جدل حول حظر مهرجان الطائرات الورقية السنوي في لاهور

الحظر وسيلة يستخدمها الأصوليون لمنع الاختلاط وخطوة لضرب السياحة

TT

يكابد المسؤولون داخل هذه العاصمة الثقافية في سعيهم لاحتواء الهجمات الإرهابية المتزايدة. ولكن مع حلول فصل الربيع تمكنوا، على الأقل، من التخلص من تهديد آخر يعتبرونه خطيرا: إنه تهديد الطائرات الورقية. في هذا الوقت من العام تمتلئ أسقف المنازل عادة بأعداد غفيرة تمسك الآلاف من الطائرات الورقية التي تطير في السماء ترحب بالموسم الجديد. ولكن صدر حظر جديد لا يحظى بشعبية يمنع هذا المهرجان الذي يرجع إلى قرون ويطلق عليه مهرجان «بسنت». ويقول مسؤولون محليون، قاموا بحظر اللعب بالطائرات الورقية سوى خلال أسبوعين من العام كحد أقصى قبل بدء حظر اللعب بها تماما، إن الأمر يتعلق بأمان المواطنين. وقد أصبحت الطائرات الورقية، وتحديدا خيوطها الحادة التي تشبه الشفرات، مصدر خطر على المواطنين. ولكن يقول منتقدون إن الحظر وسيلة يستخدمها رجال الدين الأصوليون ذوو النفوذ داخل لاهور والقادة السياسيون الذين يحملون نفسه أفكارهم للقضاء على الحفلات وتناول المسكرات والرقص التي تصاحب مهرجان «بسنت». ويقول يوسف سالي، وهو سياسي سابق ينسب إليه فضل تطوير مهرجان «بسنت» وتحويله إلى نقطة جذب سياحية دولية: «إنها خطوة لمنع الليبرالية من المضي قدما، وهذا أمر خطير للغاية، حيث إن هذه المهرجانات تقف ضد التطرف».

وظهر الجدل حول استخدام الطائرات الورقية في وقت وجه فيه المسلحون الإسلاميون أنظارهم إلى لاهور. وخلال الشهر الحالي، تَمكّن مفجرون انتحاريون من قتل أكثر من 50 شخصا في هذه المدينة. ويقول مناصرون إن مهرجان «بسنت» يضفي إحساسا بالحياة الطبيعية. وتعلو صيحات الابتهاج من جانب الأصدقاء والضيوف بينما يقوم سكان لاهور بقطع خيوط الطائرة المنافسة خلال مناورات رائعة. ويستمتع آخرون بعناصر المتعة التي تغضب رجال الدين.

وفي العالم الحالي، لن يوجد سوى الطيور في سماء لاهور. وتنشر رايات مهرجان «بسنت» في الشوارع الواسعة التي تنتشر فيها الأشجار، وتشير إلى الأنشطة التي لا يزال مسموحا للسكان القيام بها مثل القرع على الطبول. ويخاطر من يمتلك الطائرات الورقية المصنوعة من الورق والخيزران بمحاكمة وقد يتعرض للحبس لمجرد امتلاكها. «كنت أفكر فقط في تدمير هذه الأشياء»، هكذا قال واحد ممن كانوا يلعبون بالطائرات الورقية، شريطة عدم ذكر اسمه خوفا من إلقاء القبض عليه، بعد أن قام بالكشف عن اثنتي عشرة طائرة كانت تحت كوم من المعاطف الموجودة داخل خزانة كبيرة. ويقول المناصرون إن مهرجان «بسنت»، وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الحفلات الخاصة لا مجرد فعالية واحدة منظمة، يمثل فرصة اقتصادية. فعلى مدار الأعوام، كانت تتجه أعداد أكبر من الرحلات الجوية ورحلات القطارات إلى مدينة لاهور لإحضار الآلاف من السياح، وترفع الفنادق من أسعارها، ويقوم السكان المحليون بتأجير أسقف المنازل الخاصة بهم، ويحظى سائقو «التوك توك» والبائعون المتجولون برواج في عملهم خلال هذا المهرجان.

ولكن، يقول مسؤولون إنه تبين خلال الأعوام الأخيرة أن المهرجان به مخاطر. وبدأت تُستخدم خيوط معدنية مضاف إليها مواد معدنية وشظايا زجاج بدلا من الخيوط القطنية. وساعدت الخيوط الجديدة اللاعبين الأقل براعة على تحقيق تفوق في سماء لاهور، ولكن تبين أن ذلك يمثل تهديدا للمتفرجين وراكبي الدرجات البخارية، الذين يمكن أن تصيبهم جراح بسبب وجود خيط مهمَل لطائرة ورقية. وتقول السلطات إن هذه المخاطر، بالإضافة إلى حالات السقوط من أسقف المنازل وحالات وفاة بسبب الإصابة بصدمات كهربية جراء ملامسة هذه الخيوط المعدنية للخطوط الكهربية، تبرر القرار الذي اتخذته الحكومة. وفي عام 2001، مررت حكومة إقليم بنجاب تشريعا يحظر اللعب بالطائرات، وأيدت المحكمة الباكستانية العليا هذا الحكم في 2005.

ويسمح القانون للسلطات المحلية بتعليق هذا الحظر لمدة أسبوعين من كل عام، وهو ما كانت تقوم به خلال الأعوام القليلة الماضية. ومع ذلك، استمرت الخسائر في الحدوث. وفي الفترة من 2006 حتى 2006، مات 18 شخصا وجُرح 24 آخرون في حوادث مرتبطة بالطائرات الورقية، حسبما أفاد تقرير حكومي. ولذا، حظرت الحكومة المهرجان بالكلية خلال العام الحالي، وقامت بسجن أمين رابطة محلية للطائرات الورقية عندما قدم طلب رسمي لتعليق الحظر. ويقول الشيخ سليم، الذي أطلق سراحه بعد يومين من السجن: «لسنا إرهابيين، ولكننا نريد فقط أن نحتفل بمهرجان (بسنت)»، وقال إن نحو 1200 من مصنعي وبائعي الطائرات الورقية ومَن يلعبون بها ألقي القبض علهم خلال مداهمات نفذتها وحدات مراقبة الطائرات الورقية الحكومية. ويقول السيناتور برويز رشيد، وهو متحدث باسم الحكومة يصف نفسه بأنه من المتحمسين للطائرات الورقية، إن الحظر سوف يُرفع «في دقيقة واحدة» إذا تمكن اللاعبون بالطائرات الورقية من تقديم ضمان بأنه لن يُستخدم سوى خيوط آمنة. وأضاف رشيد: «من واجب الحكومة أن تحمي أرواح مواطنيها». ولكن يقول مسؤولون حكوميون آخرون إن الحظر له دواع أخرى غير الرغبة في المحافظة على أمن المواطنين. وقال سجاد بوتو، وهو ضابط بارز داخل مدينة لاهور، إن مهرجان «بسنت» يتضمن حفلات غير أخلاقية، وهو ما لا يمكن التغاضي عنه داخل مجتمع مسلم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»