موسى: لم نهدد بشيء وسحب المبادرة العربية غير مطروح

قال في حوار مع «الشرق الأوسط»: لم أخترع أفكارا في مبادرة رابطة الجوار.. وهناك تحفظات على إيران

عمرو موسى (إ.ب.أ)
TT

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن العرب يمتلكون رؤية واضحة لكيفية إحراز التقدم المطلوب في عملية السلام، وتابع قائلا: إن سحب المبادرة العربية للسلام أو التهديد بسحبها «غير مطروح»، حيث لم يطلب أحد من العرب ذلك، لكن تُسْأل إسرائيل عن رفضها لتلك المبادرة.

وأشار موسى في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى المواقف الإيجابية الأميركية التي تدور حول وقف الاستيطان واستئناف المفاوضات، وقال معلقا: سننظر حتى بداية الموسم السياسي الجديد لنرى تقدما عبر جهد أميركي وتجاوب إسرائيلي أو الإعلان عن فشل تام، كما تحدث عن فحوى اللقاء مع خالد مشعل وصائب عريقات حول المصالحة الفلسطينية وكذلك الهدف من طرح مبادرته: رابطة الجوار العربي.. وفيما يلي نص الحوار:

* ماذا قدمت الولايات المتحدة بعد المهلة التي أعطاها الجانب العربي (120 يوما) لإحراز تقدم على طريق السلام عن طريق المفاوضات غير المباشرة والتي تبحث في مضمون الحل النهائي وليس مجرد شكليات؟

- حدثت مشاورات خلال الوجود العربي المشارك في مؤتمر الأمان النووي الذي انعقد في واشنطن، وكان على رأسها اتصالات العاهل الأردني الملك عبد الله مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ومع الإدارة الأميركية على أعلى مستوياتها. وواضح أن الولايات المتحدة تدرس عددا من الأفكار أو عددا من أساليب الحركة، ونحن ما زلنا على موقفنا أن المفاوضات غير المباشرة كان يمكن أن تبدأ طبقا للقرار العربي في أوائل مارس (آذار) الماضي طالما أن هناك تأكيدات بوقف الحركة الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، وعندما ظهر التحدي الإسرائيلي لأميركا عندما واجهوا ميتشل بقرار بناء 112 وحدة استيطانية في الضفة الغربية. وفي زيارة نائب الرئيس بايدن كان قرار بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية وهو الأمر الذي أظهر عدم وجود تحرك إيجابي في الموقف الإسرائيلي، ومن ثم وصلنا اليوم إلى شلل في الحركة وجمود لإعادة نوع من الاتصال والتفاوض بشكل غير مباشر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهذا حدث بسبب تحدي إسرائيلي، وهذا أولا، وثانيا لا تزال هناك جهود أميركية ونحن ننتظر نتائج هذه الجهود ولا ننكر على أميركا أنه حدث تطور إيجابي في موقفها الذي يجمع ما بين وقف الاستيطان واستئناف المفاوضات ودعم الإصلاح الفلسطيني في الضفة الغربية وتراجع الحصار الإسرائيلي حول القدس، وكلها نقاط إيجابية وما زال الموقف الأميركي يدور حول هذه النقاط، وهي شيء إيجابي لو نجحت الولايات في تحقيقها وهو الأمر الذي يعطى لجهود السلام دفعة قوية للسلام، وفى غيبة هذه الجهود يعود الأمر إلى مرحلة الشلل ومرحلة انعدام الثقة، ويؤدى إلى القلق والاضطراب السياسي في عملية السلام.

* ألا ترى أن مهلة الـ120 يوما، التي أعطاها الجانب العربي لواشنطن للتفاوض غير المباشر بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لم تبدأ حتى الآن وتستهلك في جدل إسرائيلي وممارسات عقيمة؟

ـ تستهلك أو لا تستهلك.. تستطيع الولايات المتحدة الاستفادة منها بتكثيف جهدها للوصول إلى درجة مطمئنة في ما يتعلق بمفهوم المفاوضات ونتائجها، ونحن لا نعارض ذلك، بل بالعكس نحاول ندعم جهود أميركا تجاه السلام، إنما هناك موعد تقريبي، واضح جدا أن بداية الموسم السياسي الجديد في شهر سبتمبر (أيلول) قد يحدث شيء، وإذا لم يحدث فلا بد أن يأخذ العرب موقفا إزاء هذا الموضوع، لأن الأمر لم يصبح مجرد شلل وإنما فشل جهود السلام، وسيكون هناك إعلان فشل واضح، ولذا نحن نأمل أنه عندما نصل إلى شهر سبتمبر يكون هناك نجاح تأتي به الولايات المتحدة.

* كيف ترى الخطوة التي يدور حولها الحديث من استعداد السلطة الفلسطينية لتسلم أبو ديس.. المنطقة القريبة من القدس في إطار خطة أميركية لنقل المزيد من المناطق إلى السلطة؟ - سمعنا هذا الكلام كثيرا في هذا الإطار ودعونا نرى ماذا يحدث على الأرض، لأن كل المؤشرات والممارسات الإسرائيلية لا تشير أبدا إلى أي خطوة إيجابية، وكل تطور نناقشه مع السلطة الفلسطينية.

* إذن، ستناقش لجنة متابعة مبادرة السلام العربية هذا الموضوع بعد شهرين.. أي تطور إيجابي؟ ـ في أي لحظة طبقا للاحتياج.

* إلى متى ينتظر الجانب العربي الرد الأميركي لمناقشته في لجنة المبادرة كما أعلن؟ ـ نحن في انتظار الجهد الأميركي وليس الرد.

* هل نحن في انتظار المبادرة الأميركية التي تصحح مسار السلام؟ ـ سوف ننتظر الموقف الأميركي خلال المهلة التي حددها الجانب العربي 120 يوما.

* هل يهدد الجانب العربي بسحب المبادرة، كما ذكرت هيلاري كلينتون، أم ستظل مرجعا لسلام منتظر مع إسرائيل؟

ـ نحن لا نهدد بشيء الآن وننتظر نتائج الجهود الأميركية، ولم نهدد بسحب المبادرة لأنها عبارة عن موقف وهو الموقف الذي طرحه العرب. وبدلا من أن يطلَب من العرب أو يثار الحديث عن سحب أو عدم سحب، يجب أن تُسأل إسرائيل لماذا لم ترد على هذه المبادرة، ونحن لم نقرر سحب هذه المبادرة ولم تطلب أي دولة عربية رسميا سحب المبادرة العربية للسلام، وهذا كلام عام يتردد، وإنما في الحقيقة إذا كان هناك من يريد أن يسألنا عن وضع المبادرة فيجب أن يسأل إسرائيل عن وضع رد فعلها للمبادرة، وما أريد قوله هو أن الضغط على الجانب العربي لاتخاذ خطوات أصبح غير ذي موضوع وغير ممكن إلا في ضوء اتخاذ إسرائيل خطوات أخرى، أي خطوة مقابل خطوة، ومع ذلك لم يحدث أن طلبت أي دولة عربية حتى تاريخه سحب المبادرة العربية، والأمر غير مطروح في الوقت الحالي، وأن علامة الاستفهام على الموقف الإسرائيلي من هذه المبادرة والتي لم تجب عليها بل رفضتها ولا تريد أن تتعامل معها، إذن لا يمكن أن يطلب من العرب شيئا على الإطلاق في ضوء التعنت الإسرائيلي الكامل والموقف السلبي الواضح، ولن نعود ولا يصح أن نعود مرة أخرى للضغط على الجانب العربي، لأنه وصل إلى منتهاه.

* استقبلت صائب عريقات، هل من جديد في إطار المفاوضات أو المصالحة الفلسطينية؟

ـ التقيت صائب عريقات والتقيت خالد مشعل منذ أيام عندما كنت في سورية، ونتحدث في إطار الجو العام للمصالحة وهناك إدراك من الاثنين.. فتح وحماس لديهما الشعور بأن المصالحة مسألة ضرورية وأساسية. وأنا أكدت في كلامي معهما أن أي إصرار على هذه الفقرة وتلك الكلمة وهذه العبارة كل هذا كلام لن يقف أمامه أحد لا في التاريخ السياسي ولا حتى في تاريخ هذه المنظمات، لا أحد يهتم بهذا الكلام وسوف ننتظر والناس كلها لترى أن الفلسطينيين كانوا على مستوى التحدي الذي أمامهم أم لا؟.. تحد لمستقبلهم ووجودهم وكيانهم، ولا أحد يأتي ليقول إن اللجنة لم تشكل، هذا كلام أقل من مستوى الحدث والتحدي معا وكلنا نرجو أن ينتهي هذا الموضوع على خير وتتم المصالحة، وتقلب هذه الصفحة السوداء في تاريخ فلسطين.

* هل لمست استعدادا جديدا لتحديد مواعيد لإتمام المصالحة؟ ـ لا تنس أن فتح وقعت على اتفاق المصالحة وهنا أقول (عَدَّاهُمْ العيب).

* هل تناول لقاؤكم مع عريقات قضايا أخرى؟

ـ اللقاء تناول كامل التنسيق في الموضوع الفلسطيني.

* إلى أين ومتى ستكون محطة وصولكم العربية إلى عواصم مشرقية ومغربية؟ ـ خلال الأيام القادمة سوف أستكمل جولتي، والآن نعد لأوراق تنفيذ قرارات القمة العربية ونعد للقمة الاستثنائية.

* في ما يتعلق بفكرة رابطة الجوار العربي من أين بدأت الفكرة؟ ـ رابطة الجوار العربي حظيت باهتمام كبير جدا من التعليقات وردود الأفعال والمواقف وبمئات التعليقات الشعبية والرسمية، وكثير من الدول العربية أبلغتني تأييدها للفكرة، وفي ما يتعلق بإيران هناك بعض التحفظ على أساس أن المسألة تحتاج لبعض التروي في ما يتعلق بالحوار مع إيران، إنما ما يتعلق برابطة الجوار نفسها فهي مبادرة استراتيجية سيكون التحفظ عليها صعبا في رأيي وأجد أنه من الضروري أن نتحرك في هذا الإطار، لأنه إطار سياسة إيجابي، وسياسة مد اليد، وسياسة الانفتاح على الجوار، وهى مسائل إيجابية أن تؤدى أو تترك، ولدي إصرار على طرحها في كافة الاجتماعات الرسمية القادمة، وهي اجتماع وزراء الخارجية والقمة الاستثنائية القادم.

* متى ستقدم الورقة التفصيلية بمشروع رابطة الجوار العربي؟

ـ الورقة تعد حاليا وستقدم خلال الفترة القادمة.

* هل الرابطة ستنعكس إيجابيا على أداء العمل العربي وقراراته؟

ـ أنا لا أخترع أفكارا وإنما من خلال اطلاعي على ما يجري في العالم من حولنا، سواء القريب أو البعيد، وسياسات الجوار موجودة في كثير من التجمعات وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، ونحن طبقا لما طرحتُه نأتي بالمجموعات الأفريقية والأوروبية الأسيوية والمتوسطية لنعمل سويا، وأن تأتي تدريجيا، وأن نبدأ من الآن، لأن سياسة الجوار العربي ستعود إيجابية وستعود بالفائدة الكبرى على الدول العربية، ولا أفهم أي موقف سلبي إزاءها.

* هل تقوي هذه الرابطة من الدور العربي وتغيير الواقع السياسي في المنطقة؟

ـ طبعا.. طبعا سيكون هناك دول من القرن الأفريقي من جانب المغرب العربي والدول المتوسطية والدول الأسيوية.

* معنى ذلك أن فكرة الجوار العربي لم تأت، وسبقها إقامة منتديات تعاون بين الجامعة ودول كبرى في مختلف القارات؟

ـ أنا شخصيا بدأت بالعمل منذ أكثر من خمس سنوات من خلال إقامة المنتديات السياسية الشاملة، أي تعاون في السياسة والاقتصاد كما فعلنا مع اليابان، والذي عقد في العام الماضي وكان من أنجح الاجتماعات وتقبله اليابانيون قبولا حسنا، وتحدثنا فى السياسة، والتقيت رئيس الوزراء ووزير الخارجية، وكان هناك مئات من رجال الأعمال العرب ومئات من الطرف الثاني وتحدثوا في الاقتصاد، وكذلك الصينـ، وهو تعاون من أوسع المنتديات، والنتائج واضحة للجميع من خلال القفزة التي وصلت إليها العلاقات العربية الصينية في كل المجالات، وكذلك تركيا، بدلا من الاجتماعات المتناثرة، وأيضا قمة أميركا الجنوبية، وهذا كان اقتراح الرئيس لولا رئيس البرازيل، وكل هذه العلاقات تصب في رصيد الدول العربية، ونحن اليوم على أبواب القمة الثالثة والتي على وشك أن تعقد في بيرو خلال الربيع القادم، وكذلك التعاون مع روسيا، ومن ثم بدأت أخطط لعلاقات أفضل مع الدول المجاورة للإقليم العربي ليصبح لدينا فضاء عربي أفريقي أسيوي متوسطي.

* هل تخدم القمة العربية الأفريقية هذا الاتجاه؟ - بالتأكيد، وفي مبادرة رابطة الجوار سيكون معنا سبع دول أفريقية واثنان من أسيا واثنان متوسطان وخمس جنوب أوروبي.

* بالنسبة إلى إيران، وهو موضوع التحفظ على منطلق الرابطة، وأسأل: هل بدأت الاتصال مع إيران؟ ـ أنا على اتصال مع إيران، وهم يزورون الجامعة العربية. وإيران كدولة في المنطقة لا يصح أن ندير ظهورنا لها واعترف بوجود مشكلات من دون شك، وكذلك بعض التوترات، والأسلوب السليم أن نحاورها وسوف يأتي الوقت.

* هل بادرت إيران بالاتصال بكم بعد طرح رابطة الجوار العربي؟ - كان هناك اتصال بيني وبين وزير الخارجية الإيراني ودعاني للمشاركة في مؤتمر نزع السلاح النووي، وبالفعل الجامعة العربية اشتركت وقد أرسلت السفير وائل الأسد لدى إيران.