جنوب أفريقيا تخشى عودة الاضطرابات بعد مقتل زعيم يميني متطرف

اتهام 2 من الخدم بقتل بطل هيمنة البيض السابق.. وزوما يدعو للهدوء

أتباع ليوجين تير بلانش يتجمعون بعد مقتله في فنترسدورب غربي جوهانسبرغ أمس (أ.ب)
TT

دعا رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إلى التزام الهدوء، أمس، بعد مقتل الزعيم اليميني المتطرف للبيض يوجين تير بلانش، مما أثار مخاوف من تصاعد التوتر العنصري. واحتجزت الشرطة عاملين أسودين يعملان لديه، وتعتقد أن تير بلانش قتل بسبب عدم دفعه أجريهما، لكن حزبه «حركة المقاومة الأفريكانية» قال إنه ضرب حتى الموت في هجوم له دوافع سياسية واضحة.

ووصف زوما، الذي يحرص على التقرب إلى البيض، الحادث بأنه «مروع»، وحث مواطني جنوب أفريقيا على عدم «السماح لعملاء يقومون بأعمال استفزازية باستغلال الوضع من خلال التحريض على الكراهية العنصرية أو إذكائها».

وأعلنت الناطقة باسم الشرطة أديل مايبور لوكالة «سابا برس» أنه عثر على يوجين تير بلانش (69 سنة) قتيلا في فراشه السبت قبل غروب الشمس و«على رأسه ووجهه جروح».

وتحدثت عن اعتقال اثنين من عماله (15 عاما و21 عاما) وتوجيه تهمة القتل إليهما، فيما يتوقع أن يكونا تخاصما مع رب العمل لأنه لم يدفع لهما أجرا. ووقعت الجريمة في فنترسدورب (شمال غرب) بمزرعة الناشط السابق، الذي لم يكن يغادرها إلا نادرا.

ودعا وزير الشرطة ناثي مثيثوا، أمس، السكان من الأعراق كافة إلى «عدم تأجيج العنف». وصرح مثيثوا للصحافيين في قرية فنترسدورب، حيث قتل تير بلانش «ندعو كافة الجنوب أفريقيين على اختلافاتهم العرقية والسياسية إلى الامتناع عن أي تصريح» غير مناسب. وتابع الوزير عقب زيارة إلى عائلة الضحية: «هناك انفعال كبير قد يتفاقم»، مضيفا: «دعوا الشرطة تقوم بعملها». وزادت مخاوف من تصاعد الاستقطاب العنصري بعد أن أنشد زعيم رابطة الشبان لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم أغنية من حقبة الفصل العنصري تقول: «اقتلوا البوير». وسارعت حركة المقاومة الأفريكانية بالربط بين هذه الأغنية ومقتل تير بلانش، الذي كان يصف نفسه دائما بأنه من البوير. والبوير جماعة عرقية منحدرة بشكل أساسي من شمال غرب أوروبا ولا سيما هولندا وفرنسا وألمانيا وتتحدث الأفريكانية، وهي لغة قريبة من الهولندية.

وقال أندري فيساجي، المتحدث باسم الحركة: «ندعو أنصار حركة المقاومة الأفريكانية إلى التحلي بالهدوء في الوقت الراهن حتى يمكننا أن نكمل الجنازة»، مضيفا أن الخطوات التالية ستحدد خلال اجتماع للحزب يعقد في مايو (أيار) المقبل. ومضى يقول: «سنتخذ قرارا بشأن التصرف، الذي سنقوم به انتقاما لمقتل السيد تير بلانش».

وكان يوجين تير بلانش طيلة أكثر من عشرين سنة قائد الكفاح من أجل هيمنة الأفريكانر، المتحدرين من المستوطنين الهولنديين والهوغونوت الفرنسيين في جنوب أفريقيا، الذين كان يطالب بحقهم في تقرير مصيرهم. وفي 1973، أسس الرجل الذي كان شرطيا «حركة المقاومة الأفريكانية». وكانت الحركة، التي انتقدت نظام الفصل العنصري معتبرة أنه يبالغ في تقديم التنازلات للسود، تعارض الديمقراطية البرلمانية وعرفت باستعراضاتها على متن الخيول باللباس شبه العسكري وشعارها الذي يشبه الصليب المعقوف النازي.

وبعد اعتقاله مرارا سجن تير بلانش لحيازته أسلحة، وفي 1983 اعتقل عناصر من حركته 15 سنة بتهمة التآمر على الحكومة. وفي مطلع التسعينات، كانت الاستعراضات شبه العسكرية التي تنظمها حركته تعد آلاف الأشخاص، وفي حين كانت جنوب أفريقيا تتجه إلى الديمقراطية ارتكبت حركته اعتداءات من حين لآخر. وعشية أول انتخابات متعددة الأعراق سنة 1994، ارتكبت الحركة سلسلة من الاعتداءات بالقنابل قبل تهميشها تدريجيا.

وانتهى الأمر سنة 2001 بزعيمها الشرس، الذي كان يظهر دائما على صهوة حصان، في السجن لإدانته بمحاولة القتل بعد أن انهال ضربا بقضيب حديدي على حارس أسود مسببا له إصابات دائمة في الدماغ. وأفرج عنه بشروط في 2005 لحسن سلوكه.

ومن حينها، اعتمد تير بلانش الاعتدال على غرار حركته، بينما استقرت جنوب أفريقيا في الديمقراطية متعددة الأعراق. لكن الرجل ما زال يعتبر رمزا ولا يستبعد أن يستغل المتطرفون اغتياله وسط أوضاع اجتماعية تزداد توترا كلما اتسعت هوة اللامساواة على حساب السود.