بيروت تنتخب مجلسها البلدي ومخاتيرها بإقبال متواضع على صناديق الاقتراع

إشاعات ولوائح مزورة وقرصنة للاتصالات والمواقع الإلكترونية

TT

بدا رئيس لائحة وحدة بيروت المرشح لرئاسة بلدية العاصمة اللبنانية، بلال حمد، منفعلا وهو يدعو «كل بيروتي إلى التصويت لمن سيحمل وجعه ومعاناته ويحافظ على خط الرئيس الراحل رفيق الحريري، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري». كلام حمد كان لحث الناخبين على التوجه إلى صناديق الاقتراع بعد مشاركة ضعيفة لم تتجاوز نسبتها 10% حتى ظهر أمس الأحد.

بدورها شددت تصريحات نواب كتلة المستقبل في بيروت على استنهاض همة الناخبين الذين سيطر عليهم الخمول طوال ساعات الصباح إلى ما بعد ظهر أمس. وأشار هؤلاء إلى أن عدم الاقتراع يؤدي حتما إلى القضاء على المناصفة بين المسلمين والمسحيين التي تؤمنها لائحة وحدة بيروت، والتي تضم إلى جانب رئيسها، بلال حمد، بشرى عيتاني، ومحمد دوغان، وعبد الحفيظ غلاييني، ومروان شهاب، وندى يموت، وعصام برغوث، وسامر سوبرة، ومنيب ناصر الدين، و أرام ماليان، وخليل شقير، وعماد بيضون، وجورج الخوري، وعليا فرح، ونديم قسطه، وخليل برمانه، وجورج دي بسترس، وإيلي حاصباني، ونديم أبو رزق، وجوزف روفايل، ورشيد أشقر، وسرج جوخداريان، وهاغوب ترزيان، وفادي شحرور.

لائحتان غير مكتملتين نافستا «وحدة بيروت» ولم تضما إلا مرشحين سنة. الأولى جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش) وتضم يحيى الطبش، ومحمد مشاقة، وغسان رخا، وأحمد قدورة. أما اللائحة الثانية فتحمل اسم البيارتة وتمثل «المعارضة السنية»، التي طالب حزب الله والتيار الوطني الحر بتمثيلها، وتضم غسان سوبرة، ويوسف خالد الداعوق، ومحمد علي سنو، وزياد نجا، وعدنان الحكيم، ومحمود أسيالا.

وكان الإقبال مخيبا لآمال القوى المتنافسة، ولم تتجاوز نسبته قبل 3 ساعات من موعد إقفال صناديق الاقتراع 15% في أحسن الأحوال، مع توقع أن ترتفع نسبة المشاركة مع اقتراب موعد إقفال مكاتب الاقتراع نحو 30% من أصل 450840 ناخبا في محافظة بيروت (وهم يشكلون 62.13% من ناخبي لبنان)، لانتخاب أعضاء بلدية واحدة مؤلفة من 24 عضوا من أصل 94 مرشحا و102 مختار لدوائر بيروت الثلاث من أصل 231 مرشحا بعد فوز 6 مخاتير في ميناء الحصن بالتزكية.

ولم تفرق النسبة المتدنية للمقترعين بين بلديات ومخاتير، الأمر الذي دفع رئيس تكتل التغيير والإصلاح والتيار الوطني الحر النائب ميشال عون إلى التذكير بأنه دعا للمقاطعة في البلديات والمشاركة في الاختيارية مبديا خوفه من كثافة مفاجئة عندما يتم تدخل المال بصورة أقوى.

ودعا عون من المعترضين على واقع بيروت البلدي إلى اعتبار المرشحين «قمصانا يجب تجربتها لاختيار الأنسب»، لذا فالمطلوب الاقتراع وتغيير الواقع والنزول إلى الساحة.

وكانت معلومات قد ترددت منذ صباح أمس مفادها أن التيار الوطني الحر وحزب الله سيصوّتان إلى جانب المعارضة السنّية في بيروت، انطلاقا من أن «الدعوة للمقاطعة كانت ترشيحا وليست تصويتا»، كما أوضح المنسق العام للتيار، بيار رفول، في تصريح له.

ودعا التيار «جميع الناشطين الذين يرغبون في المساعدة في انتخابات بيروت التوجه إلى سنتر ميرنا الشالوحي - سن الفيل حيث تنتظرهم سيارات لتقلّهم إلى بيروت».

وكان النائب جان أوغاسبيان من كتلة نواب المستقبل قد حذر من أن «هناك أحزابا لم تقاطع كما قالت، وهي تنتخب اليوم للائحة غير لائحة وحدة بيروت، إضافة إلى اللوائح الملغومة».

وأشار إلى أن «الفريق الآخر تحضّر للأمر»، وقال: «إنهم يرتدون قمصان لائحتنا ويوزعون لوائح مزورة على الناخبين». والهدف، وفق نواب بيروت، هو القضاء على المناصفة وإظهار العاصمة وكأنها تسعى إلى تمثيل سني خالص.

التزوير لم يقتصر على اللوائح والمندوبين، إنما طال شبكة الاتصالات. فقد تلقى أهالي بيروت ليلة الانتخابات رسائل هاتفية باسم المرشح بلال حمد ترشدهم إلى مراكز اقتراع مزورة، مما يؤدي إلى تشويشهم وعرقلتهم. وقد استدعى الأمر تدخلا سريعا من الماكينة الانتخابية للائحة وحدة بيروت لتوضيح التزوير وتحذير الناخبين.

بدورها اخترقت بعض المواقع الإلكترونية العائدة إلى تيار المستقبل وجمهوره، وذلك بغية التجييش الطائفي بعبارات تدعو إلى الاكتفاء بانتخاب المرشحين السنة. وانتقلت حملة التجييش من المواقع المخترقة إلى الشارع وتبناها التيار الوطني الحر ليسارع الناطقون باسمه إلى المطالبة بالمحافظة على حقوق المسيحيين من خلال تقسيم بيروت.

وفاقت ظاهرة انتشار اللوائح الملغومة ما كانت عليه في أي عملية اقتراع سابقة. ومعظم هذه اللوائح اكتفى «مصدروها» بأسماء المرشحين السنة، الأمر الذي دفع المقترعين إلى التدقيق في كل اسم وارد فيها. وغلب التسابق على المخترة التنافس على المقاعد البلدية، والسبب لا يتعلق فقط بالاستفتاء الذي طرحه عون شعارا، إنما لأن المختار يشكل مفتاحا للانتخابات النيابية في منطقته، الأمر الذي تخطط له القوى السياسية تحضيرا للانتخابات المقبلة في 2013، بالإضافة إلى المردود المالي الجيد الذي تؤمنه المخترة من خلال الحصول مجانا على طوابع رسمية بقيمة 25 مليون ليرة لبنانية (نحو 17 ألف دولار). ربما لهذا السبب تحولت الأرصفة في أماكن قريبة من مراكز الاقتراع إلى مكاتب انتخابية اختيارية، حيث وضع عدد من الكراسي وطاولة مع مظلة لاتقاء حرارة الشمس، وتم توزيع لوائح المرشحين للمارة، مع تسجيل وجود هؤلاء المرشحين على الطرق ليتحادثوا مع ناخبيهم ويشجعوهم على الاقتراع لصالحهم.

وفي الشوارع توزع عناصر الماكينة الانتخابية للائحة وحدة بيروت بقمصانهم البيضاء في كل مكان، وسعوا إلى التقرب من الناخبين المصبوغة أصابعهم باللون الأزرق ليسألوهم عن مجريات عملية الاقتراع داخل المراكز. وخطفت الماكينة الانتخابية لجمعية المشاريع الأنظار مع اعتماد عناصرها اللون الأصفر الفاقع، وبثت مكاتبها الانتخابية أغنيات حماسية. أما لائحة البيارتة فلم تسجل حضورا كثيفا، كذلك لم يسجل حضور كثيف لمندوبي المرشحين المنفردين.

وكان على هؤلاء بذل مزيد من الجهد قياسا إلى مندوبي اللوائح. وقد تولى هذه العملية أفراد عائلة المرشح المنفرد، كما كانت الحال مع شقيق المرشح عن المعقد الاختياري في دائرة الباشورة، عباس زواوي. فقد كان شقيقه يستوقف المارة ليقنعهم بانتخاب عباس، ويتبادل معهم بعض الأحاديث.

وبقي الأمن في بيروت مستقرا، ولم تسجل أي أحداث تذكر، في حين أعلنت وزارة الداخلية أن 20 ألف عنصر أمني يشاركون في تأمين العملية الانتخابية.

وكانت الوزارة أصدرت أمرا يقضي بإقفال الملاهي الليلية بدءا من منتصف ليل السبت، الذي يسبق كل مرحلة انتخابية وحتى إقفال صناديق الاقتراع.