ميتشل يعود على عجل إلى المنطقة ويلتقي نتنياهو وأبو مازن اليوم

مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يؤكد رفض وقف البناء الاستيطاني في القدس.. ووفد أميركي في تل أبيب للتفاوض.. وباراك إلى واشنطن لإنقاذ العلاقات

TT

شهدت ساحة المفاوضات الإسرائيلية الأميركية في الأيام الأخيرة تطورات درامية، أدت في نهاية المطاف إلى وصول المبعوث الرئاسي، جورج ميتشل، إلى المنطقة. وترمي زيارته كما الزيارات الأخرى إلى استئناف المفاوضات لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويلتقي ميتشل اليوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في رام الله، بينما سيواصل لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين.

وقال صائب عريقات لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس سيلتقي ميتشل اليوم في رام الله التي عاد إليها من عمان مساء أمس لهذا الغرض، قبل أن يتوجه إلى الصين في رحلة تستغرق بضعة أيام. ورفض عريقات الخوض في تفاصيل ما سيطرحه ميتشل على الجانب الفلسطيني قائلا «سنتحدث في هذا الموضوع بعد اللقاء غدا (اليوم)»، وردا على سؤال عن أسباب الوصول المفاجئ لميتشل بعدما أعلن عن تأجيل الزيارة أسبوعا، قال «الزيارة لم تكن مفاجئة إلا في وسائل الإعلام».

وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن مسؤولين رفيعين من واشنطن يوجدان في إسرائيل، هما المستشار الكبير في البيت الأبيض دان شبيرو، ونائب ميتشل روبرت هيل، ويجريان محادثات معمقة لتسوية الأزمة. وإنه بفضل ما حققاه من تفاهمات مع نتنياهو، حضر ميتشل على عجل. وإن الصورة ستتضح خلال ساعات غير طويلة حول إمكانية استئناف المفاوضات.

وقالت مصادر إسرائيلية، أمس، إن هذه التطورات بدأت في نهاية الأسبوع قبل الماضي، عندما علمت الإدارة الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي قرر نهائيا إعطاء رد سلبي على مطلبها بوقف الاستيطان في القدس الشرقية المحتلة. فاغتاظ الأميركيون من ذلك، وهو ما أكده مكتب نتنياهو. واغتاظوا أكثر من مرافقة هذا الموقف الإسرائيلي بعملية ضغط على الرئيس الأميركي، باراك أوباما، حتى يخفف من ضغوطه على نتنياهو. وبرز في هذا المجال بشكل خاص، إيلي فيزل، الحائز لجائزة نوبل بفضل نشاطه في مطاردة بقايا ضباط الجيش النازي الألماني الهاربين في العالم. وبرز أكثر صديق نتنياهو اليهودي الأميركي رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رون لاودر، الذي هاجم الرئيس أوباما شخصيا واتهمه بأنه «يحاول استرضاء العرب والمسلمين على حساب إسرائيل».

وعاد لاودر، أمس، إلى مهاجمة أوباما بشكل شخصي مرة أخرى من خلال مقابلة مع صحيفة «دير شبيغل» الألمانية. فقال إن الرئيس الأميركي يهاجم إسرائيل ويتهمها بالتسبب في جمود عملية السلام، مع أنه يعرف أن الفلسطينيين هم الذين يرفضون العودة إلى طاولة المفاوضات. ويتجاهل حقيقة أن إسرائيل قدمت تنازلات كثيرة في سبيل إنجاح المفاوضات، فقد وافقت باسم قوى اليمين على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، ووافقت على إزالة حواجز عسكرية وجمدت الاستيطان في الضفة الغربية.

ولاودر معروف بصداقته القديمة مع نتنياهو، ففي سنة 1997 سلمه نتنياهو رسالة موجهة إلى دمشق يقترح فيها السلام مقابل الجولان. وقد أكد أن تصرفات أوباما جاءت لإرضاء المسلمين والعرب. وانتقد أوباما قائلا إنه لا يعارض في أن يقيم البيت الأبيض علاقات جدية مع العرب والمسلمين أصدقاء وحلفاء لأميركا، لكنه، أي أوباما، يريد ذلك على حساب إسرائيل.

وبالمقابل، أرسلت الإدارة الأميركية الناطقين بلسانها لدحض اتهامات نتنياهو ومبعوثيه، وراحت تسرب للصحافة تصريحات تحذيرية بل تهديدية بلغت حد التلميح بقطع المساعدات المالية. وحرصت على دفع الدبلوماسي القديم، مارتين انديك، سفير أميركا الأسبق في تل أبيب والمستشار الحالي للمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، ليدلي بتصريحات صدمت القيادة الإسرائيلية. فحذر في حديث خاص إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، من مغبة الاستمرار في الصدام مع الإدارة الأميركية. وقال «إسرائيل تتصرف كدولة عظمى، وعليها أن تدرك أنها في حالة استمرار حاجتها إلى المساعدات الأميركية المالية والعسكرية والأمنية وغيرها، عليها أن تحرص أيضا على المصالح الأميركية».

ونشرت الصحافة الإسرائيلية، أمس، تصريحا لمسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه قال فيه إن نتنياهو يتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية ويجند أميركيين ضد الرئيس وهذا أمر غير حكيم. وترافق ذلك كله مع تململ في حزب العمل، الذي يقوده وزير الدفاع، إيهود باراك. فقد أبدى وزراء الحزب غضبا من سياسة نتنياهو، وطالبوا باراك بالانسحاب من الحكومة في حالة استمرار الجمود في العملية السلمية.

وقال مصدر في قيادة حزب العمل في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه إدارة أوباما مخزية وتلحق ضررا فادحا بالعلاقات بين البلدين، وبمصالح البلدين المشتركة. وأضاف أن إسرائيل عادت إلى عزلتها بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وفي ذلك ضرر سياسي واستراتيجي واقتصادي. وأكد أن وزراء حزب العمل الأربعة هاجموا الحكومة، خلال جلستهم السرية يوم الأحد الماضي وطالبوا باراك بأن يوضح لنتنياهو أن هناك مرارة حقيقية داخل الحزب بسبب الجمود في العملية السلمية وأن هذا الحزب لا يستطيع تحمل استمرار الجمود ويدرسون بكل جدية الاقتراح على مؤسسات الحزب الانسحاب من الحكومة. وتقرر أن تعقد جلسة لكتلة حزب العمل البرلمانية، التي تجري أبحاثها علنية على عكس الكتلة الوزارية في الحكومة.

وأبلغهم باراك بأن هناك أمورا تجري في اللجنة الوزارية السباعية لا يستطيع البوح بها أمامهم في هذه المرحلة، وأن هناك نقاشات جدية مخلصة داخلها ونوايا جدية للتجاوب مع المطالب الأميركية. وأضاف أنه سيسافر إلى واشنطن ليس للتستر على سياسة نتنياهو كما يتهمونه، بل للمساعدة على تسوية القضايا الخلافية العالقة. وأكد أنه سيواصل البحث والتنسيق في القضية الإيرانية وسيعمل على دفع عملية المفاوضات، وأنه سيلتقي خلال زيارته كلا من وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع، روبرت غيتس، ورئيس مجلس الأمن القومي، جيم جونز، والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل.