اتهامات لأوروبا بالمبالغة في إجراءاتها الاحترازية أمام الرماد البركاني

قلة التنسيق والنتائج المطمئنة للرحلات التجريبية عززت التساؤلات

سحابة الرماد البركاني تغطي منطقة زراعية في ثورفالدسييري في أيسلندا أمس. (أ.ب)
TT

اتهمت أوروبا بالمبالغة في الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة سحابة الرماد البركاني المنبعث من أيسلندا باسم «مبدأ الاحتياط» كما حصل خلال وباء إنفلونزا الخنازير.

وجاءت شركات النقل الجوي التي قد تفوق خسائرها مليار يورو، في مقدمة المنتقدين معتبرة أن الرد مبالغ فيه. وشككت في مبررات العلماء حول خطر الجزيئات التي أدت إلى شل حركة الطيران وتعطيل مئات آلاف الركاب.

وأعلن مسؤول المنظمة الدولية للنقل الجوي (اياتا) جيوفاني بيزينياني أن «الأوروبيين ما زالوا يستعملون نظاما يقوم على نموذج نظري بدلا من اتخاذ قرار على أساس وقائع ودراسة المخاطر». وأضاف أن «قرار (إغلاق المجالات الجوية) يجب أن يقوم على أساس وقائع وتبرره دراسة المخاطر».

كما أعلن المدير العام للخطوط الجوية البريطانية (بريتش ايرويز) ويلي ولش أمس أن إغلاق المجال الجوي البريطاني «غير مفيد» وذلك بعد القيام برحلة جوية اختبارية أول من أمس تبين منها عدم وجود صعوبات. وأعلن ولش في بيان للمجموعة الجوية البريطانية أن «التحليل الذي أجريناه حتى الآن، على غرار الرحلات الجوية الاختبارية التي قامت بها شركات أخرى، يقدم أدلة جديدة تثبت أن القيود الشاملة المفروضة حاليا على المجال الجوي غير مفيدة». وأضاف «أننا نعتبر أن الشركات قادرة على تقييم كل المعلومات المتوفرة وتحديد درجة المخاطر المحدقة بالركاب والطاقم والطائرة».

كذلك، شككت شركتان ألمانيتان خلال نهاية الأسبوع في جدوى إغلاق المجال الجوي وقامتا برحلات اختبارية من دون ركاب. وقد أكدتا أن طائراتهما لم تتعرض «لأي ضرر» لدى عودتها. وأعربت أكبر جمعية شركات النقل الأوروبي وجمعية الشركات التي تدير المطارات الأحد عن غضبها. وأعلنت الجمعيتان في بيان أن «شركات النقل الجوي والمطارات تعتبر الأمن أولوية مطلقة، لكن التساؤل عن القيود المفروضة على الرحلات الجوية حاليا».

ومما زاد التساؤلات حول صحة مبررات إغلاق المجالات الجوية التي بلغت درجة غير مسبوقة منذ اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، قلة التنسيق الواضحة في رد الدول الأوروبية التي تحتفظ بسيادتها الوطنية في أجوائها.

وقررت بعض الدول مثل جمهورية التشيك ودول البلقان، إعادة فتح مجالاتها الجوية اعتبارا من أمس بينما أبقت دول أخرى على قيودها. وقال مدير «اياتا»: «إنه إرباك في أوروبا وفوضى أوروبية». وتحدث جان دومينيك جولياني رئيس مؤسسة «شومن» وهي مركز أبحاث حول القضايا الأوروبية عن «قرار ناجم عن الخوف أكثر منه عن العلم». وتساءل: «من هو المسؤول الحقيقي؟ هل هو مبدأ الاحتياط الذي يدفع إلى الخوف ويرعب أصحاب القرار وينقل المسؤولية كاملة إلى السلطة العمومية التي باتت مربكة؟».

ويثير الاستخدام المتزايد لمبدأ الاحتياط الذي يدفع السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات حظر عندما تتردد «لا سيما في مجال الصحة والبيئة» جدلا متناقضا في أوروبا منذ عدة سنوات.

وقد اتهمت الحكومات الأوروبية بالمبالغة في ردها على وباء إنفلونزا «إتش1 إن1» بالانطلاق في برامج تلقيح واسعة النطاق تبين لاحقا أنها غير ضرورية في أغلب الأحيان بما أن الفيروس أقل عدوى مما كان متوقعا. وقد واجهت الحكومات انتقادات مشابهة في الماضي بشأن التعامل مع أزمة جنون البقر أو خطر المواد المعدلة جينيا.

وفي قضية البركان الأيسلندي، تنفي السلطات الانتقادات مؤكدة أنه لا يمكن المجازفة بأي مخاطر في مجال النقل الجوي.

وأعلن باتريك قنديل رئيس المديرية العامة للطيران المدني لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية أمس: «لا أظن أننا بالغنا في اتخاذ الحيطة: نطبق طريقة قانونية لكنها أمنية قبل كل شيء».