آلاف السياح عالقون في مصر.. واستئناف الرحلات من لبنان إلى فرنسا

خبراء: السحابة غيرت مسارها بعد وصولها إلى تركيا

TT

ألغيت عشرات الرحلات الجوية التي كان يفترض أن تقلع من مصر خلال الأيام الأخيرة بسبب إغلاق المطارات الأوروبية، مما أدى إلى تخلف آلاف السياح الذين كان يفترض أن يعودوا إلى بلادهم. وأوضح مصدر ملاحي في مطار القاهرة أن شركة مصر للطيران ألغت أمس 6 رحلات إلى أوروبا الشمالية والغربية رغم أن الأجواء المصرية لم تتأثر بالسحابة البركانية.

وتأثرت المنتجعات السياحية المطلة على البحر الأحمر وفي سيناء، كما حدث في شرم الشيخ حيث ألغيت نصف الرحلات الجوية التي كانت مقررة، حسب السلطات الملاحية في هذه المدينة. كما ألغيت 40 رحلة متجهة إلى أوروبا كان يفترض أن تقلع من مطاري الغردقة ومرسى علم على البحر الأحمر، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وقالت تقارير إعلامية أمس إن 17 ألف سائح ما زالوا عالقين في مصر بسبب إغلاق المطارات في أوروبا. غير أن رئيس غرفة شركات السياحة المصرية خالد المناوي قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «ليست لدينا تقديرات بعد لعدد السياح العالقين وطلبنا من كل الفنادق والشركات أن تبلغنا بالبيانات المتعلقة بذلك». وأضاف أنه «لا توجد مشكلات في إقامة السياح لأن الأفواج التي كان يفترض أن تحل محل السياح العالقين لم تصل إلى مصر بسبب إغلاق المطارات». وأوضح أن «بعض السياح سافروا عن طريق رحلات نظمت إلى روما ولكن بعضهم الآخر بقي».

وبدأت بعض روابط الجاليات الأجنبية في مصر في نشر نداءات لأعضائها من أجل استضافة مواطنيهم العالقين. وأعربت رابطة الفرنسيين المقيمين في مصر عن سعادتها «بالتضامن واسع النطاق» الذي أبداه أبناء الجالية والذي مكن من إقامة 50 شخصا لدى عائلات في القاهرة.

ومن لبنان، خرقت شركة الطيران الفرنسية (إير فرانس) أمس الحظر المفروض على السفر من هذا البلد إلى فرنسا بسبب الرماد البركاني، وسيرت رحلة استثنائية إلى نيس (جنوب فرنسا)، حملت على متنها 219 راكبا معظمهم من الفرنسيين الذين كانوا قد بقوا في لبنان بسبب توقف الرحلات.

وكانت سحب الرماد الناجمة عن بركان أيسلندا قد تسببت في احتجاز الكثير من المسافرين من لبنان أو عبره إلى أوروبا حيث تم نقلهم إلى فنادق في العاصمة بيروت، الأمر الذي تسبب في خسائر لشركات الطيران. وأكد رئيس قسم الطيارين في شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) أسامة بلعة، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، أن الشركة تكبدت خسائر كبيرة بسبب الرماد البركاني، إذ اضطرت منذ يوم الجمعة الماضي إلى إلغاء نحو 5 رحلات يوميا إلى أوروبا، وتوقع أن تستمر على هذه الحالة حتى منتصف الأسبوع الحالي، دون أن يؤكد ذلك وسط توقعات أن تصل موجة الرماد إلى منطقة الشرق الأوسط. وقال إنه يصعب تعويض قسم كبير من الخسائر الناتجة عن إلغاء رحلات الشركة.

ولفت إلى أن الشركة عاودت نشاطها وقد سيّرت حتى الآن 3 رحلات إلى إيطاليا كما سيرت رحلة مشتركة أمس مع «إير فرانس» إلى نيس، وسيكون للـ«MEA» رحلة ثانية إلى نيس. ولفت إلى أن التوقعات بوصول الغيمة البركانية إلى لبنان بعيدة جدا.

من جهة ثانية، شرح الأخصائي في إدارة الكوارث الطبيعية د. علي حيدر أن الغيمة البركانية لدى وصولها إلى جنوب تركيا كانت متجهة نحو الحوض الشرقي للبحر المتوسط وبالتالي إلى لبنان، ولكنها غيرت مسارها لاحقا واتجهت نحو الغرب التركي إلى إسطنبول وبالتالي احتمالات وصولها إلى لبنان انخفضت ولكنها لن تنعدم. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن تأثيرها على حركة الملاحة الجوية في المنطقة لن يكون بنفس حجم تأثيرها على أوروبا لأن كثافة الغبار داخلها ستكون أخف بعد انتشارها على مساحات واسعة، مشيرا إلى أن تأثيرها على لبنان إذا وصلت، سيكون مشابها لتأثيرها على تركيا.

صحيا، قال حيدر إن التأثير الأكبر كان يمكن أن يكون على الأشخاص الذين يعانون من مرض الربو أو ضيق التنفس في بريطانيا واسكوتلندا، ولكن رغم ذلك لم نشهد هجمة كبيرة على المستشفيات، ونصح الذي يعانون من مرض الربو في لبنان بارتداء الأقنعة أو البقاء في المنزل أو استشارة الطبيب. وعلى الصعيد البيئي، أشار إلى أن تأثيرها الأولي سيكون سلبيا، بسبب كميات ثاني أكسيد الكبريت التي توجد عادة في هذا النوع من الرماد والتي تؤذي التربة، رغم أن الدراسات أشارت إلى عدم وجوده بكثافة في هذه الغيمة، ولكنه لفت إلى تأثيرات إيجابية على المدى البعيد، بسبب احتوائها على الحديد والماغنسيوم التي تغذي التربة. وتوقع أن تؤدي الغيمة إلى تساقط الأمطار إذا كانت هناك غيوم في الجو عند وصولها، كون الغبار الناعم بشكل نواة لقطرات الماء التي تتجمع حوله، فتتكثف الغيوم وتشكل قطرات من المطر.

أما رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني مارك هيبي، فأعلن أن منطقة الشرق الأوسط تقع ضمن مسؤولية مركز تولوز للمراقبة والإرشاد بخصوص الرماد البركاني، وهو يتوقع بقاء انتشار الرماد البركاني خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة شمال تركيا (أرمينيا وأذربيجان) في حين تمتد الغيمة عموديا من الأرض وحتى ارتفاع 20 ألف قدم، فتبقى الأجواء اللبنانية في منأى عن أي خطر مباشر حاليا، بينما نترقب التطورات المستقبلية بحذر. وأشار إلى أن حركة التيارات الهوائية المتوقعة هي في الاتجاه الشمالي الغربي، أي إنها تميل إلى دفع الغيمة البركانية شمال الحوض الشرقي للمتوسط، كما أن كثافة الغيمة، يفترض بأن تكون قد اضمحلت بسبب امتزاجها التدريجي بالهواء النقي المحيط بها خلال انتقالها من منشئها وحتى مناطقنا.

وأوضح أن «كلمة رماد تخفي بعضا مما تحتوي عليه هذه الغيمة من حبيبات صلبة صغيرة من الحجارة البركانية حجمها نحو 30 ميكرومترا (30 جزءا من مليون من المتر) وما دون، وهي أجسام قاسية يمكن أن تسبب تآكلا في هيكل الطائرات وبمحركاتها، كما يمكن أن تلتصق في المناطق الحارة داخل المحركات النفاثة فتعطلها، ناهيك عن التآكل الذي قد يصيب الزجاج الأمامي لقمرة القيادة، وعن إمكانية تكسير أو إلحاق الضرر بأجهزة الاستشعار في الطائرات، كما تحتوي الغيمة البركانية على كميات كبيرة من حمض ثاني أكسيد الكبريت، الذي من شأنه أن يبقى طويلا في الأجواء، وهو مادة حمضية تعمل مياه الأمطار تدريجيا على تذويبها وسحبها من الجو وهطولها نحو الأرض».