نتنياهو يلتقي أوباما غدا في واشنطن.. ويعلن عن مواصلة البناء في القدس مثل تل أبيب

عريقات: هذا تحد سافر.. وننتظر لنسمع من ميتشل

السيناتور جورج ميتشل المبعوث الرئاسي الأميركي إلى الشرق الأوسط يصافح إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل خلال اجتماع لهما في القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

في تأكيد على تسوية الخلافات بين تل أبيب وواشنطن، قام المبعوث الرئاسي الأميركي، السيناتور جورج ميتشل، بتسليم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعوة للقاء الرئيس باراك أوباما، خلال زيارته العاصمة الأميركية.

وقال مصدر في البيت الأبيض إن ميتشل، حمل دعوة من أوباما إلى نتنياهو، لمقابلته غدا (الثلاثاء)، خلال زيارة نتنياهو لواشنطن لحضور مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأميركية – الإسرائيلية (إيباك).

وكان ميتشل قد غادر واشنطن السبت، ووصل إلى إسرائيل أمس لمقابلة نتنياهو، قبل سفره إلى واشنطن.

وكان نتنياهو قدم «توضيحات» عن الأزمة الأخيرة بين البلدين حول بناء مستوطنات إسرائيلية في القدس الشرقية.

وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن الرئيس أوباما، ووزيرة الخارجية هيلاري كلنتون اعتبرا «توضيحات» نتنياهو مقبولة. وأن أوباما الآن يقدر على مقابلته عندما يزور واشنطن، وإن«التوضيحات» تشمل أشياء منها: مناقشة القضايا الرئيسية مع الفلسطينيين، وتأجيل بناء مستوطنات القدس الشرقية، وتخفيف الحصار عن غزة.

وحسب برنامج نتنياهو القديم، لم يكن أوباما في جدول مقابلاته، ولكنه كان سيقابل كلينتون، وأيضا نائب الرئيس جو بايدن، ووزير الدفاع روبرت غيتس.

وجاءت هذه الدعوة بعد أن تجاوب نتنياهو مع غالبية الطلبات الأميركية بكتاب خطي فرضته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وبعد أن أعلن نتنياهو عن هذا التجاوب بشكل علني، في كلمة بُثَّت إلى الإعلام خلال جلسة الحكومة، أمس. واتفق ميتشل مع نتنياهو ووزير دفاعه، إيهود باراك، على تفاصيل الخطوات التي ستتخذها إسرائيل لبناء الثقة مع الفلسطينيين لتشجيعهم على العودة إلى المفاوضات. وسيعرض ميتشل هذه الخطوات على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ليعلن من طرفه عن موافقته لاستئناف المفاوضات.

واستهل نتنياهو جلسة الحكومة، أمس، بالإعلان عن أن إسرائيل قررت اتخاذ إجراءات صارمة حتى لا يتم تكرار الخطأ الذي وقع في قضية البناء في القدس، وأنها قررت القيام بعدة خطوات لبناء الثقة، ومع أنه لم يفصّلها فقد أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أنها تتضمن إطلاق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين، وتخفيف الحصار عن قطاع غزة والانسحاب الإسرائيلي من عدة مناطق بالضفة الغربية تمهيدا للعودة إلى حدود ما قبل الاجتياح الإسرائيلي في عملية «السور الواقي» سنة 2003، وإزالة مزيد من الحواجز العسكرية بالضفة الغربية.

وقال ناطق باسم الحكومة الإسرائيلية إن الدور سيكون الآن على السلطة الفلسطينية، وإن الإدارة الأميركية ستمارس الضغوط عليها حتى تأتي للمفاوضات.

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد رحبت بتراجع نتنياهو عن مواقفه المعلنة بخصوص المفاوضات والعلاقات مع الإدارة الأميركية. وكتبت «هآرتس»، أمس، أن نتنياهو لم يتراجع وحده، بل تراجعت معه الحكومة كلها بما فيها أحزاب اليمين المتطرف.

وكشفت الصحيفة عن أن وزير الداخلية، إيلي يشاي، من حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، أمر بتجميد مشروع بناء 1600 وحدة سكن في حي شعفاط بالقدس الشرقية المحتلة، الذي كان الإعلان عنه خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في إسرائيل، وراء انفجار الأزمة الدبلوماسية مع واشنطن.

وكتبت «يديعوت أحرونوت» أن نتنياهو رضخ للضغوط الأميركية بالكامل، بما في ذلك البناء في القدس مع أنه يقول غير ذلك. فقد تعهد أن لا يبنى مشروع جديد في القدس من دون الرجوع إلى الولايات المتحدة. وهذا يعني أن واشنطن أخذت على عاتقها مسؤولية كل بناء جديد، مما يجعل البناء الجديد في القدس شبه مستحيل. وقالت إن الأزمة مع الولايات المتحدة انتهت، ليس فقط بطرح موضوع القدس على جدول الأبحاث، بعد أن كان نائما، بل إن نتنياهو قِبل عمليا بأن يصبح موضوع القدس شبيها بموضوع الاستيطان في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي لم تفعله حتى الحكومات اليسارية في تاريخ إسرائيل.

وكان من المقرر أن يصل نتنياهو إلى واشنطن صباح اليوم ليشارك في مؤتمر اللوبي الصهيوني اليميني في الولايات المتحدة «إيباك»، وسيلتقي خلال الزيارة وزيري الخارجية والدفاع، وعددا من أعضاء الكونغرس. وستختتم غدا (الثلاثاء) بلقاء مع أوباما. وفي سبيل هذا اللقاء، ألغى نتنياهو زيارته المقررة إلى بروكسل، للقاء قادة الاتحاد الأوروبي، فهو بحاجة ماسة إلى لقاء أوباما، في سبيل صد الهجمة عليه من خصومه ومن الصحافة الإسرائيلية، لكونه يدمر العلاقات الخارجية لإسرائيل وخصوصا مع الحلفاء في واشنطن.

ولكن في الوقت الذي يظهر فيه نتنياهو الأمل في تجاوز هذه الأزمة مع واشنطن، انفجرت أزمة جديدة مع ألمانيا. فقد تذمرت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من أن نتنياهو سرب إلى الصحافة مضمون حديث هاتفي سري بينهما يتعلق بالبناء الاستيطاني في القدس الشرقية، وقام بتزييف موقفها.

وتفاصيل الحكاية تكمن في أن الإدارة الأميركية كانت اتصلت بميركل، في نهاية الأسبوع قبل الماضي، وأبلغتها بأمر المحادثة القاسية التي أجرتها كلينتون في اليوم نفسه مع نتنياهو. وطلبت من ميركل أن تتصل هي الأخرى بنتنياهو وتفهمه أن الولايات المتحدة ليست وحدها المنزعجة من قرار البناء الاستيطاني في القدس، بل أيضا ألمانيا، التي تعتبر أهم صديق لإسرائيل في أوروبا. وبالفعل، اتصلت ميركل وانتقدت نتنياهو بشدة على القرار، وعلى طريقة إعلانه، وأوضحت له أنها مثل الولايات المتحدة ترى أن هذا المشروع، وليس فقط إعلانه خلال زيارة بايدن، يلحق ضررا بعملية السلام. وقالت إنها معنية ببقاء هذه المحادثة سرية حتى لا تثقل على نتنياهو في إسرائيل والعالم.

وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن نتنياهو سرب أمر هذه المكالمة إلى الصحف، خلافا لما اتفق عليه من أن تبقى سرية، وحرص على تزييف مضمونها، إذ ظهر من طريقة النشر كما لو أن ألمانيا توافق على البناء الإسرائيلي في القدس. ولذلك، قام مكتب ميركل بنشر مضمون المحادثة الحقيقي.

وفي غضون ذلك، قال نتنياهو في جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس: «سنواصل البناء في القدس كما كنا نفعل منذ 42 عاما».ودان صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، تصريحات نتنياهو، واعتبرها تحدٍ سافر للمجتمع الدولي. وقال عريقات لـ«الشرق الأوسط»: «إنه اختار الاستيطان بدل السلام».

وأكد نتنياهو أن سياسة حكومته لم تختلف ولن تتغير عن السياسات التي كانت متبعة في عهد الحكومات السابقة، وقال لوزرائه، «البناء في العاصمة (القدس) مثل البناء في تل أبيب».

وبحسب نتنياهو، فإنه أوضح ذلك في رسالته الخطية لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. وقال: «شرحت ذلك للإدارة الأميركية». وأوضح نتنياهو أنه بادر إلى نقل رسالة خطية إلى كلينتون رغبة منه في منع التأويلات والتفسيرات الخطأ حول موقف حكومته.

واعتبر نتنياهو أنه يمكن لكل طرف (الفلسطينيين والإسرائيليين) في المحادثات غير المباشرة طرح مواقفه في كل المسائل الخلافية. لكنه استدرك قائلا إنه لا يمكن التوصل إلى حل حقيقي للمسائل الجوهرية إلا بالتحاور المباشر.

لكن الرسالة التي اعتبرتها وزارة الخارجية الأميركية إيجابية، لم ترها السلطة كذلك، وقال عريقات: «المطلوب الآن إلغاء القرار الاستيطاني الأخير ببناء 1600 وحدة استيطانية، وعدم تكرار ذلك، هذا ما نريد أن نسمعه من ميتشل، وهذا هو موقفنا».

إلى ذلك، سيلتقي ميتشل، اليوم، الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، وسط غضب فلسطيني.

واعتبرت الرئاسة الفلسطينية، موقف نتنياهو من البناء في القدس الشرقية، أنه «تصعيد مدان ومرفوض». وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة: «هذا حكم بالفشل على كل الجهود المبذولة من الأطراف كافة، خاصة اللجنة الرباعية، والإدارة الأميركية، لتحقيق أي تقدم على صعيد عملية السلام».

وأضاف أن «قرار الاستيطان في القدس العربية هو حكم بالفشل على الجهود الأميركية قبل أن تبدأ وستؤدي إلى تعطيلها».

واعتبر أبو ردينة أن « قرار وزارة الداخلية الإسرائيلية بإقامة 1600 وحدة استيطانية في القدس العربية، خطير، وسيؤدي إلى تعطيل المفاوضات». وأضاف: «أصبح من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد مفاوضات، ولا تريد سلاما».

وقالت الرئاسة: «إن على الإدارة الأميركية الرد على هذا الاستفزاز بإجراءات فاعلة، لأنه لم يعد من الممكن السماح بهذه الاستفزازات، واستمرار هذه الخطوات من دون ضغط أميركي حقيقي وفاعل من خلال اتخاذ موقف يلزم إسرائيل بوقف هذه الأعمال المدمرة لعملية السلام».

وعلى صعيد ذي صلة، ذكرت تقارير بريطانية وإسرائيلية، أنه من المتوقع أن يستغل نتنياهو وباراك زيارتهما إلى واشنطن للضغط على الإدارة الأميركية لتزويد إسرائيل بقنابل معقدة تستخدم لتفجير التحصينات، والخنادق العسكرية، ستحتاج إليها إسرائيل إذا قررت توجيه ضربة محتملة للمنشآت النووية الإيرانية.

وقال موقع «قضايا مركزية» العبري أمس، إن الرئيس أوباما متمسك بموقف الرئيس السابق جورج بوش، الذي رفض تزويد إسرائيل بهذه القنابل.

وأشار الموقع إلى أن الإدارة الأميركية سبق لها أن زودت إسرائيل بمثل هذه القنابل التي استخدمت في الحرب الأخيرة على لبنان، لكن إسرائيل استنفدتها في محاولات فاشلة لاغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله.

ويقول الموقع العبري إن الإدارة الأميركية باتت تفكر جديا في عدم تزويد إسرائيل ببعض أنواع القنابل، وبالذات هذه القنابل الذكية، وكذلك القنابل الفسفورية التي استخدمتها إسرائيل بكثافة في حرب غزة، بعد أن أثار استخدام إسرائيل هذه القنابل احتجاجا دوليا واسعا، وإحراجا لواشنطن، حيث قال تقرير غولدستون إن إسرائيل استخدمت الكثير من القنابل الأميركية ضد المواطنين الأبرياء في حرب غزة.

والسبب الثاني والأهم وفق موقع «قضايا مركزية»، فهو تقديرات وزارة الدفاع الأميركية، التي يعتريها الخوف من استخدام القنابل الذكية من قبل إسرائيل في ضرب المنشآت النووية الإيرانية بشكل مفاجئ، من دون أن تكون الإدارة الأميركية على علم بالأمر.