الحريري يعلن لقاء قريبا بالأسد: سنطلق عملية ترسيم الحدود بين لبنان وسورية

قال من إسبانيا: في كل يوم تضيع منا فرصة إحراز تقدم تجاه تحقيق سلام عادل

TT

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، أنه «سيزور سورية قريبا للقاء الرئيس بشار السوري بشار الأسد، والبحث مع المسؤولين السوريين في مجالات التعاون، وفي مجالات التجارة والبيئة والتعليم والمصارف، كما سيصار إلى توقيع اتفاقيات بهذا المجال»، لافتا إلى أن «البحث سيتناول عملية ترسيم الحدود بين البلدين».

وإذ شدد الحريري في تصريحات أدلى بها خلال زيارته الرسمية إلى إسبانيا على العلاقات التاريخية بين لبنان وسورية، اعتبر أن «الذهاب إلى سورية كان خطوة كبيرة، وهناك تواصل ومتابعة لتعزيز هذه العلاقات التي مرت بمحطات صعبة خلال السنوات الخمس الماضية»، مشيرا إلى أن «لقاءه بالأسد تناول المواضيع كلها، وأن الرئيس الأسد أظهر الكثير من الإيجابية خلال المحادثات».

وكان منتدى «نويفا إيكونوميا» الإسباني أقام أمس إفطارا على شرف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في فندق ريتز، حضره وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، وعدد من السياسيين الإسبان وأعضاء الوفد الرسمي اللبناني وعدد من رجال الأعمال الإسبان، ووفد رجال الأعمال اللبنانيين المرافقين للرئيس الحريري وممثلون عن وسائل الإعلام الإسبانية.

وأشاد موراتينوس بالحريري، قائلا: «أعرف شخصيا الشجاعة التي تتمتعون بها، كما والدك الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي كان رجلا شجاعا وحكيما أيضا، ويسدي إلينا النصح في المسائل الحساسة والدقيقة وخلال الأزمات، وكان يقول لي إنه عليّ أن أتحلى بالصبر فيما يخص الشرق الأوسط، وأن أتقدم بروية لأن الجروح والذكريات التاريخية الموجودة في هذا الجزء من العالم لا تزال عميقة، لكنه كان ملتزما بتعزيز علاقات جيدة مع الأطراف المعنيين والمؤثرين في المنطقة، وبنائها». مبديا ترحيبه بـ«بوصول رجل السياسة الجديد هذا على المسرحين اللبناني والدولي». وقال: «لقد استطاع الرئيس سعد الحريري، وفي ظل ظروف صعبة جدا، تحقيق المصالحة بين مختلف الأطراف في لبنان، ونحن نحاول جميعا الإسهام في تعبيد الطريق وتسهيل الأمور ولو قليلا أمامه. إن سعد الحريري ينتمي إلى هذا الجيل الجديد من السياسيين في الشرق الأوسط، وهو يسعى للتوصل إلى السلام في الشرق الأوسط. نحن مقتنعون بأن عمله أساسي، وبأنه يقوم بكل ما في وسعه لتحقيق هذا السلام».

أما الحريري، فقد رأى من الواضح أن ازدياد الأسلحة النووية والتطرف تهديدان عالميان. معتبرا أن السبب الأساسي وراء هذين التهديدين الفشل المستمر في إنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي والظلم الكبير الذي لحق بالشعب الفلسطيني على مدى 3 أجيال. والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على مدى العقدين الأخيرين لم تُظهر أنها مهتمة بتحقيق سلام عادل وشامل مع العالم العربي. وإضافة إلى ذلك، في الوقت الذي قامت فيه 50 دولة إسلامية وأكثر من 1.3 مليار عربي ومسلم بتقديم عرض حقيقي للسلام لإسرائيل من خلال الموافقة على مبادرة السلام العربية سنة 2002، استمر الإسرائيليون بتجاهلها. والآن، وبعد 8 سنوات على إطلاق هذه المبادرة، لم نلق شيئا غير الرفض». محذرا من أنه «في كل يوم تضيع منا فرصة إحراز تقدم تجاه تحقيق سلام عادل يعطي الفلسطينيين حق العودة إلى دولة خاصة بهم، عاصمتها القدس، فإننا بذلك نغذي قيام متطرفين جدد». وقال: «لقد كان لبنان ضحية مباشرة لهذا التطرف، بما فيه الحروب والاغتيالات والإرهاب من تنظيم القاعدة والتابعين له».

ورأى أن «الفشل في تحريك عملية السلام هو قنبلة موقوتة.. قنبلة دمار شامل بنسب متزايدة. إنه أكثر خطورة من تخصيب اليورانيوم. بالفعل، إن النجاح في التعامل مع التطور النووي في الشرق الأوسط يعتمد إلى حدّ كبير على النجاح في تحقيق سلام شامل وعادل للفلسطينيين».

وأشار الحريري إلى أنه «للمرة الأولى نرى أن الإدارة الأميركية تنظر بعناية إلى النزاع، وقد قام الرئيس باراك أوباما منذ اليوم الأول على توليه مهامه بتعيين السيناتور جورج ميتشل مبعوثا خاصا للشرق الأوسط لعملية السلام، وأعتقد أن ذلك يشكل إشارة واضحة إلى جدية أميركا بأن هذه الإدارة ملتزمة فعلا بعملية السلام».

وسئل الحريري عن تحذير وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، من أن يؤدي النزاع مع إسرائيل إلى نشوب حرب، ومدى إمكان تأثر لبنان بها، فأجاب: «بداية، أود أن أقول إن وزير الخارجية السوري لم يخرج ولم يدل بهذا التصريح من دون سبب، إذ إن ما حصل هو أنه كانت هناك سلسلة تهديدات إسرائيلية ضد لبنان وسورية والمنطقة، وبأن إسرائيل ستشن حربا ضد لبنان وسورية وإيران وغيرها، ولم نسمع في أي من التصريحات الإسرائيلية كلاما عن السلام، وهذا ما دفع بوزير الخارجية السوري إلى الرد بشكل قاطع وواضح بأنه في حال هوجمت سورية فإنها سترد. وأعتقد أن أي بلد في حال تم تهديده سيرد بالطريقة نفسها. فإذا تم تهديد إسبانيا أو أي بلد أوروبي آخر فسوف يأتي الرد بالطريقة نفسها». واعترف الحريري بأن «العلاقة بين لبنان وسورية كانت صعبة جدا خلال السنوات الخمس الماضية»، وقال: «عندما أصبحت رئيسا للحكومة ذهبت إلى سورية، التقيت الرئيس بشار الأسد، وأجرينا محادثات مطولة حول العلاقة بين البلدين، كانت صريحة جدا، ونعمل على بناء علاقة جديدة، ونحن ننظر إلى الجانب الإيجابي للأمور. وأعتقد أنه لدفع هذه العلاقة قدما فإننا في حاجة دائما إلى التعاطي مع هذه العلاقة بعيدا عن الإعلام، لأنه في رأيي هناك الكثير من المسائل الحساسة والمهمة جدا بين البلدين، وأعتقد أن المسائل المشتركة التي نتفق حولها هي أكثر بكثير من تلك التي نتباين بشأنها. لذا، فعلينا التركيز على ما يوجد بيننا من مسائل مشتركة، وليس على ما نتباين حوله، وأن نقوم بحل الأمور التي نتباين حولها بشكل هادئ ومن خلال نقاشات حكيمة بيننا وبين السوريين». وأضاف: «لقد أظهر الرئيس الأسد إيجابية كبيرة جدا خلال المحادثات، وسأزور سورية مجددا قريبا جدا للتوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين في إطار التجارة والاقتصاد والصناعة والنقل والبيئة والتعليم والقطاع المصرفي وغيرها من القطاعات. إضافة إلى ذلك، سنطلق عملية ترسيم وتحديد الحدود بين لبنان وسورية.