قصة طالب طب أسنان انتهى أمره في طابور الجهاديين

ترك منحة جامعية كاملة بأميركا وانضم إلى صفوف الأصوليين.. واعتقل في باكستان مع زملائه الأميركيين الأربعة

رامي زمزم مع والديه عقب حصوله على منحة جامعية لدراسة طب الأسنان («نيويورك تايمز»)
TT

بدا رامي زمزم (22 عاما) الطالب بالسنة الأولى بكلية طب الأسنان في جامعة هاوارد، في الصورة التي التقطت له في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فخورا وهو يرتدي المعطف الأبيض، ومحاطا بعائلته.

لكن بعد أسابيع قليلة، من التقاط هذه الصورة اختفى هو وأربعة من أصدقائه الأميركيين ليعاودوا الظهور في باكستان متهمين من قبل رجال الأمن الأميركيين والباكستانيين بالتدبير لشن عملية جهادية ضد القوات الأميركية في أفغانستان.

وفي وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن تحول الشباب المسلم في الولايات المتحدة إلى طوابير المتطرفين، تبدو قصة رامي زمزم محيرة بعض الشيء ومأساة بالنسبة على والديه اللذين يعرفان بالالتزام بالقانون واللذين يعيشان في ضواحي فيرجينيا في واشنطن.

وخلال المقابلة التي جرت يوم الجمعة الماضي، حيث تستأنف محاكمة رامي في باكستان، قالت والدته، آمال خليفة، خلال الزيارة المحزنة التي قامت بها هي وزوجها أوائل هذا الشهر إلى أكبر أبنائها الثلاثة في باكستان. إن ابنها الذي كان متعدد النشاطات، كطالب متفوق ومتطوع مجتمعي خلال المدرسة الثانوية والجامعة حطمته أشهر السجن الأربعة. مضيفة، وقد أجهشت بالبكاء: «بكى وتعلق بي. وعندما رأيت حالته تلك، انفطر قلبي حزنا عليه». ووفق الرواية التي ساقتها الوالدة، خلال المقابلة التي أجريت في مكتب مجلس العلاقات الإسلامية في واشنطن، فقد سأل رامي عن أخويه ونفى تماما وجود أي نوايا لديه للانخراط في صفوف تنظيمات إرهابية. وقال: «أمي، أنا أحب بلدي، أنا أريد أن أعود إلى بلدي ولماذا يفعل الباكستانيون هذا بنا؟!». ووجهت السلطات الباكستانية ضد رامي وأصدقائه الأربعة، وجميعهم مواطنون أميركيون - أحمد عبد الله المني، وأمان حسن يمير، ووقار خان، وعمر فاروق - اتهامات بالإرهاب وزعمت سعي الطلبة الأميركيين إلى الاتصال بالجماعة الإرهابية والتآمر لشن هجمات ضد أهداف باكستانية. وقد أنكر الطلبة هذه الاتهامات.

بدأت المحاكمة رسميا يوم السبت في سجن بمدينة سارغوذا الباكستانية بشهادة لمسؤولي الشرطة وتقدمه بخرائط يزعم أن الرجال كانوا يحملونها عندما ألقي القبض عليهم وعدد من رسائل البريد الإلكتروني المطبوعة. وقال حسان كاتشيلا، محامي الأميركيين الخمسة: «إن موكليه كانوا في حالة طيبة خلال الجلسة. وستعقد الجلسة التالية لمحاكمتهم في 27 أبريل (نيسان) الجاري».

من جانبهم أشار مسؤولو إنفاذ القانون الأميركيون إلى وجود أدلة تؤكد تحول هؤلاء الشباب إلى التيار الأصولي وتخطيطهم لتنفيذ أعمال عنف. وأوضح الأدلة على ذلك الشريط الذي خلفه رامي الذي يبدو أنه يعكس خططه للانضمام إلى الجهاديين.

وقد رفضت والدة رامي الحديث بشأن الفيديو الذي تركه رامي مع أحد أصدقائه في فيرجينيا خلال جولة بالسيارة. وأشارت إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي طلب منها عدم الحديث بشأن محتوى الفيديو مع وسائل الإعلام.

وقالت الأم إن رامي أخبرهم أنه وزملاءه الأربعة اختفوا بعد يومين من عيد الشكر للسفر إلى باكستان لحضور حفل زفاف عمر فاروق، وأنهم اختاروا عدم إعلام ذويهم بالأمر لأنهم يخشون منعهم من القيام برحلة مكلفة كهذه إلى أراضي خطرة. وبعد وصولهم إلى هناك هاجم عدد من الرجال، يرتدون زيا مدنيا، المنزل الذي يقطنون فيه واقتادوهم إلى مكان غير معروف حيث تم احتجازهم 36 ساعة من دون طعام أو شراب وتعرضوا للضرب بصورة متواصلة من قبل المحققين الذين طالبوهم بالاعتراف أنهم إرهابيون.

لكن المسؤولين الباكستانيين نفوا إساءة معاملة الأميركيين، وقصة الزفاف التي أتوا لحضورها. وكانت عائلة زمزم قد هاجرت من مصر عام 1990، عندما كان رامي يبلغ من العمر عامين، عقب حصول الأب على حق الإقامة، فيما يسمى يناصيب البطاقة الخضراء التي تنظمها الولايات المتحدة، حيث عملت والدته موظفة في البحرية ثم موظفة استقبال في مبنى في واشنطن، وقالت إن والده عمل في مكتب المساعدات المالية في جامعة هاوارد ثم موظف استقبال في المبنى نفسه الذي تعمل به. وقالت إنها وأولادها كانوا يعيشون حياة طبيعية كأي مواطن «فكانوا يطلبون البيتزا ويلعبون ألعاب الفيديو وكرة السلة». وقالت إن رامي حصل على منحة كاملة لدراسة طب الأسنان في جامعة هاوارد في واشنطن، وكان يدرس ليل نهار خلال السنة التمهيدية من أجل اجتياز اختبار القبول في الالتحاق بكلية طب الأسنان. ونادرا ما كان يحضر إلى البيت خلال الفصل الدراسي الأول في كلية طب الأسنان في جامعة هاوارد الخريف الماضي، لكنه لم يبد عليه أي تغيير وكان مرحا كعادته عندما حضر إلى المنزل في أسبوع عيد الشكر.

وقالت الأم: «طهوت طعاما أميركيا 100 في المائة في عيد الشكر، من الديك الرومي والبطاطس المهروسة والذرة».

في اليوم التالي قال لي إنه سيتوجه لحضور مؤتمر طبي في بالتيمور وإنه في حاجة إلى بعض من ملابسه وحقيبة، لكنها لم تسأله عن طبيعة المؤتمر. في مساء يوم الأحد زارهم شقيق أحمد المني الأصغر وقال لهم إن الشباب الخمسة اختفوا. لم تصدق آمال الأمر واتصلوا بهاتف رامي الجوال الذي رد عليهم وطالبهم بعدم القلق وأنه سيعود إلى المنزل قريبا.

في الثانية صباحا، حضر والد أحمد المني وأخوه وصديقان له إلى منزل عائلة زمزم وقالوا لآمال وزوجها إن الطلاب الخمسة في باكستان. لم تذق الأم طعم الراحة طيلة الشهور الأربعة الماضية.

* «نيويورك تايمز»

* أسهم وقار جيلاني في الإعداد لهذا التقرير من لاهور