الأزمة المالية تدفع حكومة حماس في غزة لمضاعفة الضرائب على البضائع المهربة

مصادر في القطاع تقول إن الحركة غير متأثرة من أزمة وزارة هنية

TT

أصبحت الأزمة المالية التي تعاني منها حكومة حماس في قطاع غزة، بادية للمواطن العادي في القطاع المحاصر منذ نحو 3 سنوات. فللشهر الثالث على التوالي تتأخر الحكومة في دفع مستحقات موظفيها، ممن تزيد رواتبهم عن ألفي شيكل. وتثير الأزمة المالية للحكومة مخاوف لدى الموظفين والمواطنين.

وأوضحت مصادر في غزة لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم تشديد الرقابة على الأنفاق والبنوك، فإن حركة حماس نفسها لا تعاني من نفس الأزمة المالية التي تعيشها الحكومة، بل أضافت أن الحركة في وضع مالي جيد، وأن عناصرها، خاصة العسكريين، يتلقون رواتبهم بانتظام.

وأقر مسؤولون في وزارة المالية في حكومة حماس في وقت سابق بأن تشديد الرقابة على الأموال المنقولة باليد عبر الحدود، وكذلك الأموال التي يتم تحويلها عبر البنوك، وبناء الجدار الفولاذي على طول الحدود المصرية، ورفض كثير من البنوك التعامل مع الحركة، جعل امتلاك السيولة مسألة معقدة.

وإحدى أهم مشكلات الحكومة أنها لا تستطيع استخدام البنوك في الحصول على أموال ومساعدات من الخارج، أو حتى في دفع رواتب موظفيها. وأنشأت الحركة مصرفا خاصا لدفع الرواتب، لكنه غير معترف به، وهو ما حوله إلى مجرد محل صرافة كبير.

وأثارت الأزمة كذلك مخاوف المواطنين من أن تلجأ حماس للتضييق عليهم، وذلك برفع الضرائب بشكل غير مسبوق، كما فعلت بالنسبة للمواد المهربة، لا سيما الوقود والسيارات التي ارتفعت ضرائبها على نحو مضاعف وكذلك على أصحاب أنفاق التهريب.

وليس هذا فحسب بل إن حكومة حماس فرضت ضرائب كانت في طي النسيان في الماضي، على شركات ومحطات بنزين وقاعات أفراح، وحتى راكبي الدراجات النارية الذين صار عليهم أن يدفعوا ترخيصا للحكومة.

وجاءت الخطوات الحكومية في محاولة لجني مزيد من الأموال لخزينة الحكومة لتغطية تكاليف موظفيها الذين وصل عددهم منذ سيطرتها على قطاع غزة في يونيو (حزيران) 2007 إلى نحو 33 ألف موظف، التي تزيد عن 16 مليون دولار، بعد أن قطعت الحكومة الفلسطينية في رام الله رواتبهم. وفوق كل ذلك الاحتياجات التشغيلية لهذه الوزارات والقوى الأمنية الأخرى.

وأوضحت مصادر في حماس أن الحكومة بدأت تتقصى أيضا عن أولئك الذي يحصلون على راتبين، (من حماس ومن الحكومة) وأغلب هؤلاء ينتمون لكتائب عز الدين القسام - الجناح العسكري لحماس، وخيرتهم بينهما.

ونسبت صحيفة «الغارديان» البريطانية إلى مأمون الخزندار، الذي يدير محطات للبنزين ومستورد رئيسي للوقود قوله «إن هناك القليل من الاحتجاجات من المستهلكين الذين يشترون البنزين المصري المدعوم بخمس ثمن البنزين المستورد من إسرائيل». وأضاف أن «حماس لا تريد أن تغضب الناس لكنها تتحرك ببطء في هذه المسألة. واليوم تصل الضريبة إلى ثلث شيكل وسترتفع تدريجيا بنسب قليلة إلى أن تنفجر الاحتجاجات في الشوارع». وتابع القول إنه «وبسبب الأزمة المالية فإنها ستحصل على المال من أي جهة وستفرض الضريبة على الجميع».

وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم بدأوا يحصلون على اغورتين (الشيكل 10 اغورات) على كل لتر بنزين، ويأخذون مقابل كل عرس يقام في قاعة أفراح، ومقابل منح رخص مزاولة المهنة. ورغم أن هذا قد يبدو منطقيا حتى في الضفة الغربية، لكن المواطنين في غزة يقولون إنهم لا يعيشون ظروفا عادية بسبب الحصار حتى يطلب منهم أن يدفعوا كل ذلك».

يذكر أن شرطة الحكومة المقالة داهمت في مارس (آذار) الماضي، بنك فلسطين للحصول على 800 ألف دولار لإحدى الجمعيات الخيرية التي كانت تديرها حركة فتح سابقا. واعتبرت فتح ذلك سطوا وسرقة لأموال تخص العاملين والمتقاعدين في الجمعية التي سيطرت عليها حماس.

ويكاد يكون القطاع الاقتصادي منهارا في غزة، وارتفعت نسبة البطالة هناك إلى أكثر من النصف، وهذا أدى، بحسب حقوقيين، إلى تفشي ظواهر غريبة لها علاقة بالعنف والتطرف وزيادة حالات الطلاق.

وكانت الحكومة المقالة في غزة قد أقرت مطلع العام الحالي موازنة مالية بقيمة 540 مليون دولار، بينها 30 مليون دولار لدعم القدس. وعلى الرغم من أن حكومة حماس تعتمد على مدخولات من الضرائب والقطاع الزراعي، فإن الدعم الأكبر يأتي من الخارج. وتقول السلطة إن دولا مثل إيران تعتبر الداعم الأكبر لحماس، كما تتلقى الحركة دعما من حركة الإخوان المسلمين، التي تعتبر حماس الابن المدلل لها، ومؤسسات دينية كبيرة ورجال أعمال وجمعيات خيرية.