العوائق أمام المستثمرين وتحقيق كل ما من شأنه رفع التبادل التجاري والاستفادة من الطاقات الاقتصادية الموجودة في المملكة ولبنان».