كلينتون تدافع عن سياسة التواصل مع سورية.. ولا تعلق على دور طهران المحتمل

دمشق لا ترد على تهديدات فيلتمان.. وحزب الله يحذر من ضرب إيران

TT

لم يغب موضوع الصواريخ التي يزعم الإسرائيليون أن سورية سلمتها إلى حزب الله في لبنان عن اجتماع حلف شمال الأطلسي أمس في العاصمة الاستونية، طالين، إذ دافعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، عن سياسة التواصل الأميركية مع سورية رغم مخاوفها من أن تكون دمشق قد حاولت نقل صواريخ سكود إلى حزب الله في لبنان.

وفيما لم يعلق مصدر مسؤول في دمشق على ما جاء في تصريحات مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي بخصوص تحذير سورية من تهريب صواريخ سكود إلى سورية، وما قاله عن السفير السوري في واشنطن، دافعت كلينتون، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز من طالين، عن قرار إدارة أوباما بإرسال سفير أميركي إلى دمشق قائلة إنه «من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون لها سفير في دمشق». وأضافت: «هذا ليس نوعا من المكافأة للسوريين وللتصرفات التي يقومون بها وتثير قلقا عميقا. إنها أداة نعتقد أنها ستمنحنا نفوذا إضافيا وتضيف عمقا وتحليلا ومعلومات بخصوص تصرفات سورية ونواياها». وأشارت كلينتون إلى قائمة شكاوى واشنطن المتواصلة ضد دمشق التي تتضمن اتهامات باستضافتها متشددين فلسطينيين وأنها تغذي العنف في العراق. لكنها قالت إن سفيرا سيساعد في نقل الرسالة الأميركية. وأضافت: «نعتقد أن وجود سفير هناك يضيف للقدرة على نقل تلك الرسالة بقوة ونأمل في أن يؤثر في سلوك سورية».

ولوحظ أمس أن كلينتون لم تتحدث علانية عن المكان الذي ربما تكون سورية حصلت منه على صواريخ سكود كما لم تقل إنها تستطيع أن تؤكد حدوث أي تسليم صواريخ لحزب الله، إذ تجنبت الإجابة على أسئلة عما إذا كانت إيران أعطت تكنولوجيا سكود لسورية لتصل في النهاية إلى حزب الله.

وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الاستوني أورماس بايت، «عبرنا مباشرة للحكومة السورية وبأشد العبارات الممكنة عن قلقنا بشأن روايات تشير إلى أن هناك نوعا من نقل تكنولوجيا أسلحة إلى سورية بغرض محتمل وهو نقلها لاحقا إلى حزب الله».

تجدر الإشارة إلى اتهام سورية بنقل صواريخ سكود إلى حزب الله قد يهدد جهود الرئيس الأميركي باراك أوباما للتواصل دبلوماسيا مع سورية ويثير عقبات جديدة أمام إقرار مجلس الشيوخ إرسال سفير أميركي جديد إلى دمشق بعد غياب استمر خمس سنوات.

وفي دمشق أكد مصدر سوري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن شيئا لم يتغير في الموقف السوري حيال الاتهامات الإسرائيلية عما ورد في البيان الرسمي لوزارة الخارجية، ومن ثم في تصريحات وزير الخارجية وليد المعلم وتصريحات مديرة الإعلام في الوزارة بشرى كنفاني.

وأضاف المصدر المسؤول أن الموقف السوري ينفى تلك المزاعم ويشير إلى أنها مبنية فقط على التقارير الإسرائيلية. وقال: من المؤسف أن تعود الولايات المتحدة إلى طرحها مجددا وكأنها تتبناها، مع أن الجانب السوري نفاها خلال لقاءات مع مسؤولين أميركيين كانوا يطرحون هذا الموضوع على أنه «احتمال»، لافتا إلى ضرورة الالتفات إلى الدوافع الإسرائيلية الكامنة خلف تلك المزاعم. كما تم تحذير الجانب الأميركي من تبني تلك المزاعم لأن من شأن ذلك أن يزيد في فجوة ضعف الثقة بين الجانبين السوري والأميركي.

وفي بيروت تصدّرت التهديدات الإسرائيلية للبنان، على خلفية مزاعم تهريب صواريخ «سكود» من سورية إلى «حزب الله»، واجهة الأحداث وزادت من قلق اللبنانيين من احتمال تعرضهم لعدوان إسرائيلي جديد، لا سيما بعد تحذير نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير جيفري فيلتمان دمشق من عواقب هذا العمل، واعتبار كلام المسؤول الأميركي بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل لتنفيذ تهديداتها.

إلا أن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استبعد «حربا صهيونية جديدة على لبنان أو سورية»، لكنه حذر من أن أي حرب يمکن أن يقدم عليها «الكيان الصهيوني» ضد إيران لن تبقى محصورة في مكان معين بل ستشعل المنطقة بأسرها. وقال قاسم في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيرانية (أرنا) أمس «لو كانت إسرائيل جاهزة وقادرة وتعتقد بأنها يمکن أن تربح حربا في لبنان لشنتها اليوم قبل الغد لکن لأن هناك تعقيدات ميدانية لها علاقة بقدرة الردع لدى حزب الله وتعقيدات سياسية لها بتورط إسرائيل بأعمال داخل فلسطين سواء بالسيطرة على أماکن في القدس أو في التضييق على أهل الضفة أو في عدم وجود محادثات مع الفلسطينيين أو في الخلاف الإسرائيلي الأميرکي کل هذه الأمور الميدانية والعسكرية والسياسية ترينا أن احتمال الحرب في المدى المنظور مستبعد». وأکد في الوقت نفسه أن «حزب الله يتعامل مع الخطر الصهيوني على أنه خطر قائم وهو يبني جهوزيته بصورة دائمة لأي احتمال». وأعلن أن «أي حماقة إسرائيلية ضد إيران يمکن أن تشعل المنطقة فالمسألة ليست عادية وبالتالي لا تبقى محصورة، ولکن ليس لدي تصور نهائي لوضع المنطقة آنذاك فهذا الأمر مربوط بشکل الاعتداء وتوقيته ومساحته وهذه أمور سابقة لأوانها». ورأى أن اتهامات بعض اللبنانيين لحزب الله بأنه «حزب إيراني» هي «محاولة لإبعاد الناس عن حزب الله وإثارة شكوك واتهامات حوله لإرباكه»، موضحا أن «علاقة حزب الله بإيران هي علاقة مع الولي الفقيه وهو المرجع الديني الذي يحدد الاتجاه العام للسياسات التي يجب إتباعها على مستوى الأمة، ونحن من هذه الأمة، لذا ارتباطنا بالولي الفقيه هو ارتباط ديني له علاقة باعتقادنا بأننا إذا عملنا بالتوجهات العامة التي يرسمها نکون قد قمنا بتكليفنا الشرعي».

وبدوره أعلن مسؤول الإعلام في حزب الله إبراهيم الموسوي أن «المقاومة تؤكد دائما أنها تسعى لزيادة تجهيزها عددا وعتادا»، معتبرا أن «من حق المقاومة أن تتسلح لمواجهة الاحتلال وردع أي اعتداء، أما كشف نوعية السلاح أمر خارج عن النقاش».

وحول ما يثار عن وصول صواريخ سكود لحزب الله قال «إن حزب الله يتبع سياسة الغموض البنّاء ولسنا مضطرين لكشف أي شيء للعدو». مشيرا إلى «أن هناك معادلة جديدة أكدها قائد الجيش (العماد جان قهوجي) من الجنوب وهي أن لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته جاهز لمواجهة أي اعتداء»، معتبرا أن «الحملة على حزب الله وسورية مجرد فبركة تهويلية».وأعلن الموسوي أن قراءة حزب الله تقول إن «إسرائيل ليست بإطار تنفيذ هجوم قريب على لبنان ولكن هذا لا يعني إلا نتحضر لعدوان إسرائيلي»، لافتا إلى أن «إسرائيل ستدفع أثمانا باهظة نتيجة أي عدوان».