أبو الغيط وسليمان في الخرطوم.. والبشير يحتج بشدة لاستضافة القاهرة لزعيم متمرد

مصر تستضيف مؤتمرا للوحدة.. والجامعة العربية تسعى لعقد مؤتمر جوبا 2 بالبحرين

الرئيس البشير خلال استقباله وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان مدير المخابرات في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

أكدت الحكومة المصرية، أمس، موقفها الثابت من وحدة السودان الذي سيشهد استفتاء في جنوبه مطلع العام القادم لتحديد مصير الإقليم بين البقاء ضمن حدود السودان، أو الانفصال وتكوين دولة جديدة. وأجرى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والوزير عمر سليمان مدير المخابرات مباحثات في الخرطوم، والتقيا الرئيس السوداني عمر البشير، قبل أن يجري محادثات أخرى في جوبا عاصمة الجنوب، مع رئيس حكومة الإقليم سلفا كير.

وقال أبو الغيط في تصريحات له في الخرطوم بعد لقائه الرئيس البشير في مقر إقامته إنه سلّم رسالة من الرئيس حسني مبارك إلى البشير تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك خاصة قضية الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب مطلع العام القادم، والخلافات مع دول حوض النيل إلى جانب قضية دارفور، وأضاف «أكدنا موقف مصر الداعم والثابت لوحدة السودان»، مشيرا إلى أن زيارته للخرطوم وجوبا تهدف لتقديم تهنئة القاهرة للشعب السوداني والرئيس البشير بإجراء الانتخابات التي وصفها بأنها كانت نزيهة وشفافة، وقال إنه سيقدم تهنئة مماثلة إلى سلفا كير في جوبا. كما أشار إلى أنه جاء لمناقشة قضية الوحدة والانفصال لجنوب السودان في الاستفتاء على تقرير المصير.

وأشار أبو الغيط إلى وجود تطابق في وجهات النظر بين بلاده والسودان في اتفاقية مياه النيل التي تشهد خلافا بين دول الحوض التسع، وقال إن «هناك مساع لزيادة واردات مياه النهر من المياه المهدرة»، وجدد موقف بلاده بدعم العملية التفاوضية في دارفور عبر المنبر الحالي في الدوحة، داعيا الطرفين – الحكومة السودانية والحركات المسلحة في الإقليم – إلى التطبيق الكامل للاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في الدوحة في فبراير (شباط) الماضي، وقال «ندعو الأطراف للتنفيذ الكامل للاتفاق الإطاري بشفافية».

وقال أبو الغيط بعد لقائه سلفا كير في جوبا إن بلاده اقترحت استضافة مؤتمر لدعم الوحدة يجمع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في القاهرة. وأضاف أن الاجتماعات واللقاءات ستكون مستمرة إلى جانب دعم مشاريع تنموية تقدمها القاهرة في الفترة القليلة القادمة لتحقيق وحدة السودان، لكنه أكد احترام القاهرة لخيار الجنوبيين في الاستفتاء.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن البشير احتج بغضب خلال لقائه الوزير المصري لاستضافة بلاده رئيس حركة العدل والمساواة، دكتور خليل إبراهيم، المتمردة في دارفور، ما اعتبرته المصادر بوادر أزمة بين البلدين، غير أن أبو الغيط قلل من شأن المسألة، وقال للصحافيين في جوبا ردا على سؤال حول الموضوع، إن استضافة زعيم العدل والمساواة ووفده هذه الأيام تأتي في إطار حل أزمة دارفور والوصول إلى سلام.

من جهة أخرى يبدأ فريق عالي المستوى برئاسة الرئيس الجنوب أفريقي السابق تابو امبيكى اليوم مباحثات مع المسؤولين في الحكومة السودانية في إطار تنفيذ قرارات قمة أبوجا لمجلس السلم والأمن الأفريقي التي انعقدت العام الماضي. وقال السفير إبراهيم أحمد عبد الكريم مدير إدارة الاتحاد الأفريقي بوزارة الخارجية في تصريحات إن المباحثات ستناول سير اتفاق السلام الشامل وتطورات الوضع في دارفور، واصفا الزيارة بأنها مهمة.

إلى ذلك قالت جامعة الدول العربية إنها تسعى لعقد مؤتمر «جوبا 2» لإعادة إعمار جنوب السودان، لكنها لم تحدد موعدا لعقد ذلك الاجتماع، وأشارت في تصريحات على لسان السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن مملكة البحرين ستستضيف مؤتمر «جوبا 2»، وبدا أن الجامعة تسعى مع حكومة جنوب السودان لتسويق فرص الاستثمار عربيا، بالانتقال إلى مناطق رءوس الأموال لعرض تلك الفرص على المستثمرين. وتحظى تحركات الجامعة العربية في هذا الشأن بدعم مصري، فضلا عن تحركات القاهرة الهادفة إلى تحقيق استقرار جنوب السودان.

وتشارك الجامعة العربية بوفد يرأسه ابن حلي في مؤتمر يعقد حاليا في إثيوبيا، ويبحث في سبل دعم السودان بعد انتهاء الانتخابات العامة هناك، بحضور وزراء خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ودول جوار السودان والمنظمات الدولية المعنية بالسودان وهي الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيجاد ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

وقال ابن حلي للصحافيين «سنعمل مع المنظمات المشاركة في الاجتماع على إنجاح الاستفتاء على وحدة السودان في إطار جعل الوحدة جاذبة، ولكن الجامعة العربية سوف تحترم إرادة السودانيين». وأضاف «أن الجامعة العربية ستعمل بالتنسيق مع كل المنظمات المعنية التي ستحضر هذا الاجتماع من أجل الحفاظ على وحدة السودان وإنجاح هذا الاستفتاء، والتعبير بكل أمانة عن أصوات الجنوبيين».

وأشار إلى أن الاستحقاق يهم كل السودانيين ليس الجنوب فقط، والكل يرى أن سودانا قويا موحدا يقوي أفريقيا، والعكس صحيح، فالسودان مقسم يضعف أفريقيا ويؤثر على استقرار المنطقة كلها وخاصة دول جوار السودان. وأضاف أن هناك جهودا من أجل استكمال المصالحة بين الشمال والجنوب، خاصة فيما يتعلق بالملفات العالقة مثل ترسيم الحدود، ومشكلة أبيي، والتنفيذ الأمين للاتفاقيات.

وقال ابن حلي «إن الاجتماع يسعى لمناقشة سبل مساعدة السودانيين بعد الانتخابات الأخيرة»، مشيرا إلى أن هناك اهتماما دوليا بالاجتماع الذي يحضره المبعوث الأميركي سكوت غريشن. وأوضح ابن حلي أن الاجتماع يناقش أيضا موضوع دارفور والتطورات الإيجابية التي يلاحظها الجميع سواء ما يتعلق بإعادة الإعمار أو توفير الأمن والأمان لأهل دارفور، وحقوق الإنسان واحترامه، وتوفير كل وسائل الدعم سواء على المستوى العربي أو الدولي.

وكانت الجامعة العربية قد عقدت المؤتمر العربي للاستثمار والتنمية بجنوب السودان في جوبا نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، أكد فيه الأمين العام للجامعة عمرو موسى التزام الجامعة بدعم التنمية والاستقرار في جنوب السودان، فيما رحب سلفا كير النائب الأول للرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب، بالاستثمار العربي، مؤكدا رغبة الجنوبيين في مشاركة العرب في تنمية بلادهم، وأشار إلى أن مساحة الجنوب تعادل 3 أرباع مساحة كينيا وأوغندا معا أو بولندا والمجر ورومانيا معا، وقال «عندما تولت الحركة الشعبية حكم الجنوب لم يكن هناك كيلومتر واحد من الطرق المرصوفة ليربط مناطقه أو يربطه بشمال السودان أو الدول المجاورة»، معتبرا أن انعقاد المؤتمر في جوبا يمثل فرصة لاستكشاف إمكانيات العمل معا لتعويض الفرص الضائعة والوقت الذي ضاع في الحرب.