واشنطن تحذر تل أبيب من العودة لهدم البيوت في القدس

في رسالة من الخارجية الأميركية إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية

رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض يستعد لاطلاق بالون ضخم احتفالا باكبر كوفية فلسطينية قرب قبر الرئيس الراحل ياسر عرفات برام الله امس (إ ب أ)
TT

وجهت الإدارة الأميركية تحذيرا وصف بالصارم للحكومة الإسرائيلية من مغبة العودة إلى سياسة هدم بيوت فلسطينية في القدس الشرقية المحتلة بحجة البناء غير المرخص. وقالت إن مثل هذا الهدم سيشعل النار في القدس ويخرب عملية السلام. وهددت «أي طرف يخرب محادثات التقريب غير المباشرة بالرد الحازم وتحمل كامل المسؤولية عن فعلته».

وجاء التحذير في رسالة من وزارة الخارجية الأميركية إلى جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية، وذلك ردا على تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي في حكومته، إسحاق أهرونوفتش وكذلك وزيرا الداخلية إيلي يشاي من حزب شاس وأفيغدور ليبرمان من حزب إسرائيل بيتنا. فقد قال نتنياهو، خلال الاحتفالات باحتلال القدس الشرقية وضمها إلى إسرائيل بقانون تعسفي، الليلة قبل الماضية، إن حكومته بنت وستواصل البناء في جميع أحياء القدس لأن هذا البناء يرمز إلى الارتباط الوشائجي بين اليهود وعاصمتهم التاريخية. وأما أهرونوفتش فقال خلال رد على استجواب برلماني إنه كان يؤيد تجميد هدم البيوت في القدس الشرقية نتيجة لظروف سياسية في الماضي، و«لكن هذه الظروف تغيرت وبالإمكان العودة إلى هدم البيوت المبنية بلا تراخيص من يوم غد» وأما ليبرمان فقال إن إسرائيل لم تعِد بوقف الاستيطان، وقال يشاي الذي أثار قراره بناء 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، إن إسرائيل لن تجمد البناء في القدس.

وقال البيان الأميركي إن محادثات التقريب غير المباشرة، التي انطلقت في مطلع الأسبوع بإدارة المبعوث الرئاسي الأميركي، السيناتور جورج ميتشل، فتحت طاقة من الأمل نحو نجاح مسار التفاوض، والولايات المتحدة لن تسمح بمحو هذا الأمل بجرة قلم. وأضاف «وكما أعلن ميتشل سابقا، فإننا لن نكل في هذه المهمة. وسنعلن عمن يعرقل هذه المفاوضات ونشير إليه صراحة على أنه يتحمل المسؤولية كاملة وسنرد عليه كما يجب». ودعا الطرفين إلى الامتناع عن تخريب عملية السلام والظهور بالمسؤولية التي جعلت الإدارة الأميركية تمتدح بسببها لدى النجاح في إطلاق المفاوضات.

يذكر أن آخر مرة تم فيها هدم بيوت فلسطينية في القدس الشرقية، كان في أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية. ففي حينه هدم بيتان بعد ساعات من وصول وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إلى إسرائيل. فاعتبرت الهدم استفزازا لها ولإدارة الرئيس باراك أوباما. وقبل أن يتحول الموضوع إلى أزمة، كما حصل لاحقا خلال زيارة نائب الرئيس جو بايدن، قررت الحكومة تجميد أوامر هدم البيوت وأبلغت قرارها للوزيرة الأميركية.

ويرى المراقبون في إسرائيل أن الرد الأميركي السريع والحازم على تصريحات نتنياهو ووزرائه، يشير إلى أن واشنطن لا تنوي التساهل في الموضوع. ولكن مسؤولا سياسيا من المعارضة الإسرائيلية الليبرالية قال إن نتنياهو لن يستسلم بسهولة للموقف الأميركي وسيجرب مرة أخرى امتحان إدارة أوباما ومدى جديتها «وسيكلفنا ذلك ثمنا باهظا».

يشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تقيم منذ يومين احتفالات ضخمة بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال القدس، شارك فيها الليلة قبل الماضية نحو 100 ألف شخص. وبدا نتنياهو مزهوا أمامهم، فراح يتبجح عن «توحيد المدينة إلى الأبد كعاصمة لإسرائيل ولإسرائيل وحدها». ويقول «عمليات البناء والتطوير والتنمية في القدس الموحدة ستستمر. فلا يمكن تحقيق التطور والازدهار في مدينة مقسمة إلى جزأين». وأضاف «يوم القدس هذا هو عيد قومي، يمثل اليوم الذي بدأت فيه المدينة بالتطور لمصلحة كافة ساكنيها من اليهود والعرب معا». وقال «أبدا لن نسمح بأن تعود مدينة أورشليم لتكون مدينة مكتئبة وحزينة ومقسمة»، معتبرا أن الاعتراف بما وصفه بأنه «حق الشعب اليهودي في العيش في بلده وعاصمته، هو مفتاح السلام وليس العقبة في وجه السلام. وعلى الذين يدعون أن القدس هي لب مشكلة السلام أن يذكروا أن المدينة كانت مقسمة في الماضي ولم يكن هناك سلام آنذاك».

ورد على نتنياهو النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، الدكتور أحمد الطيبي، فقال إن «من يتحدث عن وحدة القدس يكذب. فكل من يعرف المدينة يعرف أنها مقسمة وأن القدس الشرقية هي مدينة محتلة تمارس إسرائيل فيها نظام حكم قمعي عنصري وشبه عسكري».

كما خرج بضع عشرات من نشطاء السلام اليهود يتظاهرون ضد «كذبة توحيد المدينة»، مطالبين بالكف عن تمجيد الاحتلال «الذي دمر شعبنا أخلاقيا وسياسيا وسيدمرنا في كل المجالات الأخرى لاحقا». ورفعوا شعارات تقول «لا قدسية لمدينة محتلة».

ووصل متظاهرو السلام إلى حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، وهناك انتظرتهم قوات من الشرطة فطلبت منهم التفرق بدعوى التشويش على صلوات المستوطنين الذين احتلوا عمارة فندق شيبرد وقذفوا بالعائلات الفلسطينية التي تعيش فيها إلى الشارع. ثم اعتدت قوات الشرطة عليهم واعتقلت منهم اثنين.