الأزمة الإيرانية تهيمن على اجتماع نيويورك «النووي»

باريس أشارت إلى أن فشل اللقاء سيعني نهاية معاهدة منع الانتشار

TT

تعقد نحو 190 دولة في نيويورك اجتماعا الاثنين المقبل، لمراجعة حاسمة لمعاهدة عدم انتشار السلاح النووي، يرجح أن تهيمن عليه الأزمة النووية الإيرانية، وقضية إقامة منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي، فيما توقعت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» نتائج متواضعة في هذا الشأن.

وسيترأس الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وفد بلاده إلى الاجتماع، لكنه ينتظر تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة ليتوجه إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حسبما ذكر مسؤولون. وكشف الرئيس الأميركي باراك أوباما عن سلسلة من مبادرات الحد من التسلح حتى مع إصرار إيران على رفضها وقف نشاطاتها النووية التي دفعت الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات عليها ثلاث مرات.

وينتظر أن يثير مشروع إقامة شرق أوسط خال من السلاح النووي جدالا واسعا، على خلفية استفحال البرنامج النووي الإيراني واحتمال فرض سلة عقوبات مالية واقتصادية إضافية قريبا على طهران عبر قرار من مجلس الأمن الدولي يجري التفاوض بشأنه حاليا بين الدول الست (الخمس الدائمة العضوية وألمانيا). وقالت مصادر فرنسية رفيعة إن «الملف الإيراني يشكل أخطر اختبار لقيمة معاهدة منع انتشار النووي العسكري» التي وصفتها بأنها «أحد أهم أسس الأمن الجماعي» معتبرة أن الفشل بشأنه «سيعني نهاية المعاهدة». ومن المنتظر أن يدفع حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعمال المؤتمر نحو الربط بين الملف الإيراني وبين مشروع الشرق الأوسط الخالي من الأسلحة النووية. غير أن مؤشرات برزت وهي تدل على مقاربات مختلفة أهمها اثنتان: الأولى تقول إن تحقيق تقدم بخصوص مشروع الشرق الأوسط الذي تم إقراره في مؤتمر عام 1995 والتذكير به والعودة إليه بمناسبة كل المؤتمرات التي تنعقد دوريا كل خمس سنوات سيسهم في تسوية الملف الإيراني. وتقول المقاربة الثانية إن النجاح في إيجاد حل للملف الإيراني سيساعد على تنفيذ مشروع الشرق الأوسط.

وأعلن سفير مصر لدى الأمم المتحدة أول من أمس أن «نجاح التعاطي مع الملف الإيراني مربوط بالنجاحات التي يمكن أن نحققها من أجل إقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط» في إشارة ضمنية إلى الترسانة النووية الإسرائيلية، علما أن إسرائيل لم توقع على معاهدة منع الانتشار، وبالتالي لن تحضر مؤتمر نيويورك. وبالمقابل، قالت المصادر الفرنسية المعنية إن «حل الأزمة الإيرانية يسهم في تحقيق هذا الهدف» ما يعني أن الأولوية اليوم هي النووي الإيراني وطريقة التعامل مع هذا الملف الساخن قبل الوصول إلى ملف الشرق الأوسط.

ولا تتوقع باريس اختراقات كبيرة بشأن الشرق الأوسط بسبب التعقيدات الكبرى والعوامل العديدة التي تؤثر عليه، ولكن بشكل خاص بسبب الترسانة النووية الإسرائيلية. وقالت المصادر الفرنسية إن المؤتمر سيخرج بنداء إلى انضمام الدول التي لم توقع بعد على معاهدة عدم الانتشار، وهي إسرائيل والهند وباكستان وكلها دول نووية. وسيسعى المؤتمر، بحسب باريس، إلى إقرار «تدابير ثقة» التي هي كناية عن «خطوات صغيرة» بين الأطراف ضمن خطة تغطي السنوات الخمس الفاصلة عن المؤتمر القادم.

وإلى ذلك، تعتبر فرنسا أن ثمة رابطا بين إيجاد حل للنزاع العربي - الإسرائيلي وبين تحقيق الهدف المنشود. ومن الأفكار المطروحة تشكيل لجنة خاصة بالشرق الأوسط تنكب على دراسة الضمانات ودور الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطرح إمكانية التعاون بشأن النووي المدني في المنطقة. وبالنظر إلى التعارض القائم بين العرب من جهة وإسرائيل من جهة، وبسبب تعقيدات الملف الإيراني لا يتوقع أن يخرج المؤتمر بتدابير «ثورية» بخصوص الشرق الأوسط بل سيعيد التأكيد على الهدف البعيد مع دعوة الأطراف إلى تنفيذ تدابير الثقة.

وستدور أعمال مؤتمر نيويورك على 3 محاور هي: نزع السلاح النووي (الموجود)، ومحاربة انتشار السلاح النووي، وأخيرا تطوير النووي المدني مع توفير كل الضمانات الخاصة بعدم الانتشار وسلامة المنشآت والوقود النووي. وترى باريس أن 3 نقاط أساسية يجب تحقيق تقدم بشأنها في موضوع محاربة الانتشار، وهي: تشديد شروط الخروج من المعاهدة، وإيجاد حل لموضوع توفير الوقود النووي من غير زيادة عدد الدول التي تعمد إلى تخصيب اليورانيوم، وأخيرا المصادقة على البروتوكول الإضافي.

وبشأن الموضوع الأول، تريد باريس أن يعمد المؤتمر إلى «توضيح» شروط الخروج من المعاهدة والنتائج المترتبة على ذلك على الدولة الخارجة، علما أن المعاهدة تعطي الأعضاء الموقعين إمكانية الخروج منها.