كرزاي يلتقي وفدا رفيعا من حزب حكمتيار المسلح

يفتح مجالا لإبرام اتفاق سلام منفصل مع جماعة منافسة لطالبان > ممثلو زعيم «الحزب الإسلامي» حملوا معهم خطة سلام مكونة من 15 نقطة

جندي أفغاني يحرس مقر إقامة أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في قندهار، الذي تعرض للتدمير من قبل قوات التحالف بعد سقوط حركة طالبان نهاية عام 2001 (إ.ب.أ)
TT

قال متحدث باسم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس إن الرئيس التقى شخصيا في العاصمة كابل مع وفد رفيع المستوى من الحزب الإسلامي، وهو إحدى جماعات التمرد الرئيسية التي تقاتل حكومته. وعلى الرغم من أن المحادثات مع مبعوثي الحزب الإسلامي تبدو تمهيدية فإنها تعد أول اتصال مباشر مؤكد بين الرئيس الأفغاني وهذا الفصيل، ويمكن أن يفتح مجالا لإبرام اتفاق سلام منفصل مع جماعة منافسة لحركة طالبان.

وقال وحيد عمر المتحدث باسم كرزاي: «أستطيع تأكيد أن وفدا من الحزب الإسلامي موجود في كابل ومعه خطة والتقى بالرئيس كرزاي». وصرح متحدث باسم الحزب الإسلامي بأن هذه هي المرة الأولى التي يوفد فيها الحزب مبعوثين كبارا إلى كابل لإجراء محادثات سلام. وقال هارون زرغون المتحدث باسم قلب الدين حكمتيار زعيم الحزب الهارب: «إن مبعوثي الحزب الإسلامي حملوا معهم إلى كابل خطة سلام مكونة من 15 نقطة، منها المطالبة بانسحاب القوات الأجنبية». ويتشارك الحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار مع طالبان في بعض الأهداف، لكنه قاد تمردا منفصلا، خاصة في شرق أفغانستان وبعض الجيوب في شمال البلاد. وخلال الأشهر القليلة الماضية تقدم مقاتلون من طالبان إلى معاقل تابعة للحزب الإسلامي ودخلوها مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين الفصيلين. ويرأس وفد الحزب الإسلامي إلى كابل قطب الدين هلال، وهو رئيس وزراء سابق ونائب زعيم الحزب، كما يضم الوفد أيضا زرغون، وهو صهر حكمتيار. وقال زرغون لـ«رويترز» من هاتف محمول يحمل رقما من باكستان: «النقطة الأساسية في الخطة هي انسحاب كل القوات الأجنبية اعتبارا من يوليو (تموز) هذا العام على أن يستكمل هذا في ستة أشهر». وأضاف: «الحكومة الحالية والبرلمان سيعملان إلى أن تتشكل حكومة مؤقتة بعد ستة أشهر على أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مارس (آذار) عام 2011». وأوضح أن الخطة تتضمن أيضا تعيين لجنة لإعادة صياغة الدستور الأفغاني. وكثفت الحكومة أخيرا من جهودها لاجتذاب المسلحين من الكوادر الصغيرة والمتوسطة بعيدا عن أرض المعركة في ظل المأزق الذي تعانى منه على الجبهة العسكرية ضد مسلحي طالبان. وتقدم كابل للمسلحين حوافز اقتصادية من أجل إلقاء السلاح، وهذه الخطوة تحظى بدعم المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة الأميركية.

وقال مسؤول أفغاني «لقد التقاهم الرئيس ولكن المباحثات الحقيقة ستجرى بين ممثلي الحزب الإسلامي ومفاوضي الحكومة وهذا ربما يستغرق عدة أيام أو أسابيع».

ويتولى قيادة الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار القائد المسلح المناهض للسوفيات ورئيس الوزراء الأسبق الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عن إدخال البلاد في حرب أهلية دامية بعد سقوط النظام الذي يدعمه السوفيات في كابل عام 1992. وبذلت حكومة كرزاي جهودا مكثفة هذا العام لمد يدها للمتمردين واتصلت بالحزب الإسلامي بشكل غير مباشر في الماضي، وضم كرزاي عضوا سابقا في الحزب كوزير للاقتصاد في أحدث تعديل وزراي قام به في يناير (كانون الثاني) الماضي، ولكن الوفد الموجود هذا الأسبوع أرفع وفد، على ما يبدو، يشارك في محادثات مباشرة. وصرح زرغون بأن وفد الحزب الإسلامي قد يلتقي أيضا مع مسؤولين أميركيين لمناقشة الخطة، لكن المتحدثة باسم السفارة الأميركية في كابل كيتلين هايدن، قالت إن الولايات المتحدة لا تعتزم الاجتماع بأعضاء الوفد. وقالت إن الولايات المتحدة تؤيد جهود الحكومة الأفغانية للاتصال بأعضاء في جماعات التمرد الذين يتوقفون عن مساندة التمرد ويعيشون وفقا للدستور الأفغاني ولا تكون لهم علاقة بطالبان أو أي جماعة إرهابية تتشارك معها في الأهداف. والحزب الإسلامي أحد ثلاث جماعات تعترف بها قوات حلف شمال الأطلسي بوصفها جماعات التمرد الرئيسية ويتزعمه حكمتيار وهو قائد مخضرم للمقاتلين ضد السوفيات وزعيم جماعة في الحرب الأهلية ورئيس وزراء سابق. ويقاتل مقاتلو حكمتيار الإسلاميون قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الحكومية الأفغانية منذ فترة طويلة في الشرق وفي جيوب في الشمال. وأعلنت الجماعة في الماضي عن تقاسمها بعض الأهداف مع طالبان ولكنها ظلت منفصلة عنها، في الوقت الذي حققت فيه طالبان بعض التقدم في الأشهر الأخيرة في مناطق تسيطر عليها. والتزمت واشنطن التي تشارك بأكبر عدد من الجنود في قوات دولية قوامها 120 ألف جندي في أفغانستان الحذر إزاء جهود كرزاي مد يده لكبار زعماء المتمردين. وكان الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة في أفغانستان كاي ايدي قد أكد الأسبوع الماضي أنه أجرى محادثات مع ممثلي طالبان على مدى العام الماضي، وصرح بأن هذه المحادثات توقفت أخيرا بعد أن ألقت باكستان القبض على الرجل الثاني في طالبان الأفغانية عبد الغني بارادار.

من جهة اخرى أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، أهمية المصالحة الداخلية الأفغانية، التي تعتبر المفتاح الرئيسي للاستقرار الدائم في البلاد، وجاء ذلك في بيان صدر على هامش اجتماعات رؤساء الدبلوماسية الأوروبية ناقشوا خلالها الوضع في أفغانستان، واتفق الجميع على ضرورة متابعة تنفيذ مقررات مؤتمر لندن، الذي عقد في 28 يناير (كانون الثاني) هذا العام، خاصة لجهة إنشاء صندوق خاص للسلام وإعادة الاندماج، الذي ستديره السلطات الأفغانية، ورحب الوزراء في هذا الصدد، بنية الحكومة الأفغانية دعوة الجمعية العامة للشعب الأفغاني إلى الانعقاد في ربيع هذا العام، وقال البيان إنها خطوة «تمهد الاتصالات الجارية حاليا بين مختلف الأطراف الأفغانية لإعادة الثقة وإنجاح عملية المصالحة».