إذاعات مقديشو حائرة بين أوامر الحكومة والمسلحين

الحكومة طالبتها باستئناف الموسيقى

TT

دعت الحكومة الانتقالية في الصومال، أمس، المحطات الإذاعية في العاصمة مقديشو، وخاصة تلك التي تتخذ مقرات في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وتوقفت عن بث الموسيقى والأغاني، إلى عدم الاستجابة لأوامر المسلحين الإسلاميين، وإعادة بث الأغاني والموسيقى فورا.

وفي مؤتمر صحافي عقده عبد الكافي هيلولي عثمان، الأمين العام لإدارة بلدية مقديشو، أمس، في مقر البلدية، هدد بإغلاق المحطة التي لا تستجيب للقرار الحكومي، من دون أن يحدد لذلك موعدا، وقال هيلولي: «ليس هناك ما يجبرهم على الرضوخ لأوامر المتمردين وهم في مناطق الحكومة، الحكومة مسؤولة عن حفظ سلامة موظفيهم، وعليهم إعادة بث الموسيقى والأناشيد الوطنية فورا، وإلا فإن الحكومة سوف تعتبر أن تلك المحطات التي تتجاهل قرارها تعمل لصالح المتمردين وستتخذ الإجراءات اللازمة ضدها». وذكر هلولي أيضا أنه لا يمكن العبث بالتراث الفني للشعب الصومالي لصالح ثقافة الجماعات الإرهابية، على حد تعبيره.

وتعليقا على هذا القرار الحكومي بإعادة بث الأغاني والموسيقى، قال مدير إحدى الإذاعات التي تأثرت بالقرار الجديد لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «إن هذا التنافس بين الحكومة والفصائل الإسلامية المعارضة من شأنه أن يعوق عمل المحطات الإذاعية المستقلة في مقديشو». وأشار المدير إلى أن ما أطلقه الأمين العام لإدارة بلدية مقديشو عبد الكافي هيلولي، يعكس مدى المنافسة الحادة بين أطراف القتال في الصومال عبر وسائل الإعلام، حيث إن كل طرف يريد أن يكون صاحب النفوذ.

وأضاف المدير الذي طلب عدم تعريف اسمه لدواع أمنية: «في الوقت الذي كان الحزب الإسلامي يهددنا بإنزال عقوبات صارمة ضدنا إذا قمنا بإعادة بث الأغاني.. فإن الحكومة دخلت في الخط نفسه، وتهددنا هي الأخرى بإغلاق المحطة التي لا تقوم بإعادة بث الأغاني الوطنية التي توقفنا عن بثها الأسبوع الماضي!.. هذا التنافس يجعل المحطات الإذاعية في العاصمة تقع بين مطرقة الفصائل الإسلامية وسندان الحكومة».

وأردف المسؤول قائلا: «أصبحنا ضحية بين أوامر هذا وذاك!.. فعلا لا أحد منا يريد أن يجلب لنفسه عقوبات أو إغلاق محطته، لكن ماذا نعمل؟! لا نعرف ما الذي يجب أن نفعله».

وذكر المسؤول أيضا أن الحكومة على الرغم من دعوتها لإعادة بث الموسيقى والأغاني، فإنها لا تقدر على ضبط الأمور حتى في المناطق التي تسيطر عليها، فضلا عن حفظ موظفي المحطات الإذاعية. وكانت المحطات الإذاعية في مقديشو قد امتثلت لقرار وقف بث الموسيقى والأغاني خوفا على سلامة موظفيها، بعد أن دعا الحزب الإسلامي المعارض إلى وقف الأغاني والموسيقى، بدعوى أنهما ليستا من تعاليم الدين الإسلامي، وأنهما ضد ثقافة المجتمع الصومالي المسلم.

وكانت المحطات في مقديشو قد لجأت بعد ذلك إلى استخدام أصوات الأعيرة النارية وأبواق السيارات وشفير الحمير وإيقاعات خبيب الفرس وقرع حوافرها كبدائل للموسيقى.

ويوجد في العاصمة مقديشو نحو 16 محطة إذاعية تبث معظمها حاليا الأخبار السياسية والرياضية والبرامج الدينية، بعد أن توقفت عن بث الموسيقى والأغاني. وتملك الحكومة الصومالية محطة إذاعية واحدة من بين هذه المحطات، وتدعى «راديو مقديشو» وهي الوحيدة التي تبث الموسيقى والأغاني. وتعتبر المحطات الإذاعية في الصومال الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا في المجتمع الصومالي، بينما تحتضر الصحف في البلاد، وتنشط أكثر من 50 محطة إذاعية في مدن الصومال المختلفة.

على صعيد آخر، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أطراف القتال في الصومال (الحكومة الانتقالية، وقوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام التي تدعم الحكومة، والفصائل الإسلامية المعارضة) بانتهاكات وتجاوزات ضد المدنيين، وقالت المنظمة في أحدث تقرير لها أصدرته أمس من العاصمة الكينية نيروبي: «إن حركة الشباب تمارس قمعا عنيفا وشنيعا بحق المدنيين، وإن مسلحي الحركة يقومون باغتيالات وممارسات غير إنسانية، على الرغم من أن مسلحي الشباب قد جلبوا المزيد من الاستقرار في عدة مناطق بجنوب البلاد لكن بثمن باهظ يدفعه السكان المحليون، ولا سيما النساء».

وأشار التقرير بشكل خاص إلى العقوبات التي يمارسها مقاتلو حركة الشباب من بتر الأعضاء والجلد التي يتعرض لها المدنيون، وأيضا إعدام أو اغتيال الأشخاص الذين يشتبه في أنهم خونة أو من مؤيدي الحكومة، ودعت المنظمة إلى إلغاء تلك العقوبات.